|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
فريد العليبي
2023 / 12 / 23
في ماي 1928 حكمت محكمة خاصة في روما على انطونيو غرامشي بالحبس عشرين عاما واربعة أشهر ... أثناء المحاكمة قال المدعي العام : يجب ايقاف هذا العقل عن العمل عشرين عاما ... كانت ايطاليا الفاشية مثل شقيقتها المانيا النازية تخشى الثقافة وينسب الى غوبلز وزير الدعاية الهتلرية قوله كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي .
في تونس تحارب الثقافة النكوصية الثقافة الوطنية / التقدمية ما استطاعت الى ذلك سبيلا ، ولا تزال المؤسسات التي يديرها النكوصيون تفتك بالوليد الجديد الذي رأى النور مع 17 ديسمبر وهبة 25 جويلية وسط خشية ان يتحول الى تيار جارف .
ضمن هذا الاطار بالذات نفهم ايقاف بث البرنامج التلفزيوني فضاء الحرية من قبل إدارة القناة الوطنية الأولى التابعة للدولة ، فتونس القديمة توجست خيفة من تشكل مثل ذلك التيار فقد برز مثقفون جدد على منصة الاعلام العمومي متناولين قضايا يفزع منها النكوصيون مثل : السيادة الوطنية / التعويل على الدات / ضد الصهيونية والتطبيع / اللغة العربية / تصحيح تاريخ تونس / وتقديم كتب يدور الكلام فيها عن الوطن والوطنية والعروبة والانسانية وما جاور ذلك ...
ترى لماذا سارعت تونس القديمة بتعويض البرنامج الجديد ببرنامج قديم ؟ لماذا تنفس المثقفون التقليديون الصعداء مع ايقاف البرنامج الجديد ؟
هل يتعلق الامر بنفس ذاك الموقف الذي عبر عنه المدعي العام الفاشي في ايطاليا ؟؟ هل هناك فاشيون في الاعلام العمومي حتى انهم يوقفون برنامجا ويعوضونه باخر دون تقديم اي تفسير ؟؟
ربما غفلة "السياسي " الجديد في تونس كبيرة في مجال الثقافة وهو ما سهل على النكوصيين العبث دون حسيب مرددين : يجب ايقاف هذا العقل عن العمل اليوم قبل الغد .
وربما السؤال الأهم هو هل ستنجح الثقافة النكوصية في الفتك بالثقافة الوطنية ؟ هل سيحدث العكس ؟
من المرجح ان النكوصية خاسرة لا محالة والمسالة مسالة وقت ليس الا ، واذا كانت عربدتها بادية اليوم للعيان دون خجل فإن ذلك يفسر بتخلف الثقافي عن السياسي ، ومثلما عربد النكوصيون في السياسة ثم اندحروا فإن عربدتهم في الثقافة ستلقى نفس المصير .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |