الطاقة الذكية الأزلية بين العلم والفلسفة 1/4

ضياء الشكرجي
2023 / 10 / 4

وأنا أقود سيارتي في طريقي لقضاء أمر ما، خطرت على بالي فكرة، عندما ركنت السيارة في الموقف الخاص للمحل الذي أردت أن أقتني منه حاجة ما، سجلت الفكرة على ست ڤيديوات عممتها على بعض الصديقات والأصدقاء، وها أنا ذا قررت أن أجعل الموضوع مكتوبا، فكانت هذه المقالة.
الله الذي أؤمن به والذي أسميه بالطاقة الأزلية أو الطاقة الذكية، أريد أن أوضح في هذه المقالة كيف أراه وفق رؤية تحاول أن تزاوج بين العلم المعني بالعالم المحسوس، والفلسفة المعنية بما وراء المحسوس. في البداية أؤكد أني رغم إيماني، ملحد من زاوية نظر أخرى، أنا ملحد بالله الديني، ذلك الله المسلم، الله الشيعي، الله السني، الله المسيحي، الله الكاثوليكي الله الپروتستانتي، كما أني ملحد بالله اليهودي. صحيح إن الله هو الله، لكني أعني صورة الله في فهم كل من تلك الأديان والطوائف، أو حتى ذهن في كل من المؤمنين بها. هذه الصورة أو الصور لله الديني، لا أؤمن بها، لأني أؤمن بالله على أساس أصل التنزيه، فالتنزيه هو الأصل في لاهوتي الذي بلورته وانتهى إلى نهاياته عام 2007، ثم أخذت أفكاره تتطور وتترشد مع الوقت. فالتنزيه هو الأصل عندي، أما التوحيد، بجانبيه؛ الوحدة أي إن الله يمثل وحدة بسيطة غير مركبة ولا تتجزأ، والفردانية، أي أنه واحد أحد لا إله سواه. إذن التوحيد في لاهوتي هو فرع من التنزيه، وليس هو الأصل.
هذا الله الذي أؤمن به، هناك إشكالات وثغرات في أدلة وجوده، أو الأصح كؤونه، رغم أن أدلة وجوده التي أعتمدها ما هي بالنسبة لي أدلة مقنعة، ومقنعة جدا، تجعلني شخصيا لا يمكنني أن أتصور لنفسي أن أشك في وجوده. مع كل ذلك، أقول أحيانا لنفسي ولغيري، إن يقيني بالله لا يجب أن يكون 100%، وإنما هو 99%، وهذا يكفي. لماذا يا ترى 99%؟ النسبة طبعا افتراضية لأني لا أملك جهازا لقياس ما لا يقاس بالأجهزة. لكن إذا سئلت لماذا افترضت أن نسبة إيماني بالله 99%، وليس 90 أو 95 أو 97%. إني أفصل هذه الـ99% المفترضة كالآتي: 95 من إيماني بالطاقة الذكية الأزلية أو بالله هو إيمان عقلي، أي في ضوء ما أراه من استدلال بضرورات وممكنات وممتنعات العقل الفلسفي، وكذلك العقل الأخلاقي، على حد سواء. أما ماذا يحصل مع الـ5% المتبقية؟ فأقول إن 4% من إيماني هو إيمان وجداني أو روحي، وبنسبة 1% أعتمد اللاأدرية، وبالنتيجة، وبما أن اللاأدرية تتوسط الإيمان والإلحاد، فهذا يعني أني بنسبة 0,5% ملحد. إذن يمكن القول إن إيماني بالذكاء الأزلي المصمم المبرمج هو إيمان عقلي على النحو العام، وليس إيمانا روحيا أو وجدانيا أو قلبيا في المقام الأول. فقضية الإيمان بالطاقة الأزلية، أو بالله، هي قضية معرفية، كأي معرفة أخرى، وما التفاعل الوجداني أو الروحي - إن حصل – إلا نتيجة لهذا الإيمان، أو هذه المعرفة، وليست سببا لها، ولو إني لا أستبعد أن تختلف التجربة من شخص مؤمن إلى آخر، فربما من المؤمنين من يبدأ بالإيمان بدافع وجداني أو عاطفي، ثم ينمو عنده بعد حين العامل العقلي، الذي قد يؤدي إلى إحدى ثلاث نتائج؛ إما الإيمان العقلي اللاديني، كما حصل عندي، وإما الإلحاد، وإما أن يختار أن يبقى في دائرة الشك، وعدم الحسم، أي اللاأدرية. إذن الإيمان عندي هو قضية معرفة، قضية قناعة، قضية اعتقاد، وليس إيمانا قلبيا، لا دخل للعقل فيه، كما يذهب إليه بعض أتباع بعض الديانات، كالمسيحية، بل وحتى هو لسان حال أكثر المتدينين، من أكثر الأديان الأخرى، كالإسلام، بمن فيهم التابعين لما يفترض بها أن تكون مذاهب عقلية فيما هي الأصول أي اللاهوت، فواحدهم آمن هكذا، كمن وجد آباءه على أمة أو ملة أو دين أو طائفة، فكان متبعا لهم بدون أن يمعن النظر، بدون أن يفكر، بدون أن يبحث عن الأدلة.
أهم دليلين عندي لوجود أو كؤون الذكاء الأزلي المريد، وسأتناول لاحقا الثغرات في أدلة وجود الله، التي رغم قوة قابليتها على إثارة الشكوك، لا تجعلني هذه الثغرات إلى أن أكون ملحدا، أو أكون على الأقل لاأدريا، بل أنا إلهي مؤمن بالله، لكني كما أكدت إلهي عقلي لاديني. أما أهم دليلين يجعلانني أؤمن بيقين الـ99%، فأحدهما هو ذات الدليل الذي استعملته المدارس العقلية لعلم الكلام أي العقائد أو اللاهوت عند المسلمين، والتي أي هذه الأدلة العقلية، لم تكن منهم، لأن القرآن لم يستخدم الأدلة العقلية في إثبات وجود الله، وإنما استفادوا بها من الفلاسفة والمناطقة الإغريق، وأعني هنا ما يسمى بدليل واجب الوجود، أو ضروري الكؤون، وبالتالي ممتنع العدم. هنا أشاركهم في إيماني بهذا الدليل، رغم أني لم أعد أؤمن بمعظم مقولات الدين، سواء من خلال النص (المقدس) المؤسس، أو النصوص الثانوية، من حديث وسيرة وروايات وتفسير قرآن وفقه وأصول، لأنها كلها لا تنزه الله، كما يجب، ولكن مع اختلافي معهم في كل ذلك وجدت أن هذا الدليل هو دليل عقلي، بالنسبة لي مقنع.
دليل واجب الوجود، يستند أولا على قانون العلية، ولو إن البعض يقول لي إنه لم يعد هذا القانون ساري المفعول، وقد جرى نقضه أو التشكيك بصحته، لكني لا أملك إلا أن أبقى مؤمنا بأن لكل شيء علة لوجوده، وكذلك علة أو عللا لتحولات ماهيته. فهناك لكل وجود، لكل كؤون، علة لهذا الكؤون، ثم هذا الشيء الكائن، تجري عليه تحولات في ماهيته، فحتى التحولات، لكل منها علته، ولا يأتي من غير علة. ولذا يقول علماء الكلام العقليون، وفي هذه النقطة بالذات هم محقون حسب قناعتي طبعا، وقد أحسنوا هنا الاقتباس من الفلاسفة والمناطقة الإغريق، فأدلتهم هذه ليست من القرآن أبدا، ولا من السنة، باستثناء ما ورد عن علي؛ يقولون بالامتناع العقلي لتسلسل العلل إلى ما لا نهاية إلى الوراء، أو إلى ما لا بداية. لأنه إذا لم تكن هناك بداية، ما كان سيكون وجود لأي شيء، لأن حتى نقطة الصفر لا وجود لها. ثم هناك الدليل الثاني بالأهمية بالنسبة لي، هو ما يسميه علماء الكلام المسلمون بالنظم، وأسميه الإتقان، وهذا ما يذهب إليه عالم فيزياء الفضاء ذو الشهرة العالمية ميشيو كاكو، ذلك في ضوء ما يقول إنه توصل إليه من أدلة علمية، وليست فلسفية ماورائية، حيث يزعم إنه بأدلته وضع نهاية لمقولة الصدفة، ولو كنتيجة حتى لو لم يصرح بها، لأنه ثبت له أن للكون مصمما أول، يسميه الله دون تردد. مع إني لحد الآن لم أستطع أن أدرس أدلته، لأني ولشديد الأسف غير ضليع بعلم الفيزياء، لاسيما فيزياء الكون، فأنا في هذه القضية قاصر، أو جاهل. إذن نحن أمام مقولة تؤمن بالمصمم الأول، أو الذكاء الأزلي، وهو عند كاكو (خالق) القوانين.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي