نحن والعرب كنا إخوة وجيران

بير رستم
2024 / 3 / 15

لكن للأسف أصبحتم أداة قتل بيد تركيا!
ربما يكون العنوان صادماً للكثيرين من الأخوات والأخوة المتابعين لي ولكتاباتي وخاصةً إنني أحاول قدر الإمكان الابتعاد عن التعصب بكل أشكالها الدينية المذهبية أو العرقية الأثنية وحتى الإقليمية والعشائرية وكذلك الحزبية، وأحاول قدر الإمكان أن أكون موضوعياً مستقلاً في كتاباتي، مع أن ذاك صعب في زمن الاستقطابات الفئوية الجهوية، لكن كما قلت؛ إنني أحاول قدر الإمكان أن أكون غير متعصب في توجهاتي وكتاباتي، وبالأخص مع الأخوة العرب والذي بيننا “عشرة عمر”، كما يقال وذلك من خلال الجيرة والصداقات الطفولية العديدة في جنديرس؛ البلدة التي نشأت وعشت أغلب سنوات حياتي بها، أو من خلال الدراسة والتعليم وبعدها التأثير الثقافي، والأهم؛ لم يجمعنا نحن الكرد والعرب من قيم ثقافية ومصالح سياسية في هذه المرحلة لنكون على وفاق واتفاق لمواجهة كل من المشاريع التركية والإيرانية بالمنطقة، وقد سبق وقلت؛ أطالب بمحور سياسي جديد يجمع الكرد والعرب ولتكن بقيادة سعودية أو على الأقل يجمع المحور السعودي، المصري، الإماراتي، الكردستاني وذلك لمواجهة كل من محوري تركيا وإيران، وبذلك نخلق توازن سياسي للحفاظ على مصالحنا نحن الكرد والعرب في مواجهة كل من مخططات ومشاريع تركيا التي تحاول الاستثمار في الملفين؛ الإسلامي السني والتركي العثماني، أو لم تسميها بمجموع الدول الناطقة بالتركية، وذلك مقابل إيران والتي بدورها تحاول الاستثمار في الإسلام الشيعي بنكهة وثقافة فارسية طبعاً! وهكذا فإن من مصلحة كل من الكرد والعرب أن يكون لهم محور آخر موازن بقيادة تلك الدول إو إحداها مثل السعودية.

نعم كنا وما زلنا نطمح لعلاقات طيبة مع الإخوة العرب في المنطقة عموماً، ليس لأن ليس هناك من دماء وقتلى، وبالأخص في الجانب الكردي، أرتكب من قبل الطرف العربي، وذلك كما يذهب البعض بالقول بها حيث نعلم جميعاً الدماء التي جرت على يد العرب المسلمين عندما غزو كردستان في زمن عمر وما تلاه من خلفاء وأمراء وحتى في الأزمنة الحديثة حيث مجازر صدام والأنفال بحق شعبنا في جنوب كردستان وكذلك العديد من الانتهاكات بحق كرد سوريا من قبل نظام البعث الأسدي في سوريا، ومؤخراً مجازر د1عش بحق شعبنا إن كانت في شنكال مع الأخوة الأيزيديين أو في كوباني وسري كانية وحتى من قبل ممن يسمون أنفسهم ب”الجيش الوطني أو الحر سابقاً” حيث أٌرتكب -وما زال- بيدهم العديد من الانتهاكات والجرائم ضد شعبنا في المناطق التي أحتلتها مؤخراً بمساعد الجيش التركي.. نعم رغم كل تلك الانتهاكات كنا نقول؛ بأننا نحن والعرب أخوة وجيران ولنا مصالح مشتركة، أو بالأحرى مصالحنا تتطلب من الطرفين التوافق والعمل معاً، لكن وللأسف فإن الأحداث تؤكد؛ بأن الكثيرين من الأخوة العرب يفكرون بطريقة “الفاتح والغازي” لجغرافية كردستان، بل يتم استخدامهم من قبل أطراف وقوى إقليمية ودولية ضد الكرد وقضاياهم السياسية وسأورد بعض تلك الانتهاكات التي حدثت في هذه الفترة الأخيرة للكشف عن عقلية الانسان العربي عموماً تجاه الكرد ومناطقهم وقضاياهم الوطنية الكردستانية.

إن المثال الساطع، كما قلنا قبل قليل، كانت مع عقلية الأنظمة العربية المستبدة وبالتحديد النظامين البعثيين في سوريا والعراق حيث الاعتقال والتعسف وحتى الجرائم والإبادات بحق الكرد مثل الأنفال وهلبجة “حلبجة” حيث راح فيها أكثر من مائة وثمانون ألف قام بها النظام البعثي العراقي وطاغيتها صدام حسين، ناهيكم عن حرمان شعبنا في سوريا والعراق من حقوقه وذلك من خلال اغتصاب جزأين من كردستان الحق بهما نتيجة سياسات تقسيمية استعمارية من سايكس بيكو إلى لوزان وغيرهما! وهكذا وبعد تفجير أو انفجار الأوضاع في المنطقة وبما عرف ب”الربيع العربي” أو بالأحرى الخريف العربي و”ثوراتها الاخوانية الإسلامية” واستبشار الكثيرين منا بقرب ساعة الخلاص من الأنظمة الديكتاتورية تفاجأنا؛ بأن القادم سيكون أسوأ من تلك الأنظمة المستبدة القوموية حيث مع “الجديد القديم” من خلال هذه الحركات الإسلامية الجهادية سيكون التزاوج بين الفاشيتين القومية والدينية، وذلك على غرار التجربة التركية بنسختها الأردوغانية حيث تحالف حزب العدالة والتنمية الإسلامي مع أقصى اليمين القومي التركي حزب الأمة التركي؛ أي تزاوج الفاشيتين القومية والدينية، كما قلنا، وهو الأسوأ حيث يجمع كل المتعصبين والمتشددين والإرهابيين في تكتل سياسي واحد ضد الكرد والقوى الليبرالية الديمقراطية، وهو أخطر بكثير من الأنظمة القوموية؛ مثل الكمالية التركية وحزب الشعب الذي يمثل ذاك الفكر حالياً في تركيا أو من أنظمة بعثية أسدية، صدامية حيث الاعتماد فقط على القومجيين وبذلك يكون أضعف حالاً من حالة التزاوج الفاشي الديني القومي.

لكن الأخطر من كل ما سبق بخصوص الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت بيد عدد من القوى والفصائل العربية بحق الكرد في عدد من المناطق الكردية تكشف بأن المشكلة ليس في هذا أو ذاك النظام الاستبدادي، بل في الذهنية العربية التي ما زالت تفكر بطريقة الغزو والاغارة بطريقة قبلية بدوية على الآخرين لسلب واغتنام ممتلكاتهم ونسائهم وأموالهم وهو ما يكشف عن حجم الكارثة وبذلك وجدنا جرائم وانتهاكات ما يسمى ب”الجيش الحر” وإماراتهم العشائرية والقبلية الإسلامية هي أسوأ بكثير من جرائم الأنظمة الديكتاتورية وبذلك أنكشف الوجه الحقيقي لما تسمى بالمعارضة والثورة حيث وبمقارنة بسيطة تأكد للكردي؛ بأن تلك الأنظمة المستبدة هي “أرحم” بكثير من هؤلاء الهمج السلفيين الغزاة وخاصة بعد عدد من الجرائم والانتهاكات بحق الكرد ومناطقهم، وذلك بالرغم من أن شعبنا لم يقم بأي اعتداء ضدهم وضد مناطقهم، وفقط سأكتفي بالأمثلة الثلاث التالية، وذلك للاستدلال على ما طرحناه فيما سبق من ذهنية الاعتداء لدى المكون العربي، والموروث من عقلية الغزو والهمجية القبلية، وإليكم الأمثلة الثلاث؛ قامت القبائل والعشائر العربية مع د1عش بالهجوم على مناطق شنكال وأعتدوا على أعراض الكرد الأيزيديين وسبوا من النساء، بعد أن قتلوا من الشباب والرجال من قتل، وسلب كل الأموال كغنيمة حرب مع سبي النساء والأطفال.. أما في الجانب السوري فقد قام ما يسمى ب”الجيش الحر” مع القبائل العربية هناك بالهجوم على سري كانية، وبعدها قامت د1عش مع “عرب الشيوخ” وعدد من القبائل العربية الأخرى بالهجوم على كوباني، وذلك بالرغم من كل الجيرة حيث لم تردعهم تلك الحرمة في الجيرة، مثلهم مثل القبائل العربية في الجانب العراقي وذلك عندما هجموا على شنكال حيث أراد هؤلاء أيضاً الفتك بشعبنا بعد جرائم قتل وإبادة بحق الكرد في كوباني.

وآخراً وليس أخيراً؛ قضية “شاحنة القتلى” في عفرين والتي يتاجر بها الكثيرين بالقول: إن الكرد قاموا ب”التمثيل بجثث الجيش الحر الذين قتلهم في عين دقنة”، لكن هؤلاء لا يسألون أنفسهم؛ لم قتل هؤلاء أساساً في عين دقنة، بل من جلبهم من حمص وريفها لأقصى الشمال السوري ليحاربوا الكرد وأهل عفرين، فهل الكرد ذهبوا لمناطقهم وقتلهم ومن ثم جلبهم ليعرض جثثهم في شوارع عفرين، مع إدانتنا لذاك الفعل وقد سبق وأشرت وكتبت عن الموضوع، بل وصل الأمر بأن الإدارة الذاتية وحينها كتبت بيان واعتذرت عن تلك الصور وطريقة نقلها للجثث على شاحنة، لكن السؤال نعيده ونكرره؛ هل الكرد هم من ذهبوا لحمص وريفها لقتال وقتل أولئك وجلب جثثهم لعفرين، أم هؤلاء هم من جاؤوا من وسط سوريا لشمالها لمحاربة الكرد والإدارة الذاتية، ثم هل كان بشار الأسد يختبأ في جبال كرداغ ليأتي هؤلاء ويسقطوا النظام في عفرين، ولذلك أما كان حرياً بهم الذهاب إلى جبال العلويين وهي الأقرب لهم من المجيء لجبال الكرد “كرداغ”، مع أن شعبنا في عفرين كان قد أستقبل أيام الإدارة الذاتية عشرات الآلاف من الأخوة العرب الذين تهجروا من محافظتي حلب وإدلب باتجاه عفرين وذلك عندما كان يقصفهم النظام بالبراميل المتفجرة، وبالتالي وفقط لهذا السبب كان حرياً بمن كان يسمي نفسه ب”الجيش الحر” أن ينأى بنفسه عن مهاجمة من يحمي أهله من المدنيين، ولكن وللأسف فإن المال السحت، المال السياسي والارتزاق لدى قطر وتركيا هي التي دفعت بهم لمحاربة الكرد والإدارة الذاتية، ولذلك كفوا عن “تلاوة مزاميركم الثورية” علينا وكلنا يعلم حجم كذبكم ونفاقكم ومتاجرتكم بالسياسة وعمالتكم للاخوان وقطر وتركيا؛ ثالوث الإرهاب في الشرق الأوسط وبالأخص ضد الكرد.. نعم أنتم بتم أسوأ من الأنظمة القومجية المستبدة وبات لكم وظيفة واحدة تشغلكم التركي بها وبأموال قطرية؛ ألا وهي محاربة الكرد وكردستان.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي