|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
رحيم فرحان صدام
2024 / 1 / 13
ذكر ابن عساكر رواية عن الشعبي تتحدث عن معجزة جبل حراء الذي اهتز - على وفق الرواية- فكلمه النبي فثبت اذ قال ابن عساكر ما نصه :" عن عامر الشعبي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :( اسكن حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ) قيل يا أبا عمرو من حدثك بهذا قال إني لأحسبني قال سمعت كذا في الأصل قال ومن منهم قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن وأنتم تقولون ما تقولون قلت يا أبا عمرو فإني لست منهم." (1)
الحديث موضوع والا فأين موضع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من هؤلاء ؟ ! فلا هم صديقين ولا شهداء بل ماتوا حتف انوفهم، والحديث لم يرد عن الشعبي في المصادر المبكرة .
ويعلق الأستاذ جورج طرابيشي (1939 - 2016م)، على الرواية أخرى لها نفس المضمون بما نصه : " ولكن ابن كثير – مدفوعا في ارجح الظن بنزعته السنية السلفية المتطرفة – لا يذكر من تلك النبوءات سوى تلك التي تكرس خلافة الثلاثة الأوائل دون الرابع ، علي بن ابي طالب ، ومن هذه النبوءات ما جاء على لسان انس بن مالك في صحيح البخاري : ( أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَعِدَ أُحُدًا ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَان)(2) – اذا كان الغائب الكبير عن المعجزات النبوية في الادبيات السنية -ولنستذكر كيف جند ابن كثير كل طاقاته النقدية لينفي حدوث المعجزة النبوية الوحيدة التي كان مدارها على علي : معجزة رد الشمس بعد مغيبها – فلنا ان نتوقع ان يكون هو الحاضر الكبير في الادبيات الشيعية عنها . والواقع ان المقارنة بين هذه الادبيات وتلك تقدم الدليل ليس فقط على ان حدود العقل الديني تقف عند حدود العقول الدينية الأخرى ، كما في مثال الديانات التوحيدية الثلاث التي يكاد يكون شغلها الشاغل تكذيب بعضها بعضا ، بل كذلك الدليل على ان حدود العقل الديني الواحد تقف أيضا عند حدود كل طائفة من طوائفه التي تعتمد بدورها استراتيجية التكذيب المتبادل . بل نستطيع ان نذهب الى ابعد من ذلك فنقول : لئن يكون العقل الديني هو أقل العقول الكونية عقلانية ، فان المقارنة نفسها تبيح أن نستنج أن العقل الطائفي هو بدوره أقل العقول الدينية عقلانية . (3)
وقد وردت رواية أخرى عند الشيعة عن أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) بصيغة أخرى : " وافى رسول الله (صلى الله عليه وآلة وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) بين يديه وصعدا جبل حراء فلما دارا في دورة الجبل اهتز الجبل وماج ففزع أبو سفيان ومن معه وتباعدوا من الجبل وقالوا: قد كفينا مؤونة محمد وقد قذفه حراء وقد قطعه، فاطلبوا من حول الجبل فسمعوا النبي (صلى الله عليه وآلة وسلم) وهو يقول أسكن يا حراء فما عليك الا نبي ووصي "(4) .
نلاحظ ان هذه الرواية تمارس نفس الامر الذي كانت مارسه ، بصدد معجزة حراء في الرواية السنية. فكما كانت هذه الأخيرة استحضرت الصديق والشهيدين واستبعدت الشهيد الثالث عليا عليه السلام ، كذلك استبعدت الرواية الشيعية الثلاثة معا واستحضرت مع النبي (الوصي) وحده . مما يدل على ان هذه الروايتين موضوعتين لغرض الصراع المذهبي .
ينظر :
(1) ابن عساكر، علي بن الحسن الشافعي، (ت 571هـ/1277م)، تاريخ مدينة دمشق، دراسة وتحقيق: علي شيري، دار الفكر ،(بيروت ـ 1995). (18/ 387).
(2) البخاري ، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم ، (ت 256هـ/862 م)، صحيح البخاري، دار الفكر، (بيروت - 1981). (5/ 11).
(3) ينظر : جورج طرابيشي ، المعجزة أو سبات العقل في الاسلام ، دار الساقي ، الطبعة الاولى ، بيروت – 2008 م . ص 74، 83 -84 .
(4) ينظر : الخصيبي : الحسين بن حمدان (ت 358 هـ / 969 م)، الهداية الكبرى ، دار لأجل المعرفة، 2007 ، ص ٧٤.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |