|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
نهاد ابو غوش
2023 / 9 / 19
• توسّع الاستيطان: والظاهرة اللافتة بالتحديد هي زيادة أعداد المستوطنين ونسبتهم إلى إجمالي عدد السكان، وبخاصة السكان اليهود في إسرائيل، تشير الإحصائيات التي نشرها مجلس المستوطنات في الضفة الغربية ( إلى أن عدد سكان المستوطنات بلغ في نهاية العام 2021 نحو 492 ألف مستوطن ، يقيمون في نحو مئتي مستوطنة خلافا لعدد مماثل من البؤر الاستيطانية العشوائية، من دون احتساب مستوطنات القدس، المتداخلة مع الضواحي على جانبي الخط الأخضر، وكذلك الجيوب الاستيطانية في قلب مدينة الخليل. وتصل نسبة النمو السكاني السنوي إلى معدلات عالية جدا من بينها 6.6% في مستوطنات غور الأردن، 6.3 في السامرة (شمال الصفة) و3.6% في تجمع غوش عصيون بين بيت لحم والخليل، وكانت النسبة الأعلى في الخليل إذ بلغت 9.6%، يعزى جزء مهم من هذه النسبة للزيادة الطبيعية نتيجة ارتفاع نسية المواليد في العائلة لدى المتدينين الحريديم، لكن الزيادة الطبيعية لا تفسر كل هذه الزيادة التي تعود لأسباب ايديولوجية واقتصادية، والتسهيلات التي تقدمها الحكومة للمستوطنات.
فإذا اضفنا عدد المستوطنين في القدس الشرقية (نحو 350 ألفا) والجولان السوري المحتل (حوالي 20 ألفا) يصل إجمالي عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة عام 1967 إلى أكثر من 800 ألف، وهؤلاء يشكلون نسبة 8.3% من إجمالي عدد السكان في إسرائيل، ولقياس مدى تأثير المستوطنين على دوائر صناعة القرار في إسرائيل يفضل احتساب نسبة المستوطنين إلى إجمالي عدد السكان اليهود حيث ستبلغ هذه النسبة نحو 11.3%.
تعيش هذه التجمعات الاستيطانية في حالة مواجهة دائمة مع السكان الفلسطينيين، حيث أقيمت هذه المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة سواء كانت على الأراضي الأميرية أو الأراضي التي انتزعت من اصحابها، وتتحكم هذه المستوطنات وسكانها بمعظم الموارد المائية والطبيعية والاقتصادية والسياحية (الأحراش والينابيع، والآثار، والطرق وشواطئ البحر الميت، أراضي الأغوار الخصبة)، وتشق من اجلها الطرق الالتفافية التي صودرت من الفلسطينيين الممنوعين حتى من التصرف بأراضيهم الخاصة، كل ذلك علاوة على الاعتداءات المتكررة من المستوطنين على المحاصيل والأراضي الزراعية والممتلكات الفلسطينية، سواء طمعا في اقتطاع المزيد من الأراضي والموارد، أو ردا على عمليات فلسطينية، كل ذلك يعزز ثقافة عدوانية خاصة لدى قطاعات واسعة من المستوطنين قوامها أن وجود هؤلاء المستوطنين وازدهارهم منوط بانتزاع أراضي الفلسطينيين وحرمانهم من ابسط حقوقهم.
• التغيرات الديمغرافية لجهة زيادة نسبة السكان المحسوبين على القطاع الديني الحريدي، والصهيوني الديني. بعض قيادات اليسار ورموزه يطرحون هذا العامل بوصفه عنصرا حاسما ومطلقا في تراجع قوى اليسار الإسرائيلي وصعود اليمين بشقيه الديني والقومي الصهيوني، وكأنه معزول عن مضمون البرنامج السياسي والاجتماعي لقوى اليسار فضلا عن سلوكها العملي. ويرى موشي راز السكرتير السابق لحركة السلام الآن وأحد قادة حزب ميرتس أن السبب الديمغرافي هو السبب الأول لتراجع اليسار ويقول " علينا أن نأخذ بالحسبان أن الأشخاص الذين يصوتون لليسار ينجب كل منهم ولدين، وفي مقابل ذلك فإن الأشخاص الذين يصوتون لليكود وشاس ويهدوت هتوراة، ينجب كل منهم اولادا أكثر ، ويضيف راز عددا من الأسباب الأخرى ومن بينها هجرة يهود الاتحاد السوفييتي السابق الذين صوت معظمهم (94%) لأحزاب اليمين. ثم يلقي باللائمة على الفلسطينيين محملا إياهم أسباب انهيار عملية السلام، بالقول أن رئيس الوزراء السابق إيهود باراك حاول أن يعطي الفلسطينيين كل شيء في مفاوضات كامب ديفيد، وهم ردوا على ذلك بالعنف، مثلما رد حزب الله بالعنف على انسحاب إسرائيل من لبنان، وكما رد الفلسطينيون بالعنف على خطوة أرئيئيل شارون بالانسحاب من غزة. ويعود راز بعد ذلك ليفسر أسباب تراجع اليسار بما يعتمل داخل المجتمع الإسرائيلي ومنها "وجود حزب مضلل" وكان يقصد حزب كاديما الذي أسسه شارون واستمال في حينه عددا من أبرز قيادات حزبي العمل والليكود على السواء، ويضيف أن اليسار ارتكب أخطاء كثيرة منها أنه لم يميز نفسه عن حزب كاديما، ولم يضع فواصل واضحة بينه وبين هذا الحزب أمام الجمهور الذي يخشى من اليمين ومن نتنياهو.
قدم الدكتور ماهر الشريف تفسيرا أوسع وأكثر عمقا لأسباب تراجع اليسار الإسرائيلي وانهياره من بينها الأسباب الثانونية والتكتيكية، وهي التي يكثر قادة اليسار نفسه من ذكرها وترديدها، من قبيل التنافس بين أحزاب اليسار نفسها، وفشلها في التوحد قبل الانتخابات، ومسؤولية ميراف ميخائيلي رئيسة حزب العمل عن ذلك. ومن الأسباب الجوهرية التي يعددها الشريف: الطابع اليهودي والصهيوني للدولة ما يدفع "اليسار" إلى تبني مواقف يمينية تحظى بإجماع السكان، واعتقاد هذا اليسار أن إسرائيل دولة ديمقراطية ولكن يمكن لها أن تفصل بين الدولة داخل حدودها قبل العام 1967 عن بقية الأراضي التي خضعت لاحتلالها وسكانها، وعبر خدعة تتمثل في إقامة حاجز نفسي بين نظامين هما إسرائيل الجيدة، الديمقراطية، والاحتلال المؤقت السيء بطبيعته .
كما يورد الشريف عددا من أسباب تراجع اليسار المرتبطة بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية والموقف منها، ويستشهد بكل من ستيف جوردان وفيليب فيليلا بشأن حقيقة تخلي اليسار عن الفئات الاجتماعية الشعبية ومطالبها، وتخليه عن الصراع الطبقي، وتحول حزب العمل إلى حزب للطبقة الوسطى تاركا جمهور الطبقات الشعبية نهبا لأحزاب اليمين.
ويخلص الكاتب الفلسطيني إلى أن العامل الجوهري والأكثر أهمية لتراجع اليسار وانهياره هو ما أورده الصحفي جدعون ليفي القائل بان خمسين عاما من دعم اليسار شبه الكامل للاحتلال لا يمكن أن تنتهي إلا بكون بن جفير بطلا شعبيا!
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |