حول دعوة النازي هونكا الى البرلمان الكندي!

عادل احمد
2023 / 10 / 1

دعيَّ ياروسلاف هونكا النازي الاوكراني السابق، الى البرلمان الكندي في اوتاوا من اجل تكريمه لقتاله ضد الروس. بعد أن تبين إنه كان يقاتل ضمن صفوف قوات (اس اس غاليسيا) الحليفة للقوات النازية و لهتلر، انتشر الخبر في انحاء العالم لهذه الفضيحة ومسخرة البرلمان الكندي حول دعم الحكومة الكندية لاوكرانيا. وان انتشار هذه الفضيحة أدى الى استقالة رئيس البرلمان الكندي، واجبار جستن ترودو الاعتذار عن هذه الدعوة، للنازي السابق من اجل تكريمه. تنظر روسيا والصين وبعض الدول الأوروبية والعالمية، الى هذه القضية من باب وزاوية الصراعات والتحالفات العالمية الجديدة والتي هي في طور التكوين، لكل من زاوية ومصالح سياسية مختلفة وتنتهز الفرصة لتستخدم هذه الورقة والفضيحة، خدمة لمصالحها …

لكن الحقيقة ومعرفة جوهر هذه القضية ( فضيحة هونكا) هي في مكان اخر ويمكن ملاحظتها في زاوية أخرى ومن مصلحة طبقية اخرى وهي الى اين تتجه العالم الرأسمالي المعاصر وصراعاته وتناقضه وعفونته، بالنسبة للطبقة العاملة العالمية والجماهير الكادحة والمحرومة. ان نشأت وبروز النازية والفاشية في أوائل القرن العشرين لم يكن منفصلا عن النظام السياسي البرجوازي، وانما كان ظهورها نتيجة الصراعات السياسية والاقتصادية الداخلية للنظام الرأسمالي من اجل تقسيم العالم والاستحواذ على ثروات الأمم فيما بينهم… وان النازية والفاشية كانت احدى البدائل لهذا التقسيم واللصوصية لنهب ثروات العالم امام البدائل البرجوازية الأخرى، مثل رأسمالية الدولة السوفيتية او الرأسمالية والليبرالية الغربية. والنتيجة كانت هزيمة البديل النازي والفاشي أمام البدائل الأخرى للطبقة البرجوازية. ان المانيا النازية كانت تبحث عن مصالحها وتطورها اثناء الازمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية والتي بدأت أواخر العشرينات القرن الماضي بدا من أوروبا الغربية والشرقية وانتهاء بأمريكا الشمالية والجنوبية. ان بريطانيا وامريكا كانتا لهما الدور الرئيسي في بروز الشمس النازية امام تطور القوة الاقتصادية العملاقة للاتحاد السوفياتي. وبعد صعود النازية في المانيا وغدت قوة صناعية وعسكرية قوية وهذا التنامي، سيؤدي بطبيعة الحال الى البحث من أجل الاستحواذ على المواد الأولية لحاجتها الصناعية، في بلدان أخرى. في البداية اعتمدت السياسية في إدارة صراعاتها، ولكن بعد اخفاق سياساتها اتجهت نحو الحرب والقتال مع باقي الدول من اجل تحقيق أهدافها هذه. اذن النازية لم تكن في أي يوم من الأيام محل الانتقاد الطبقة البرجوازية الى ان بادرت بفرض سياساتها بقوة السلاح وآلتها العسكرية. بعد هزيمة النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية امام التحالف البريطاني والامريكي والسوفيتي، فُرضت عليها عقوبات سياسية واقتصادية وقُسمت المانيا وحلفاؤها وخاصة أوروبا بين الكتلة السوفياتية والكتلة الامريكية -البريطانية.

واليوم روح الفاشية والنازية موجودة في انحاء العالم، ولكن بمظهر وغطاء اخر من نفس غربي جديد (المناهض السابق للنازية) ولنفس السبب؛ أي الاستحواذ على ثروات العالم. انظروا ماذا فعلت أمريكا والغرب في العراق وليبيا وسورية ويوغسلافيا السابقة وأفغانستان واليمن وأوكرانيا … ان قتل وعقوبة كل ماهو روسي وحرمان الشعب الروسي من التنقل والتبادل الاقتصادي ونشر الكراهية الى كل من يتحدث باللغة الروسية وعليه ان يدفع ثمن سياسات بوتين ونظامه الدموي هي بحد ذاته اكبر نازية على الاطلاق … ان ديكتاتورية بوتين لم تكن اقل من ديكتاتورية بايدن وترامب وماكرون وشولتس وزيلينسكي وغيرها… ان فرض سياسة القوة في افريقيا من قبل فرنسا وبريطانيا وفي أوروبا الشرقية واسيا أمريكا اللاتينية من قبل أمريكا هي نفس الأسلوب الذي تستخدمه روسيا في أوكرانيا وبعض دول الاتحاد السوفيتي السابق. لا توجد نزاهة بين أحدهم عن الآخر، عندما ترتبط المصالح والصراعات فيما بينهم.

ان فضيحة هونكا في برلمان الكندي كادت تمر بهدوء، لخدمة نظام زيلينسكي في أوكرانيا اذا لم يفضح في الاعلام و انتباه الجماهير في العالم المناهض للنازية. ان الحكومة الكندية لديها سجل تاريخي لكل من دخل الى كندا من النازيين والفاشيين والمعارضين للنظام السوفياتي السابق ولكن تستخدم الشخصيات وحتى التاريخ خدمة لمصالحها الانية، في قضية هونكا بالضد من روسيا وطموحاتها كما تستخدم المعارضين الصينيين بالضد من الصين ونظامها…ولهذا علينا ان ننظر الى هونكا او غيره من زاوية الانسان المعاصر المناهض للنظام الرأسمالي والبرجوازي برمته… أيا كانت تسمية النظام، النازية او الفاشية او الريغانية والتاتشرية والترامبية والبايدنية وألى أخره …

عالم اليوم على اعتاب تغيرات سياسية واقتصادية وجغرافية كبيرة، وعلى اعتاب تكوين اقطاب متعددة، والصراعات الجديدة قد تطغى نتائجها على مستقبل الأجيال القادمة بصراعاتها وحروبها اذا لم تتوقف عن حدودها واذا لم تقلب الطاولة على قادتها النازيين الجدد من قبل البشرية. خطر هذه الأوضاع لا يقتصر على الغرب فقط وانما في كل مكان، لان الرأسمالية ومصالحها متداخلة عالميا وصولا الى ابعد القرى النائية في الجزر الصغيرة وسط المحيطات… ان الانتظار من بعيد حتى وصول الشرارة إلينا موقف خاطئ تماما، حان الوقت لتشابك الايادي مع البعض بالضد من التحديات القادمة.

ان الحرب الروسية – الأوكرانية هي صراع بين اللصوص العالمية على ارض أوكرانيا بين روسيا والصين من طرف والغرب وامريكا من الطرف الاخر. ونتيجة لهذه الحرب تم تقوية اليمين البرجوازي لجذوره في أوروبا الحضارية وتم تقوية القومية الفاشية المناهضة للهجرة ومناهضة للحقوق الإنسانية ومناهضة لحقوق القوميات والحريات ومناهضة الاشتراكية والشيوعية وحقوق الطبقة العاملة … اذ اتسمت أجواء القرن العشرين بالحقوق والحريات والتحرر، فان بوادر القرن الحالي هو تجريد الجماهير والمجتمع من كل هذه المكتسبات التي حققتها في الماضي … تشخيص تحديات مرحلتنا بدقة، والصواب حتى نأتي بحلولنا الواقعية.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي