عن العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية في شرق و شمال سوريا

مازن كم الماز
2023 / 12 / 31

من المثير ، أو غير المثير للدهشة في الواقع أن أيًا من منتقدي أو رافضي العقد الاجتماعي الجديد للإدارة الذاتية في شمال و شرق سوريا لم يتطرقوا إلى أي من تفاصيل العقد أو فلسفته … و من المثير للاهتمام أيضًا هو أن العقد قد وحد موقفي المعارضة و النظام منه و هذا مما يحسب للوثيقة و أصحابها … و رغم أن أيًا لا يعترض على أن تكون سوريا "الغد" ديمقراطية لكنهم جميعًا يرفضون بشكل قاطع تسميتها بسوريا الديمقراطية ، و هذه أحجية من ألغاز الوضع السوري حيث "يجب" أن تكون سوريا "الغد" ديموقراطية لكن لا يجب أن تسمى هكذا … و رغم أن سوريا اليوم هي أكبر مكان منقسم على الأرض ، اذا احتسبت كل "السوريين" ، و رغم أن السوريين اليوم شعوبًا و قبائلا لا لكي تتعارف بل لتخضع بعضها البعض أو لتقضي على بعضها البعض لكن الجميع تحسس من استخدام كلمة شعوب سورية و هويات سورية ، و الجميع صريح جدًا في هذا فهناك "هوية سورية" فقط هي هويته هو كما يفهمها و يعتقد بها و يصر على أن نفهمها و نعتقد بها مثله تمامًا و لا تتوقف الأمور عند مجرد الرضوخ و الاعتقاد "لهويته" بل هي تتمحور أساسًا حول من سيمسك بالسلطة و الثروة … تحدث المجلس الإسلامي السوري في الوثيقة التي سماها بالهوية السورية عن أن الإسلام هو دين غالبية السوريين و رغم أن هذا يفترض أن يعود تحديده لغالبية السوريين أنفسهم لا للمجلس و لا لغيره ، لكن ليست هنا المشكلة فالمجلس يستنتج من تلك المقدمة أنه طالما كان الإسلام دين غالبية السوريين فهو إذًا "ثقافة و حضارة لجميع السوريين" من جهةٍ يقر المجلس بوجود غير عرب و غير مسلمين في سوريا و من جهةٍ أخرى يصر على أن كل سوري هو عربي و مسلم في نفس الوقت ، هذه القصة تمامًا مثل سوريا الغد التي يجب أن تكون ديموقراطية لكن لا يجب تسميتها بسوريا الديمقراطية … بالمناسبة لا يوجد خلاف حقيقي بين المجلس الإسلامي السوري و بين النظام نفسه في هذا الصدد ، فيما يتعلق "بهوية سوريا" ، الخلاف هو على الدرجة لا على التعريف ، لا شك أن المجلس الإسلامي و معه معظم المعارضة يريدوها أن تكون أكثر إسلامية و أكثر سنية رغم أنه من الصعب تعريف أو تحديد ماذا يعني ذلك ففي وقت مضى دافع مصطفى السباعي في عام 1950 عن اعتبار الإسلام دينًا رسميًا لسوريا في دستورها أكد بما لا يدع مجالًا للشك أنه لا يقصد أبدًا بذلك تطبيق الشريعة الإسلامية الأمر الذي أصبح اليوم على كل لسان … لا شك أنه يوجد ما يستحق النقد في الوثيقة التي تنسب لنفسها مزاعم أكبر من حجمها كما في زعمها أنها تنطق بلسان حال شعوب و قوميات شمال و شرق سوريا أو عندما تضع على شفاه هؤلاء كلامًا أيديولوجيًا لا يفهمه أكثرهم عن الحداثة و الرأسمالية لكني شخصيًا كسوري و كعربي و كمسلم أجدني أقرب إلى سوريا المتعددة الديمقراطية اللامركزية منها إلى سوريا مركزية و ذات الهوية الواحدة ، عربية و إسلامية ، حقًا إنها أمةً عربية واحدة ذات رسالة خالدة

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي