|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
نقوس المهدي
2024 / 1 / 19
"...... أيها الناس: ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإنى مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ، ولم يكلم موسى تكليماً، تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيرا !!! " .
بهذا الكلام إختتم خالد بن عبدالله القسرى والي الكوفة خطبته لعيد الأضحى، قبل أن ينزل من فوق المنبر، ويتوجه نحو " الجعد " الذى كان مكبلا، ليجز رقبته بسيفه على مرأى من الذين حضروا صلاة العيد من عام مائة وأربع وعشرون من الهجرة( 15 / 10 / 742 من الميلاد ) .
وكان كل ذنبه أنه أعمل عقله فى النصوص الدينية، ورفض منها كل مالم يستسغه عقله، وانضاف الى القائمة الطويلة من شهداء الرأي، ولعل ابرزهم سقراط، والحلاج، وعماد الدين نسيمي، وبشار بن برد، وابن تيمية، والسهروردي المقتول، وحسين مروة، وفرج فودة، ومهدي عامل، وصبحي الصالح، والجهم بن صفوان تلميذ الجعد وغيرهم .
وان دل هذا على شئ فانما يدل على ظلامية الفكر الغيبي والتطرف الديني، وذم العقل، والمعاملة السيئة التي يقابل بها اهل الفكر المتنور على مر العصور والازمنة .
وقد نشا الجعد في خراسان واقام بدمشق، وكان مؤدبا لمروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية؛ والذي سمي بمروان الحمار، ويعد من العلماء العقلانيين الذين شيدوا اراءهم على الشك المعرفي، وعلى المام كبير بعلوم الكلام والفلسفة الإسلامية، ومن أقواله رفض نسب الصفات إلى الله حتى لا يشبهه بالإنسان؛ وقيل انه رأى إن الله ليس على العرش حقيقة؛ وأن معنى استوى استولى، وأنكر أن يكون قد اتخذ إبراهيم خليلا، أو كلم موسى تكليما، مما اتخذه القسري ذريعة لنحره بتلك الطريقة الهمجية .
واما بالنسبة لخالد بن عبد الله القسري قد حبس وصودرت ممتلكات واعدم بدوره بامر من الخليفة الأموى الوليد بن يزيد بن عبدالملك، يقول عنه العلامة ابن خلدون " فدفعه إلى يوسف فألبسه عباءة وحمله على غير وطاء وعذبه عذاباً شديداً وهو لا يكلمه. ثم حمله إلى الكوفة فاشتد في عذابه ثم قتله ودفنه في عباءة يقال إنه قتله بشيء وضعه على وجهه وقيل وضع على رجليه الأعواد وقام عليها الرجال حتى تكسرت قدماه."