الردّ الإيراني: ليلة الرعب وتوازن الردع

صبري الرابحي
2024 / 4 / 19

إنتظر الفلسطينيون أكثر من مائة وتسعين ليلة ليستكينوا إلى نومة مؤقتة عن هدير طائرات العدو فوق رؤوس الغزاويين، تعلقت رقاب ساكنة الضفة الغربية بأنوار مبهجة لصواريخ ومسيّرات لن تسفك دمائهم في غزة، بل كانت أبابيل على قتلة كل العصور.
-ليلة الرعب:
لقد كان الرد الايراني على إستهداف مصالحه وقياداته ومقراته متوقعا جداً لكن أغلب اختلافات المحللين تمحورت حول التوقيت، ففي حين رجح كثيرون تمادي إيران في تفكيرها بعقل بارد في ردّ الإعتبار والثأر لإستهدافها المباشر، توقع كثيرون أن لا يتأخر هذا الردّ رغم إكراهات توسّع النزاع وتغيّر المراكز.
هذا الردّ شكّل على ما يبدو ليلة الرعب التي لا نظنها مسبوقة في الكيان من حيث دخوله في مواجهة مباشرة مع عدوّ إستراتيجي ذو وزن إقليمي مهم وخاصة لاعب ثانوي في عملية طوفان الأقصى.
إيران الغاضبة بدت أكثر حرصاً على إستعراض مظلوميتها من خلال تصريحات بعثتها إلى الأمم المتحدة لتحصر هذه المواجهة في حدود ردّ الفعل مؤكدة على قابلية الانخراط في المواجهة المتوازنة إذا ما إفتضت الحاجة وبالتالي نجحت إيران في كشف نوايا التهدئة لديها لقطع الطريق على مسارات توسع دائرة النزاع وإكتفت بفرض توازن الردع لا غير.
-توازن الردع:
لا يمكن الحديث عن توازن الردع دون تحقيق أدنى مستويات توازن الرعب وهو ما عملت عليه إيران تقريباً منذ دخولها في مسار مغلق لتطوير قدراتها النووية منذ سنة 2005 رغم الكلفة الباهضة لمشروعها من حيث الإنفاق والعقوبات الاقتصادية.
هذا التركيز على التسلح النوعي جعل عداوة الغرب والقوى الإمبريالية تتحول إلى عداوة حذرة منها خاصة بعد تواتر الأخبار عن تقدمها الباهر في مشروعها النووي وهو ما جعل من التحليل السليم يفضي إلى أنها تحولت إلى قوة إستراتيجية معتبرة في المنطقة تهدد الكيان الصهيوني والمصالح الأمريكية في المنطقة وهو ما خلق توازن الرعب من جديد وأفضى إلى قدرات للردع تستعرضها إيران كلما تم تهديد مصالحها.
-المعادلة الإيرانية في المنطقة:
لم يعد يخفى على أحد أن إيران أصبحت تظهر بمظهر المارد القومي القوي في المنطقة الذي يحسن المناورة وإدارة الصراع بذهنية أباطرة الحرب الباردة.
الجميع يعلم نفوذ إيران في العراق وسوريا وجنوب لبنان إضافة إلى تشعّب علاقاتها مع الحوثيين في اليمن فضلاً عن علاقاتها الوطيدة مع فصائل المقاومة في غزة وأدوارها المحورية في عملية طوفان الأقصى.
بالمنطق البراغماتي تستفيد إيران من الصراعات الدائرة في المنطقة لتجعل منها الحديقة الخلفية لكفاحها ضد القوى الإمبريالية لكن الظاهر أن الهدف الإيراني يتجاوز ذلك بأشواط كبيرة حيث أن المشروع الإيراني يقوم على رسم نظام عالمي جديد وبالتالي تتحول الصراعات الدائرة في المنطقة إلى أرضية خصبة لتحاول إيران قلب المعادلة وتحجيم السيطرة التاريخية لأمريكا وحلفائها على المنطقة وفرض واقع أن إيران موجودة في المنطقة وأنها لن تسمح بتواصل الهيمنة الغربية على الشرق الأوسط لتصل إلى فك عزلتها الجغرافية وتتحرر من الحصار المضروب عليها.
الأكيد أن الردّ الإيراني سينتج عنه تحولات جذرية هامة والأوكد أن توازن الردع سيجعل من المنطقة صفيحاً ساخناً لمواجهات عدة مؤجلة، لكن المهم في كل ذلك أن ينام الفلسطينيون فوق أرضهم وأن لا يزاحم هويتهم وتجذرهم قنابل العدوّ.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي