30 مارس ذكرى يوم الأرض/ تغريدة عزف فلسطينيّ منفرد

الطايع الهراغي
2024 / 3 / 29

"وفي صخب المشاعر التي كانت تجتاحني أحسست بأنّني مرتبط أكثر بهذه الأرض التي أمشي عليها".
(غسّان كنفاني)
"ويطردني الجند عن باب بيتي
وأرجو حياتي بموتي
وناري تشبّ بزيتي
وصمتي يزلزل صمتي "
(سميح القاسم)

01/ هنـا باقـون
30 مارس 1976، شهر آذار بتقويم موغل في فلسطينيّته، يكفر ببذاخة عنتريّات- إن وُجدت- ما قتلت يوما ذبابة. الأرض عروس والحلم فارسها في الغرام. صرخة من أعماق الأرض في أطول فصل من فصول إلياذة العرب المغدورة:المقاومة في طبعتها الفلسطينيّة غير المحرّفة.ملحمة طفولة فلسطينيّة بعذابات فلسطينيّة وأحلام فلسطينيّة وأشجان فلسطينيّة.التحام الدّم ووحدته(في الدّاخل وفي الشّتات).انتفاضة مثلّث الدّفاع عن الأرض (دير حنّا وعرابة وسخنين) برفض تهويد الأرض وتقنين مصادرتها. عندما تتوحّد الجذور في التحام أبديّ مع جراحات الأرض وخدوشها فتستعصي على القلع وتصير منه في منعة ينزف الزّيتون دما. لمّا يصير الفتى حجرا،ساعتها يكفّ البرتقال في أرض يافا الفلسطينيّة عن أن يكون حزينا. تمطر الأحجار أجمل بيانات المقاومة :"الثّورة الفسطينيّة قامت لتحقيق المستحيل لا الممكن"(الحكيم جورج حبش).
أجمل ما في أيّام عرب الدّاخل(عرب 1948 وقد باتوا أقلّيّة في بلد هو بلدهم) وأكثر البطولات دراميّة وخصبا منذ اهتدى الفلسطينيّ بعد حلّه وترحاله في رحلة المسافات الطّويلة وفي مآسيها الأكثر طولا وتمطّطا إلى أن لا حلّ إلاّ أن يحتلّ جزءا من وطن هو وطنه، مادامت جملة من خروقات التّاريخ قد تظافرت ليكون محتلاّ. في وطنه - لمّا تخلّت عنه كلّ آلهة السّماء وخاتله من انتصب باسمها في الأرض خليفة وداعيىة- صار لزاما عليه،لكي يكون له وطن،أن يتدبّر لنفسه منفى. فكان.
ومن يومها بات متاحا له أن ينام ويصحو على الأحلام وأن يشكّل الحلم كيفما يرتئيه أحلى من كلّ الأحلام وأزهى.
ثأر من وحشيّة التّاريخ وصلفه وعربدته.انتقام من أيّام النّحس .تغريدة فلسطينيّة هي بكلّ المقاييس نسيج وحدها.نشاز يدرك جيّدا أنّه يجدّف ضدّ التّيّار ويعي أنّه لا يملك من خيار غير أن يجاري العناد ما دام قدره أن يقوّم ويقاوم كلّ اعوجاج. حفر في سراديب التّاريخ وإصلاح لما لطّخه من أخطاء وما علق به من أدران.
في حرب التّدمير التي يخوضها ضدّه أغراب وأعراب من بني جلدته وتريد أن تفتك بذاكرته لتذريرها وتصحيرها يحتمي الفلسطينيّ- لكيّ لا تتحوّل أرضه المحتلّة إلى مجرّد ذكرى بعيدة- بكلّ ما احتفظت به الذّاكرة من أدقّ التّفاصيل، بها يتحصّن من ويلات الهجرة وقهر التّهجير وبها يتدثّر من آفة النّسيان،وفي البال أن يجعل من هول المأساة ملحمة تسرد وقائع عرس الدّم الفلسطينيّ. يتناسى ما كان قرّر في لحظات صحوه ووعيه الأقصى أن يتناساه وبه ألزم نفسه.فكان عليه أن ينتقيه بكلّ ما يجب من الدّقّة المتناهية والحذر المدروس لكي يكون على يقين أنّه ضمن كيف يراوغ"أولاد الحلال" فلا ينسى ما يراد له أن ينساه. حكاية الأرض المتمرّدة على عهر الزّمان ووقاحته وغدره، وعلى صلف الأيّام وغبنها وقبحها. لحن غجريّ كُتب عليه أن يقوّم الاعوجاج الأرعن بمقاومته ومحاربة ما تمّ ترتيبه عمدا ليكون كما يجب أن يكون المروق. تغريدةُ شرودٌ،هي الشّرود وقد انتصب مكتملا، تغازل أكثر اللّحظات إشراقا وأروعها توهّجا.لحن هو التّرجمة الدرّاميّة لعشق صوفيّ لموّال فلسطينيّ فريد ومنفرد،محكوم عليه أن يبحث عن فلسطين بأن يرحل منها إليها وفيها،وهو يتعقّب أثر خطى نعل الشّهيد. يستدلّ عليها بعناد "عروس يافا" دلال المغربي (هذه التي قال عنها شاعر غزّة معين بسيسو لمّا سُئِل عن القصيدة التّي أرهقته ولم يكتبها بعدُ وتمنّى أن يحبّرها :"كتبتها الشّهيدة دلال المغربي(1958/ 1978) لمّا وطئت بقدميها شواطئ فلسطين") وما حبّرته في وصيّتها لرفاقها قبل تنفيذ عملية فدائيّة عرِفت باسم عمليّة" كمال عدوان" :"استقلاليّة القرار الفلسطينيّ تحميه بنادق الثوّار المستمرّة لكلّ الفصائل".ّوفي ما تضمّنته وصيّة الشّهيدة سناء يوسف المحيدلي (1968/ 1985)من طلب(هو في الآن ذاته أمنيّة)على غاية من البساطة بقدر ما هو مشحون بأكثر الدّلالات رمزيّة : فقط أن يطلقوا عليها اسم "عروس الجنوب".كذلك أرادت.فكانت.وظلّت للجنوب(وشمال الجنوب وجنوب الجنوب)عروسا ولفلسطين حكاية. حكاية لا تنتهي لقدّيس فلسطينيّ في زيّ مقاتل،عِشقه لـ"أرض البرتقال الحزين"ضرب من عبادة لا تنتهي.
يوم الأرض حدث يحتفل به سنويّا كلّ أحرار العالم.احتفالٌ لعلّه أن يكون بعضا من تكفير عن ذنب لإنسانيّة تنشد خلاصا ما وبعضا من وخز ضمير عن تخاذل في حقّ أعدل القضايا وأنبلها وأقدسها وأكثرها مأساويّة.ولكنّه في السّرديّة الفلسطينيّة يكتسي، منذ تصالحت منظومات الحكم (العربيّة اسما والعبريّة هوى وممارسة) مع التّطبيع ومع الهزائم وفكر الهزائم،بعدا دراميّا وعته بعض القيادات منذ بداية تبلور مشروع المقاومة لمّا شدّدت على أنّ الصّراع مع آلة الدّمار الصّهيونيّة صراع من نوع خاصّ،أوّل بند في رحلة منعرجاته الطّويلة ودروبه الأشدّ التواء إثبات الحقّ في الحياة.عنه يقول حكيم الثّورة جورج حبش "إنّ النّضال ضدّ المشروع الصّهيونيّ قد يستمرّ مائة عام أو أكثر. فعلى قصيري النّفس أن يتنحّوا جانبا.".
الاحتفال بيوم الأرض دامٍ أو لا يكون. دراميّ بالتّعريف.ذلك هو قانون العصر. حكم عليه التّاريخ أن لا يكون إلاّ في شكل احتجاجيّ كردّ مكثّف على حرب دمار مكثّفة تخاض ضدّ الذّاكرة -الفرديّة والجماعيّة- لسحلها وترويضها على التّطبيع مع ما فرِض فرضا بلوي عنق التّاريخ وقلب ماهيّته،ويراد للفلسطينيّ أن يتمثله على أنّه الحقيقة الوحيدة الباقية. الأمر لا يتعلّق بمجرّد احتلال قد يقصر وقد يطول،ولكنّه إن عاجلا أو آجلا يؤول إلى زوال، بل بتهويد واستيطان واستبدال شعب بشعب عبر التّزوير والاستيلاء على التّاريخ،تورّطت فيه أنظمة عربيّة المولد عبريّة الميول والأهواء، سلوكها خير تطبيقة لقول الشّاعر عمران بن حِطّان"أسد عليّ وفي الحروب نعامة"،أنظمة سكنها العجز والعِيّ فباتت لا تهزّها الحميّة حتّى لمجرّد الدّفاع عن جلدها كما يُفترض أن تمليه عليها غريزة حبّ البقاء.انتظر منها العرب أن تكون للفسطينيّين خلاصا ولهم سندا. فكانت عليهم نقمة ولعنة وباتت عليهم عبئا .أنظمة، تخاذلها وعمالتها قلّ نظيرها في التّاريخ قديمه وحديثه.
القَصص الجميل ليس له أن ينتهي."أحيانا يحسب المرء أنّ قصّة ما انتهت فإذا بها تبدأ"(غسّان كنفاني).تلك هي حكاية الأرض في فلسطين الفلسطينيّة.حكاية يستحيل فصل بداياتها وتمييزها عن نهاياتها. تبدأ ساعة يذهب في ظنّ العالم أنّها انتهت.رحلةٌ كلّ بداية فيها محكومة بأن تؤسّس لبداية أكثر دراميّة.كلّما تشعّبت الثّنايا وزادت بعادا زادت المخيّلة منها اقترابا.في لحظة ما تبدو الأرض المحتّلة أكثر حرّيّة وتحرّرا من كلّ بقاع الدّنيا.

02/ ما يرسمه الدّم لا يموت
لسبب ما- سيكون دوما في غنى عن كلّ تفسير،الإلمام بتفاصيله أمر ثانويّ قد يقلّل من قيمته ويهجّن وجاهته- تأبى القضايا التي يكتبها الدّم على جداريّة الزّمن ويرسم حيثيّاتها أن تموت،ترفض الحكايا التي تسرد سيرة الشّهداء أن تنتهي، تخاتل الموت، تراوغه فتستعصي على الفناء.لا حاجة لها بمعجزة.فهي ذاتها كلّ المعجزة. وأيّة غرابة وشلاّلات الدّماء ما تنفكّ تطلب ثأرا تحوّل إلى قضيّة يتوارث حمل رايتها جيل عن جيل؟؟.فيكون أن يقسو التّاريخ ويحكم باليتم على من لا يمتلك ذاكرة عليها يتّكئ ليحصي ما توالد من الخيبات وفيها يحفر ما استطاع القلب أن يسترقه ممّا انفلت من بعض النّجاحات. في يوم الأرض،يوم العرس الفلسطينيّ الدّامي، يكتمل شهر آذار.تتجمّل الأرض وتستكمل دورتها.ينبلج الأفق .تنفتح آفاق وتزهر.تستعيد الأيّام رونق طفولتها الأولى وحلاوة شقاوتها. تتزاحم الصّور.تتهادى وتتسابق. تقتحم ثنايا الذّاكرة فتلتهب. يتكوّر الجرح على الجرح فيندمل ولا يترك لنفسه متّسعا من الوقت ليئنّ .يحتضنه فيهفو في حنين أخّاذ إلى" عروس المدائن".يذّاكر الجرح مع الجرح عسر الأيّام ويراقص بريق الأحلام.
في آخر آذار كان لا بدّ أن تزلزل الأرض زلزالها.تضع أثقالها وأحمالها.ترتّل قرآنها،آيات بيّنات. لا مكان فيها لناسخ ولا لمنسوخ. فقط قول على قول يحلّق في الأفق ويرتسم كأنّه مستقيم في محال .
لمّا يخطر للأرض أن تلتحف بأشجانها وتستحضر عذاباتها وسجّل أيّام عشّاقها، تسبّح باسم قوافل شهدائها وتهذي ويحلو لها أن تستمرّ في هذيانها يتحتّم عليها أن تقول في ما تقول: دعوهم في تيههم يحرقون المراكب ويلوكون سافل الكلام وركيك الأحاجي. فللأرض موعد واعد لفرح دائم ووعيدُ غضب ساطع. يتواعد الشّهداء، وليس لك أن تسأل كيف تواعدوا، فللشّهيد طقوس لا تكشف كنهها لسواه. يتوافدون صفّا صفّا.لمّا ينفتح القبر يبتسم اللّحد. تورق الورود وتزهر. الشّهيد ينحني يقبّل الشّهيد. يتنافس وإيّاه في استحضار كل ّ الأسماء وكلّ الألقاب،التواءات الأزقّة، جنون الأحياء العتيقة، وما عليه المآذن من حزن والكنائس من وجوم.عربدات الطّفولة المجنونة،لوعة الأمّ وهي تودّع فقيدها بابتسامة فرح حزين.وهو إليها يزفّ الفرحة. شعاره: من جزمة صنعنا وسنصنع أفقا. رسمنا خطّ الفصل بين الحبّ والجفاء.على موعد كنّا وعلى موعد يجب أن نظلّ.نحتلّ بعضا من أرض،هي في الأصل أرضنا. منها نتسلّل إلى عمق أرضنا.نقيم عليها خيمة أجمل من كلّ الخيام وأبهى. فيها يتواعد من خذله وعر الدّروب من العشّاق والأرامل واليتامى وعابري السّبيل إلى أن تضع الأرض أوزارها ويعود الزّمن إلى دورته الأولى. في لحظة أجلّ من كلّ اللّحظات وأكثر رهبة يترجّل التّاريخ ليستريح من أتعابه على راحة مدينة بالأحلام مسيّجة وبالألغام تحتمي لتحرس أسوارها من غدر الأيّام وغوائل الزّمان،لا يعرف اليأس إليها سبيلا.
منذ البدء كان اسمها أرض السّلام .وكان عليها أن تظلّ دهرا تناشد سلاما محمولا على فوهة بندقية توارثها صبيّ عن صبيّ ينمو مع كلّ طلقة ويتوسّدها عندما ينال منه التّعب. يناجيها لمّا تعتريه بعض الشّكّوك وتداهمه الهواجس ويحيط به سيل الخيبات وتحاصر الشّكوك القاتلة عذابات يقينه. ذات يوم، مع مطلع فجر بسّام ليوم صبوح، قرّر الرّبّ أن تنتهي مهمّته بكلّ إتقان، أقام أعمدة العرش. وفي اليوم السّابع من ذات الأسبوع على العرش استوى.اعتقد أنّه استراح وإلى الأبد. فكان ما كان ممّا أهملته الهوامش وضاع بين المتون .
ذات يوم من أيّام النّحس الأوّل أدرك الرّبّ أنّ الخيام-على خلاف ما أرادته عنايته- لا تتشابه، وأنّ خيمة عن خيمة تفرق. خيام الأمراء كلّها خواء كأرض قاحلة شمطاء، بالعار ملطّخة، وقاحتها رعناء مستفزّة. خيام اللاّجئين يسيّجها الحزن ومن الجهات الأربعة يحاصرها ويسكنها التّردّد والوجوم.فأنّى لها أن تكون كخيام الفدائيّين نضارة وكبرياء؟؟فتوجّب عليه- وهو القادر على أن يقول للشّيء كن فيكون.- أن يتسلّل إلى خيمة من الخيام يبحث له عن مكان آمن في مأمن ممّن به يدّعون وصلا وباسمه يسلبون ما كان وعد به نفرا من خلقه. في السّابع من أكتوبر في عام أراده نفر من الفلسطينيّين أن يكون مختلفا عن سابقيه،في لحظة استباق فارقة واستعجال مقصود،وبدون سابق إنذار،
أبصرت الشّهداء إلى "ميدان التّحرير" يسرعون الخطى.على عجلة من أمرهم يسابقون الريح، يستجلبون الأعاصير ويرتلون في تناغم آسر نشيد الحياة:
"إذا ما طمحت إلى غاية // ركبت المنى ونسيت الحذر"
" إذا طمحت للحياة النّفوس// فلا بدّ أن يستجيب القدر" .
في فجر ذات اليوم استوى فلسطينيّ من غزّة الأبيّة على عرش التّاريخ وأعلن في القبائل انبلاج صبح جديد من صباحات زمن النّفير،زمن العزّة. أوقف عجلة التّاريخ وراح يسجّل في لوح محفوظ أنشودة العصر،أنشودة الأناشيد:
وحدي/ وما كان يمكن إلاّ أن أكون وحدي/ كما لم أكن يوما وحدي/ أقبض على ذاكرتي وحدي/أحمي ظلّي بظلّي وأنحت قدري لوحدي/ وأكتب وحدي دفاتر أيّامي/ أدسّها في تراب أرض ما كانت يوما أرضي وحدي/ وأرتّل حلما كنت دوما أدافع عنه وحدي/ ويأبى أن يكون حلما لي وحدي. في صبيحة السّابع من أكتوبر خطرت لحنظلة خاطرة.تذكّر أنّه أطال الانتظار وأنّ عليه أن يستعجل العودة،أن يكبر في زمن قياسيّ،أن يسابق الزّمن،أن لا يظلّ طفلا في العاشرة كما حكم عليه ناجي العليّ،ذاك المهووس بفلسطين من الماء إلى الماء.

03/ وآخــر الكــلام
آخر الكلام رجع صدى لأوّل الكلام.
"أين هي الأرض غير المحتلّة في الكون؟ وأين هي الأرض المحتلّة في الثّورة؟"/(محمود درويش).
"هذه المرأة تلد الأولاد فيصيروا فلسطينيّين. هي تخلف وفلسطين تأخذ."/( غسّان كنفاني).
"تعبت من الرّحيل إلى الرّحيل ومن وطن يموت بلا وطن" /(سميح القاسم)
"أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر"/( ناجي العليّ)
" ما الذي دفع شخصا لعبور نصف الكرة الأرضيّة للقيام بهذه المهمّة الخطيرة(خطف الطّائرات)؟؟"/ ليلى خالد في حديثها عن رفيقها باتريك أرغيلو.
يوم الأرض، فلسطين. كذلك كان اسمها وكذلك يجب أن يظلّ. يتعاظم الحبّ ويتراجع الحزن. فلا شيء أروع من وهم يبدّد كلّ الأوهام ليصبح فيه الحلم هو الحقيقة الوحيدة الممكنة.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي