هل كانت الحرب الأهلية السورية ضرورة

مازن كم الماز
2023 / 6 / 15

لا شك أن النظام السوري لجأ لقمع المظاهرات ضده بعنف و وحشية لكن مع هذا فإن خيار الذهاب إلى حرب أهلية لم يكن قرار النظام وحده ، كانت هناك قوى لم تستسهل فقط اللجوء إلى السلاح بل دفعت باتجاه ذلك معتبرة أن العسكرة و ما تلاها من حرب هي الطريق الأفضل "لتحقيق مصالحها" أي لفرض وصايتها و سلطتها … كانت شهوة السلطة أقوى بكثير من أية مقاربة منطقية للواقع ففي الحروب لا يكفي أن تبادر خصمك بإطلاق النار أو بالهجوم ، فليس من المنطقي أبدًا أن تبدأ حربا" ستخسرها بلا شك … من المرعب أن نصادف قوة سياسية تفكر بهذه الطريقة أو لا تقيم أي وزن لخسائر الناس العاديين لتصل إلى أهدافها … لا شك أن القوى التي دفعت أو ساهمت بالدفع نحو عسكرة الثورة و تحويلها من مظاهرات و احتجاجات مدنية إلى مواجهات مسلحة كانت لها حسابات متناقضة ، البعض اعتقد أن الخارج سيسارع للتدخل و الإطاحة بالنظام لصالحها و لم تر في العسكرة أكثر من محفز و مبرر لهذا التدخل ، هؤلاء كانوا أساسًا من السياسيين الذين شكلوا مؤسسات المعارضة الرسمية ، و آخرون رأوا في العسكرة الخطة الأمثل بل الوحيدة التي يمكنهم من خلالها تحقيق أهدافهم أو الوصول إلى السلطة … لكن و خلافًا لما وعد به قادة الفصائل المسلحة السوريين الثائرين على النظام لم يقم هؤلاء بحمايتهم بل ما حدث كان العكس ، لقد احتمت الفصائل المسلحة بالسوريين من اقصف النظام ثم داعميه في وقت لاحق … تعرضت المناطق المحررة أو الخارجة عن سيطرة النظام لعقوبات جماعية و قصف يومي افتقر للدقة على الأقل حتى التدخل الروسي المباشر في وقت متأخر و كان واضحًا منذ البداية أن القوى التي واجهت النظام بالسلاح لا تملك الرد على هذه الإجراءات العقابية الجماعية … أكثر من ذلك ، لم تفعل تلك القوى و من كان يدعمها ما يلزم للإطاحة بالنظام الأمر الذي كان ممكنًا في لحظات عدة قبل إنقلاب ميزان القوى مع ذلك التدخل الروسي المباشر … قبل ذلك لم يمكن لتدخل الآلاف من مقاتلي حزب الله و الميليشيات الشيعية التي دربتها و مولتها إيران ليقلب تلك الموازين أكثر من مجرد إنقاذ رأس النظام و تحقيق بعض الانتصارات المحلية التي ساهمت ، مع غياب خطة حقيقية للإطاحة بالنظام إلى جانب الاقتتال و التنافس بين قادة الفصائل المسلحة في تثبيت مؤقت لسيطرة القوى على الأرض … و خلافًا للمظاهرات و بقية أشكال الاحتجاج الجماهيري كانت العسكرة تعني فقط سيطرة أمراء الحرب في كل مكان و انفلات الهمجية و أيضًا تكلفة بشرية و مادية هائلة دفعت ثمنها أساسًا المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام … و أيضًا ليس صحيحًا أن العسكرة هي الرد الوحيد الممكن على القمع ، لقد تعرض الثوار الايرانيون و العراقيون و البحرانيون و السودانيون ، هذا في السنوات الأخيرة فقط عدا عن تجارب ثورية سابقة أخرى لا حصر لها ، لقمع همجي و قتل المئات بل الآلاف منهم دون أن يلجئوا للسلاح للدفاع عن أنفسهم و محاولة الإطاحة بالنظام الذي يقمعهم بكل تلك الهمجية ، بكل الأحوال لم يكن من الممكن إسقاط تلك الأنظمة عبر اللجوء للسلاح أو حتى التقليل من خسائر الجماهير الثائرة … رغم كل ذلك لا توجد أية رغبة حتى في الاعتراف و الاعتذار للجماهير التي استخدمت وقودًا للمحرقة رغمًا عن أنفها ، لا يرغب الإسلاميون بالاعتراف بأخطائهم و لا بمسؤوليتهم و لا بدورهم في هذه المحرقة ، و يشاركهم في هذا من اعتقد أن هؤلاء سيقومون بتخليصهم من النظام بينما سيبقى من الممكن التحكم بهم و بأمراء الحرب عبر قوة و نفوذ الخارج المادية و العسكرية التي اعتقدوا أنها ستلعب لصالحهم في نهاية المطاف … لا يقر هؤلاء بالطريقة الساذجة و الاعتباطية و لا الاستبدادية التي اقتيدت فيها الجماهير خاصة الثائرة نحو تلك المحرقة التي لم يكن من الصعب التنبؤ بوقوعها دون تفكير أو تخطيط و بالتأكيد دون استشارتها و موافقتها ، و كان تحويل السوريين خاصةً الثائرين منهم إلى لاجئين آخر خطوة في مسار طويل حولهم إلى منفعلين سلبيين و عاجزين عن أي فعل بعد أن صودر صوتهم و صودرت إرادتهم و بدلًا من أن يحرر السوريون أنفسهم بأنفسهم كما كان يفترض أصبحوا مضطرين للاعتماد على غيرهم من سادة العالم و الإقليم و أغنيائه ليس فقط للتخلص من النظام و غيره من أمراء الحرب بل حتى في أبسط تفاصيل حياتهم و معيشتهم …

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي