ملحوظات على الزيارة

خليل قانصوه
2023 / 10 / 1

لا تخفى حقيقة الأوضاع في لبنان عن حيوان ناطق مفكر . لعل ما يميزها بشكل رئيسي هو غياب السلطة عن قيادة الدولة " الوطنية "، حيث يخيّل للمراقب كما لو أن سكان البلاد موجودون على متن طائرة تحلق في الجو على غير هدى ،نتيجة انشغال قائدها عن القيام بوظيفته بمداعبة المضيفات ، و لكنهم هؤلاء السكان لا يدرون بما يجري ، كونهم منشغلين بدورهم ، كل في مجاله و بحسب قدراته ، محاكاة لرجال السلطة الذين أهملوا شؤون الحكم بعد أن هتكوا مؤسسات الدولة و أطاحوا بالأعراف التقليدية و الأخلاقية .
من البديهي أن المنطق لا يجيز للحيوان الناطق المفكر الرهان الرابح على خروج الدولة من المأزق الخانق الذي أسقطتها فيه السلطة الماجنة التي جاءت بها دوريا على مدى قرن من الزمن ، الديمقراطية الطائفية لتسلم مقاليد الحكم ، حيث كان أداؤها يسوء دورة انتخابية بعد أخرى وصولا في الراهن إلى خطر الاندثار النهائي .
نزعم في هذا السياق أن هناك مؤشرات عديدة على انطلاقة هذه السيرورة العبثية حدّ الانتحار ، و لكن أبرزها من وجهة نظرنا ،هي الهجرة التي تجتذب جيل الشباب بما هي هروب و نجاة بالنفس ، من العوز و من الموت تحت القصف أو برصاص سارق جاء يسطو على المنزل بحثا عن " الدولارات" و الحلي ، أو جار يريد اقتلاعك ليأخذك مكانك و يستحوذ على حصتك من مياه الشفة و من الطاقة الكهربائية ، و ليس مستبعدا ان يقتل المرء أيضا نتيجة حادث سير حيث تكثر الحوادث نتيجة القيادة العشوائية ، و لا ننسى الرصاص الطائش الذي يطلق بغزارة جنونية أحيانا في مناسبات لا تخطر ببال الحيوان الناطق .
من نافلة القول أن الهجرة ليست في الأصل إرادية ، و لكنها صارت في الظروف الراهنة ، أكثر صعوبة في أكثر الأحيان ، إلى حد المغامرة ،عرضة للغرق و القتل . لن نتوقف هنا عند الهجرة طلبا للعلم في الجامعات الأجنبية ، فهذه تكون عادة إرادية ، استجابة لطموح أبناء الفئات الميسورة ، أو للاغتراب بكل بساطة ، لتوظيف الأموال غير الشرعية في الخارج ، التي استحوذت عليها فئات جديدة استغلت قربها من أرباب السلطة و تواجدها في بعض مواقع الإدارة الرسمية فاستدرتها ثروات هائلة من حساب الدولة و المواطن .ما نقصده هنا هي الهجرة الصعبة جدا ، أي هجرة أبناء الفئات الفقيرة و التي أفقرت ،بحثا عن عمل في ظل ظروف التلاعب و التزوير للحصول على جواز سفر ناهيك من السباق المفروض وصولا إلى تأشيرة سفر ، فيضطر بعض الهاربين من الجوع و الموت ، سلوك طرق غير آمنة و غير شرعية ، لدرجة تساوي أو تزيد خطورة عن تلك التي تحمّلها اجدادهم خلال الحرب العالمية الأولى و ما بعدها . يحسن القول في هذا السياق أيضا أن الهجرة التي تجري في هذا الزمن تبطن على الأرجح قطيعة نهائية نتيجة لواقع محتمل لا يتأثر بإرادة فردية أو جماعية .

حوار مع الكاتب الفلسطيني نهاد ابو غوش حول تداعايات العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة وموقف اليسار، اجر
حوار مع الكاتب الفلسطيني ناجح شاهين حول ارهاب الدولة الاسرائيلية والاوضاع في غزة قبل وبعد 7 اكتوبر، اجرت