أوس بن معن المزني - فَيَا عَجَباً لمن رَبَّيْتُ طِفْلاً

نقوس المهدي
2023 / 10 / 16

أعلمه الرماية كلَّ يومٍ = ولمَّا اسْتَدَّ ساعده رماني
هذا المطلع من مقطع للشاعر المخضرم أوس بن معن المزني وقد اورد ابن سلام الجمحي تعريفا له في كتاب (طبقات فحول الشعراء)
"معن بن أوس: هو معن بن أوس بن نصر بن زياد المزني، شاعر مجيد فحل من مخضرمي الجاهلية والإسلام، له مدائح في جماعة من الصحابة، رحل إلى الشام والبصرة وكف بصره في آخر أيامه، له أخبار مع عمر بن الخطاب، وكان معاوية يفضله ويقول: أشعر أهل الإسلام كعب بن زهير ومعن بن أوس، وهو من شعراء الطبقة الثانية."
قصيدة أوس بن معن المزني
فَيَا عَجَباً لمن رَبَّيْتُ طِفْلاً .=.. ألقَّمُهُ بأطْراَفِ الْبَنَانِ
أعلِّمهُ الرِّماَيَةَ كُلَّ يوَمٍ .=.. فَلَمَّا اسْتَدَّ ساَعِدُهُ رَمَاني
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ الْقَوَافي .=.. فَلَمَّا قَال قَافِيَةً هَجَاني
أعلِّمهُ الْفُتُوَّةَ كُلَّ وَقْتٍ .=. فَلَمَّا طَرَّ شارِبُهُ جَفَاني
المغالطة الواردة في هذا البيت ان العديد من القراء يقرأون البيت (اشتدَّ) بالشين بدل (استدَّ) بالسين، والبيت من جملة ابيات نسبها الصفدي في كتابه ( تصحيح التصحيف وتحرير التحريف خطأ) لامرئ القيس
(ويقولون: اشتدّ ساعِدُه. والصواب: اسْتَدّ بالسين المهملة، المراد به السداد في المَرْمَى، وعليه قول امرئ القيس:
أعلّمُه الرمايةَ كُلَّ يومٍ ... فلما استدّ ساعِدُه رَماني
وقد رواه بعضهم بالشين المعجمة، وأراد به القوة.)
واورد ابن منظور في اللسان :
( وأَما السَّداد بالفتح فإِنما معناه الإِصابة في المنطق أَن يكون الرجل مُسَدَّداً ويقال إِنه لذو سَداً في منطقه وتدبيره وكذلك في الرمي يقال سَدَّ السَّهْمُ يَسِدُّ إِذا استقام وسَدَّدْتُه تسديداً واسْتَدَّ الشيءُ إِذا استقام وقال:
أُعَلِّمُه الرِّمايَةَ كلَّ يومٍ .... فلما اسْتَدَّ ساعِدُه رَماني
قال الأَصمعي اشتد بالشين المعجمة ليس بشيء )
وفي كتاب العين للخليل الفراهيدي..
والسَّدادُ : مصدر ومنه السَّديد قال :
( أُعلِّمُه الرِّمايةَ كُلَّ يَومٍ ... فلما استَدَّ ساعدُه رَماني )
مجمع الأمثال [ جزء 2 - صفحة 200 ]
3410 - لَمَّا اسْتَدُّ سَاعِدُهُ رَمَانِي
يضرب لمن يسىء إليك وقد أحسنت إليه قَال الشاعر :
وقد وردت الابيت في رواية اخرى ضمن شكوى مالك لابنه حين رماه بسهم فقتله، والقصة أن (مالك بن فهم بن غانم بن دوس بن عدنان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن الحارث بن مالك بن نصر الأزدي) جاء وعشيرته من أرض اليمن إلى منطقة في عُمان و له عشر من الذكور وعند نزوله قاتل الفرس وطردهم منها وحكمها مع أولاده وعشيرته. ولما علم الملك (عثمان بن عمران) ملك عُمان حينذاك، وعلم شجاعته وتغلبه على الفرس عرض عليه الزواج من ابنته..
وكان مالك بن فهم قد كلف أولاده الحراسة بالنوبة في كل ليلة مع جماعة من خواصه وأمنائه من قومه الأزد. وكان أحظى ولد إلى قلبه، ابنه (سليمة). وهو أصغر اولاده. وكان مالك يعلمه في صغره الرمي والفروسية إلى إن تعلم وكبر، واشتد عضده، لم تقر أعين اخوته واستكثروا فيه حظوته لدى أبيه، ولما بلغ الحسد مهم مكانة كبيرة، قالوا: يا أبانا إنك قد جعلت أولادك يحرسون بالنوبة وما أحد منهم إلا قائم بما عليه ما خلا سليمة، فإنه اضعف همة وأعجز منة وإنه إذا جن الليل في ليلته يعتزل عن الفرسان ويتشاغل بالنوم والغفول عما يلزمه، إلا ان مالك لم يقتنع بذلك، ورد الأبناء المحاولة حتى ملأ الشك قلبه.
فقرر مالك مراقبة أبنه في نوبته، فبينما هو مقبل في جوف الليل متخفيا لينظر فعل سليمة، فأنتبه سليمة من صهيل خيله وهي تصهل بقدوم دخيل ففوق سهمه في كبد قوسه، فأحس مالك بذلك فنادى يا بني لا ترم أنا أبوك. فقال سليمة يا أبت قد ملك السهم قصده، فأصاب مالكاً في قلبه.
قصيدة مالك بن فهم الأزدي في شكوى ابنه
فَيا عَجَباً لمـن رَبَّيـتُ طِفـلاً = أُلَقِّـمُـه بـأَطـرافِ البَـنـانِ
جَزاهُ اللَـه مـن وَلَـدٍ جـزاءً = سُلَيمَـةَ إِنَّـهُ شَـراً جـزانـي
أُعَلِّمُـه الرمايَـة كُـلَّ يَــومٍ = فَلَمّـا استـدَّ ساعِـدهُ رَمانـي
وَكَـم علمتُـه نظـمَ القوافـي = فَلمـا قـالَ قافيـةً هجـانـي
أَعلَّمـه الفُتُـوَّة كـل وَقــتٍ = فَلَمّـا طَـرَّ شارِبُـه جَفـانـي
رَمـى عَينـي بِسَهـمٍ أَشقَـذيٍّ = حَـديـدٍ شَفـرتَـاهُ لهـذَمـانِ
توخّانـي بِقَـدحٍ شَـكَّ قَلبـي = دَقيـقٍ قـد بَرَتـه الراحَـتـان
فأَهوى سَهمـه كالبَـرقِ حَتـىّ = أَصابَ به الفؤادَ ومـا اَتَّقانـي
فَلا ظَفَرتِ يَداهُ حيـنَ يَرمـي = وَشُلَّـت منـه حامِلـةُ البَنـانِ
فَبَكوا يـا بَنـيَّ علـيَّ حَـولا = ورَثُّوني وَجازوا مـن رَمانـي
فَيا عَجَباً لمـن رَبَّيـتُ طِفـلاً = أُلَقِّـمُـه بـأَطـرافِ البَـنـانِ
جَزاهُ اللَـه مـن وَلَـدٍ جـزاءً = سُلَيمَـةَ إِنَّـهُ شَـراً جـزاني


تحيات عاطرات


اختيار: نقوس المهدي


**********



قصيدة أوس بن معن المزني

فَيَا عَجَباً لمن رَبَّيْتُ طِفْلاً .=.. ألقَّمُهُ بأطْراَفِ الْبَنَانِ
أعلِّمهُ الرِّماَيَةَ كُلَّ يوَمٍ .=.. فَلَمَّا اسْتَدَّ ساَعِدُهُ رَمَاني
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ الْقَوَافي .=.. فَلَمَّا قَال قَافِيَةً هَجَاني
أعلِّمهُ الْفُتُوَّةَ كُلَّ وَقْتٍ .=. فَلَمَّا طَرَّ شارِبُهُ جَفَاني

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي