ليس تحليلا للخطاب ولكن: ماذا قال الشيخ نصر الله ؟؟

هاني الروسان
2023 / 11 / 6

ليس تحليلا للخطاب ولكن:
ماذا قال الشيخ نصر الله ؟؟
رغم ارتفاع وتيرة الوحشية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، الا أن وتيرة التحليلات والتفسيرات لخطاب الشيخ حسن نصر الله لم تخفت بل واصلت ارتفاعها، وانقسمت الاراء بين مؤيد وبين مندد والسواد الاعظم متندر ومتهكم تعبيرا اما عن شماتة في الفريق الذي راهن على الخطاب من أنصار تيار المقاومة والممانعة او عن حالة من الاحباط التي إصابته جراء خطاب لم يلامس ادنى درجات توقعاته.
ولا يستطيع اي كان، مختص في تحليل الخطاب السياسي او محترف سياسة او اعلامي او انسان عادي، إن يُخطّأ أصحاب هذه المواقف او الاستنتاجات او القراءات لأنها كلها صحيحة، وأن صاحب الخطاب أراد لنا جميعا أن نصل لهذه النتيجة، لأن فشله في ايصالنا لهذه النتيجة كان يتطلب منه اما إلغاء الخطاب وتأجيل الظهور او الإعلان الصريح وبالكلمات التي ينتظرها الجمهور عن الانخراط في الحرب مباشرة وقبل أن ينتهي من خطابه.
ولانه لم يختر اي من هذين الاختيارين فإنه ذهب إلى جملة واحدة كانت عقدة ومفتاح الخطاب برمته وهي انا اقول بكل شفافية وصدق ووضوح وغموض، بكل شفافية وصدق ووضوح وغموض بناء أيضا..... ثم تابع الحديث عن الاحتمالات الممكنة بعد أن كان قد حدد في فقرة سابقة شروط تدحرج او تصاعد الوضع العسكري على الجبهة الشمالية، ليفتح أمام المستمع مجالا واسعا للتأويل المنطقي الذي يقف على حدود الحقيقة فيه لان الشيخ ابقى باب كل الاحتمالات مفتوح على مصراعيه.
لا شك أن زعيم حزب الله الذي تعمد تكرار الشفافية والوضوح والغموض وحتى الغموض البناء إنما أراد من ورائه أن يقول لكل الأطراف انني قلت كل شيء وفي الوقت نفسه لم أقل شئيا رغم الاستدراك ذو الدلالة الذي حملته كلمة البناء مرفوقة بابتسامة لها دلالة اضافية. لقد كانت هذه الجملة بديل إلغاء او تأجيل الخطاب، غير انها لم ولن تعفي نصر الله من حتمية تحمل مسؤولية شعار وحدة الساحات ومحور المقاومة والممانعة، خاصة أن احتمال تطور الهجوم الاسرائيلي على غزة ليصبح تهديدا وجوديا للفصائل الفلسطينية احتمال وارد في حسابات نتنياهو.
عند هذا المستوى ستكون النتيجة واحدة سواء انخرط حزب الله في الحرب ام لم ينخرط، فإنه سيخسر الوجود المادي قبل المصداقية وقبل الشعارات والمبادئ، وأن دخول الحرب والخسارة سيكونان أقل وطأة عليه وعلى مختلف مكونات المحور من هزيمة الاستسلام او المراهنة على اخلاق اعدائه.
والاكيد أن كل الذي قلناه وأكثر منه حاضرا في رؤية الشيخ نصر الله، الذي خصص في دلالة شديدة الوضوح مساحة مستقلة للحديث إلى البيت الابيض، وان ما دفعه لهذا الوضوح الغامض او الغموض الواضح اما ان يكون مبنيا على معلومات ووعود بنتيجة غير تلك التي تتحدث عنها تل أبيب واشنطن وباريس ولندن، او أن مجريات المعركة والاستعداد لها لم تستدع بعد ضرورة التدخل رغم كل هذه الدماء والدمار والوحشية والهمجية ، ورغم التدخل العسكري الأمريكي المتدحرج لسبب ما يسمى بتوزيع موارد القوة على محور الزمن.
في كل الأحوال لن تمر ايام طويلة قبل أن نتبين الخط الفاصل بين الوضوح والغموض، وأننا قد نكون على موعد مع خطاب جديد للشيخ نصر الله الذي بخطابه هذا وظهوره غير المدروس بدقة قد حمل نفسه وحزبه ومحوره مسؤوليات اضافية أمام كافة الأطراف، خاصة وان درس إسقاط بغداد لا زال حاضرا في الاذهان بقوة، وأن نتائج ذلك كانت ولا زالت مستمرة وكارثية على الاقليم برمته .
هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي