ماذا يعني بناء الصهاينة لسياج على الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة؟

كاظم ناصر
2023 / 10 / 2

إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم المحاطة بسبع جدران وأسيجة: أولها هو الجدار العازل الذي يمر في عمق الضفة الغربية ويلتهم ما يقارب 10% من مساحتها، يفصلها عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ويعزل مدينة القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني؛ ويفصل ثانيها غزة عن النقب، وثالثها مصر عن جنوب فلسطين، ورابعها جنوب لبنان عن شمال فلسطين، وخامسها سوريا عن مرتفعات الجولان المحتلة، وسادسها يفصل منتجعات إيلات عن وادي عربة التابع لمحافظة العقبة الأردنية، والآن تخطط لبناء سياج على طول الحدود الشرقية مع الأردن.
فقد نشرت هيئة البث العام الإسرائيلية (كان 11) تقريرا جاء فيه أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال خلال جلسة عقدتها حكومته قبل بضعة أيام " إن لدينا حدودا واحدة لم يتم التعامل معها بعد من حيث الجدار وهي الحدود الشرقية، وسيتعين علينا إغلاقها كذلك، وإذا لم تغلق الحدود الشرقية فلن تكون هناك دولة يهودية." وأكد ان حكومته ستعمل على بناء جدار على طول المناطق الحدودية الأردنية الفلسطينية التي تصل إلى 288 كيلو مترا، وأوعز لأعضاء الليكود في الكنيست ببدء العمل على سن " قانون أساس الهجرة" لترتيب مسألة بنائه.
برر نتنياهو تصميم حكومته على إقامة هذا السياج بالادعاء الكاذب أن الهدف منه هو وقف تدفق اللاجئين الإفريقيين من الأردن متناسيا أن الأردن لا تربطه حدود جوار مع الدول الإفريقية ولا يسمح لرعاياها بدخوله إلا بعد حصولهم على تأشيرات دخول رسمية؛ ولهذا فإن عدد المتواجدين منهم في الأردن محدود جدا؛ فما هي الأسباب والدوافع الحقيقية التي دفعت دولة الاحتلال للعمل على بناء هذا السياج الحديدي مع الأردن؟ لا شك أن هنالك العديد من الأسباب والأهداف التي تدفعها لبنائه من أهمها:
أولا، ان الإسرائيليين يعيشون في حالة رعب لأنهم يدركون جيدا أنهم جسم غريب لا جذور تاريخية لهم كشعب ودولة في فلسطين، وأنهم احتلوا وطنا لا حق لهم فيه بقوة السلاح، ودولتهم قائمة على التوسع والأطماع ولا يرغبون بالسلام والاندماج في المنطقة، والشعب الفلسطيني لن يتوقف عن مقاومتهم، وسيستمر في بذل التضحيات لإنهاء احتلالهم لوطنه مهما طال الزمن. ثانيا إن السياج سيمكن دولة الاحتلال من عزل فلسطين المحتلة تماما وتكريس عملية ضم الضفة الغربية، ويساهم في منع المقاومة من استغلال الحدود الأردنية، ومنع تهريب السلاح من الأردن للضفة الغربية. والسبب الثالث هو قناعة الصهاينة أن الأنظمة العربية المجاورة التي حمت دولتهم من المقاومين الفلسطينيين والعرب منذ عام 1948 هي أنظمة تسلطية لا تتمتع بدعم شعبي، وإن زوال تلك الأنظمة قد يحدث في أي وقت، وقد يؤدي إلى اندلاع مقاومة فلسطينية أردنية جماهيرية عابرة للحدود تساهم مساهمة فعالة في تغيير معادلة تفوق إسرائيل العسكري، وتهدد وجودها! والسبب الرابع لبناء السياج هو فشل دولة الاحتلال في اختراق الشعب الأردني وإقناعه بالتطبيع معها؛ فبعد مرور 30 عاما على اتفاقية وادي عربة وإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع الأردن، ما زال الشعب الأردني يرفض التطبيع مع دولة الاحتلال ويعتبرها دولة عدوة توسعية تهدد وجوده.
السياج الذي تخطط دولة الاحتلال لإقامته على الحدود الأردنية الفلسطينية سيفشل في توفير الأمن لها كما فشلت الجدران والأسيجة الأخرى التي أقامتها في الضفة الغربية وعلى الحدود المصرية واللبنانية والسورية مع فلسطين؛ التاريخ شاهد على أن الحق لا يموت، وذاكرة الشعوب لا تمحى أبدا، والشعب الفلسطيني والشعوب العربية لن تنسى حقها في فلسطين والأمكن المقدسة المحتلة، وستثبت للصهاينة أن الجدران والأسيجة التي يطوقون أنفسهم بها لن تحميهم ما داموا يصرون على استمرار احتلالهم وانكارهم لحقوق الشعب الفلسطيني!

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي