|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
السيد حافظ
2023 / 5 / 20
دراسات في أعمال السيد حافظ (349)
السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد و أدباء الكويت
مسرحية : الشاطر حسن
بقلم الدكتور محمد مبارك الصوري
جريدة الوطن
22 سبتمبر 1984
الحديث عن مسرحية (الشاطر حسن) بالنقد والتحليل والتفسير، يدفع المستوى الفني الذي ظهرت عليه إلى الاتجاه نحو مناقشة الإطار الفني الاستعراضي دون الفكرة، أو (الحدوتة) والبناء الدرامي فيها. ذلك لأن المسرحية تقوم في تركيبة فعلها الدرامي على شخصية تاريخية موروثة من أساطير الخرافة والحكاية في القصص العربي، فالموروث الشعبي ملك للجميع وشخصية الشطار – ومنهم حسن – من الشخصيات الخيالية التي تعرفها (الحواديت) العربية، فهي محددة الإطار والفعل، لم يبق أمام من يتناولها إلا تحويلها من شخصية تاريخية موروثة إلى شخصية متفاعلة لها أبعاد خاصة.
وحقيقة إن البناء الدرامي في المسرحية وفي عناصر الغربة، لكن مؤلفها (السيد حافظ) ومعدها (لهجة) (محمد جابر) لم يستطيعا تجاوزها عن الواقع الموروث، وهذا ليس عيباً فنياً خاصا وإنما هو صفة فنية عامة تلتصق – غالباً – مع المادة القادمة من التراث. حيث إن عنصر (السردية) يلتصق بالمادة الشعبية الموروثة بشكل طبيعي متمايز، ويصطدم مع عنصر (التشويق) دائماً عند صياغة الشكل الدرامي خاصة المسرحي – منها – فيعيش (السرد) حالة قتالية مع عنصر (التشويق) الفني، فيتولد عن هذا الصراع (الإطالة) و (التطويل) الذي قد يمتد إلى التكرار وخلق رتابة في (رتم) والإيقاع العام للحوادث والمشاهد والفصول المسرحية، مع وجود بعض الألفاظ ذات المفارقة الدرامية الضاحكة – التي فاقت فهم الطفل.
وعلى مستوى فني آخر هناك اتجاهات عدة حول مفهوم المسرح وحقيقة العرض المسرحي والتفرقة ما بين المسرحة والنص المسرحي، فهناك وجهة نظر تقول أن المسرح شعر ويجب أن تسوده اللغة الشعرية كما كان في بداياته اليونانية، وأنه لابد أن يخضع الفعل الدرامي لهذه اللغة، وآخرون يرون أن المسرح قبل أن يكون شعرا أو نثرا في لغته فهو فكر، وأنه في سبيل إقامة المتعة الذهنية، على الفكرة الدرامية أن تحفظ خلال النص المسرحي دون أن تغادره إلى الخشبة وأجواء العرض الفني، وذلك خشية على الفكرة الدرامية أن تحفظ خلال النص المسرحي دون أن تغادره إلى الخشبة، وأجواء العرض الفني، وذلك خشية على الفكرة من الضياع عند طغيان " البهارات الفنية " وتسلطها مما قد يكون سببا في موت الفكرة وقتلها.
والذين يرون أن المسرح فرجة أولا وأخيرا يجعلون من تسلط الأدوات الفنية عند الإخراج ميزة وليست سبة، فقد تكون الفكرة المسرحية ضعيفة الحال أو مستهلكة وتقليدية، وبالتالي القوة الفنية والفعل الاستعراضي ببهاراته الفنية سيساعد على نهوض النص وفكرته، بل إنه من الضرورة بمكان تفوّق العرض المسرحي على النص الأدبي، لكي تتحقق الرؤية الإخراجية كمستوى آخر من مستويات العمل المسرحي الذي يبدأ بالكلمة المكتوبة ثم بالحركة المتميزة إلى الرؤية الشمولية التي يقدمها الممثل بانتشار حركته ضمن فعاليات الكلمة المكتوبة ومتطلبات شمولية الرؤية.
هذا الكلام النظري يلتصق بالمثال المسرحي الذي نحن بصدده، فالشاطر حسن عند مناقشة فكرته الدرامية يجب علينا التوجه أولاً إلى النص المسرحي وبالتالي نحكم على قدرة المؤلف في " مسرحيته " لهذه الشخصية الموروثة وإضافاته إليها. ولكن أمام هذا الظرف الذي نحن فيه لا نستطع الحكم باطمئنان تام إلا اعتمادا على ما شاهدناه من قوة الإخراج، ومحاولة الرفع من فكرة النص التقليدية التي لم تجاوز – عرضا – ذلك الخط الموروث عن الشاطر حسن وشخصيته الطيبة التي تحب الآخرين وتسعى لمساعدتهم، ووجوده كمنقذ المطحونين، ثم وجوده أخيرا كبديل عن السلطان في دارة الحكم وتخليص المظلومين من إشاعة جو الحرية بين الناس. فكان لابد أن نتبادل القوة مع الفعل الموقع، فيلتمس السلطان كقوة الحياة في الشارع وما يسودها من ديكتاتورية، لتأتي فعاليات الشاطر وهو في السلطة لتوصيل مفهوم الحرية إلى السلطات ومفهوم العدل من القصر إلى الشارع !
من هنا نكون أمام أسطورية شخصية (النائم اليقظان) (حسن المغفل) التي قدمها بعمق (سعد الله ونوس) في (الملك هو الملك) وجاء بها (حسن يعقوب العلي). هنا في الكويت – في مسرحية (الثالث) وقد سبقها (مارون النقاش) في (حسن المغفل وهارون الرشيد) بتاريخه قصد منها (التمجيد) دون التحليل والتفسير العميقين.وفي (الشاطر حسن) جاءت هذه الشخصية بصياغة فنية متواضعة خفيفة، عذرها إنها كتبت للطفل ومسرحه، فكان على أحدهما أن يتواضع للآخر وينزل إلى مستواه، فارتاح المؤلف أخيراً إلى إن ينزل من (الحدوته التاريخية) هذه من مستواها التاريخي وحدتها السياسية ومغزاها الاجتماعي إلى مستوى فهم الأطفال و ادراكاتهم.
أما الإخراج فقد رفض أن يعيش أمام هذا المستوى بتبريراته السابقة، فمندوب بلد (الحوت) - وهو رمز لإسرائيل - ومقابلته للشاطر حسن وهو سلطان بقصد التفاوض حول مستقبل (جزيرة الأمل) – التي ترمز إلى فلسطين – كل هذا كان (المَخْرج) بفتح الميم وسكون الخاء – الوحيد والجيد، والاتجاه العملي المناسب لكي يلعب (الإخراج) لعبته. فمزج الإخراج هذه الرؤية السياسية بمفهوم إنساني عميق، فالإنسان هو الإنسان، أكثر من إن (الملك هو الملك) فالملك قبل إن (يتسلطن) إنسان، لذلك خرج إلى السوق، إلى العامة، ناشدا الإنسانية والشاطر المسحوق دخل القصر ناشدا العدل لا السلطة والجاه، وبهذا تحققت المعادلة الديمقراطية الإنسانية، وهذه النقطة الجوهرية – إلى قد تكون قد غابت عن التأليف – هي صيد المخرج أحمد عبد الحليم الثمين الذي أستغل حركاته وتفسيراته من خلالها، فجاءت رؤية الإخراج بتفسير جيد وقف كأعلى مستوى فني ناضج وناجح في هذا العمل.
والتمثيل في هذه المسرحية – قيادة : عبد الرحمن العقل ومحمد جابر، قد أضاف إليهما الشيء الكثير قبل أن يضيفا هما إلى العمل أية إضافة جديدة، فقد خدمهما الدور أكثر مما خدما الدور خاصة (العقل) في دوريه المتناقضين، من إنسان مسحوق إلى ملك محظوظ، ولو أنه لم يتخلص من (شطارته) وهو في قصر مملكته. وأعطت (استقلال أحمد) ما يؤكد إنها الوجه الأكثر براءة وفهما لمسرح الطفل خاصة في أغنية (ما بين الجدران الأربعة) وهي مسجونة في القصر، مع فعاليات هدى حمادة وكاظم القلاف.
وحتى تتعانق الخشبة مع الصالة جاء الغناء الجماعي والتمثيل من داخل الصالة وإليها وكان من أقوى المبررات الفنية لكسر حائط الوهم أو الإيهام كما يحلو للبعض تسميته، وبذلك جاءت الخشبة امتدادا لأرض الواقع كما هي بداية لحوادث العرض المسرحي مما يجعلنا نصفق لهذا المستوى من الفهم.
وكانت المجاميع الغنائية من أمتع الجسور، التي سوت بين الخشبة والصالة، إلا إن فكرة الحق التي تنتهي بها تلك المجاميع الغنائية جاءت محمولة ومنتهية عندها أكثر من حمل الأبطال المسرحية لها ولذلك طرب الجميع للجملة الموسيقية أكثر من طربهم للجملة الفكرية، خاصة وإن عبد الأمير عيسي قد وفق في كلماته الغنائية بألحان عبد الله الراشد وتوزيعات حسين أمين الموسيقية، وإيقاعات غنام الديكان المبدعة والذكية خاصة في أغاني الختام وبالأخص أغنية (قال الشارع) مع إبداعات (العقل) بتصميماته الراقصة ذات البهجة. وبذلك استغل الإخراج أغلب الفعاليات الفنية الناجحة كديكور المسرحية الشفاف التجريدي الذي ساعد على أن يظهر أسلوب المسرح داخل المسرح، يسوده ذوق مصممته (ماجدة سلطان) بما ينم عن حس فني جمالي، كما وقفت الإضاءة بتمايز فعال في رسم الحدود الزمنية والمكانية وكذلك كانت فعاليات الصوت، والموسيقى التصويرية في قدرتها على التعبير.
وعلى الرغم من أن فواصل الغناء الموسيقية وخواتمها كانت توحي أحيانا بخاتمة العمل المسرحي ككل، ووجود التكرار والإطالة احتاجت المسرحية بدلا منه إلى شيء من التركيز والاختصار حتى لا يتسع ثوبها الفني الفضفاض عند حدود الحكاية والمعالجة الرئيسية في المسرحية، فأتت بصورة سابقة لأوانها، برغم من ذلك كله فإن مسرحية (الشاطر حسن) كعرض مسرحي كان جيدا في مستواه العام، حقق الإخراج فيه – مع مجاميعه الغنائية – فرصة التصاق الصالة بالخشبة ومعانقتها ومعايشتها، مع أنها صور غنائية عرفتها عروض مسرحية سابقة في مسرح الطفل، ومع ذلك فقد عاش الحضور حقيقة مع عمل حقق مسرح الفرجة للكبار ونواحي البهجة للصغار بشطارته في الإخراج والتلحين.
م
السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد و أدباء الكويت
مسرحية : الشاطر حسن
بقلم الدكتور محمد مبارك الصوري
جريدة الوطن
22 سبتمبر 1984م
الحديث عن مسرحية (الشاطر حسن) بالنقد والتحليل والتفسير، يدفع المستوى الفني الذي ظهرت عليه إلى الاتجاه نحو مناقشة الإطار الفني الاستعراضي دون الفكرة، أو (الحدوتة) والبناء الدرامي فيها. ذلك لأن المسرحية تقوم في تركيبة فعلها الدرامي على شخصية تاريخية موروثة من أساطير الخرافة والحكاية في القصص العربي، فالموروث الشعبي ملك للجميع وشخصية الشطار – ومنهم حسن – من الشخصيات الخيالية التي تعرفها (الحواديت) العربية، فهي محددة الإطار والفعل، لم يبق أمام من يتناولها إلا تحويلها من شخصية تاريخية موروثة إلى شخصية متفاعلة لها أبعاد خاصة.
وحقيقة إن البناء الدرامي في المسرحية وفي عناصر الغربة، لكن مؤلفها (السيد حافظ) ومعدها (لهجة) (محمد جابر) لم يستطيعا تجاوزها عن الواقع الموروث، وهذا ليس عيباً فنياً خاصا وإنما هو صفة فنية عامة تلتصق – غالباً – مع المادة القادمة من التراث. حيث إن عنصر (السردية) يلتصق بالمادة الشعبية الموروثة بشكل طبيعي متمايز، ويصطدم مع عنصر (التشويق) دائماً عند صياغة الشكل الدرامي خاصة المسرحي – منها – فيعيش (السرد) حالة قتالية مع عنصر (التشويق) الفني، فيتولد عن هذا الصراع (الإطالة) و (التطويل) الذي قد يمتد إلى التكرار وخلق رتابة في (رتم) والإيقاع العام للحوادث والمشاهد والفصول المسرحية، مع وجود بعض الألفاظ ذات المفارقة الدرامية الضاحكة – التي فاقت فهم الطفل.
وعلى مستوى فني آخر هناك اتجاهات عدة حول مفهوم المسرح وحقيقة العرض المسرحي والتفرقة ما بين المسرحة والنص المسرحي، فهناك وجهة نظر تقول أن المسرح شعر ويجب أن تسوده اللغة الشعرية كما كان في بداياته اليونانية، وأنه لابد أن يخضع الفعل الدرامي لهذه اللغة، وآخرون يرون أن المسرح قبل أن يكون شعرا أو نثرا في لغته فهو فكر، وأنه في سبيل إقامة المتعة الذهنية، على الفكرة الدرامية أن تحفظ خلال النص المسرحي دون أن تغادره إلى الخشبة وأجواء العرض الفني، وذلك خشية على الفكرة الدرامية أن تحفظ خلال النص المسرحي دون أن تغادره إلى الخشبة، وأجواء العرض الفني، وذلك خشية على الفكرة من الضياع عند طغيان " البهارات الفنية " وتسلطها مما قد يكون سببا في موت الفكرة وقتلها.
والذين يرون أن المسرح فرجة أولا وأخيرا يجعلون من تسلط الأدوات الفنية عند الإخراج ميزة وليست سبة، فقد تكون الفكرة المسرحية ضعيفة الحال أو مستهلكة وتقليدية، وبالتالي القوة الفنية والفعل الاستعراضي ببهاراته الفنية سيساعد على نهوض النص وفكرته، بل إنه من الضرورة بمكان تفوّق العرض المسرحي على النص الأدبي، لكي تتحقق الرؤية الإخراجية كمستوى آخر من مستويات العمل المسرحي الذي يبدأ بالكلمة المكتوبة ثم بالحركة المتميزة إلى الرؤية الشمولية التي يقدمها الممثل بانتشار حركته ضمن فعاليات الكلمة المكتوبة ومتطلبات شمولية الرؤية.
هذا الكلام النظري يلتصق بالمثال المسرحي الذي نحن بصدده، فالشاطر حسن عند مناقشة فكرته الدرامية يجب علينا التوجه أولاً إلى النص المسرحي وبالتالي نحكم على قدرة المؤلف في " مسرحيته " لهذه الشخصية الموروثة وإضافاته إليها. ولكن أمام هذا الظرف الذي نحن فيه لا نستطع الحكم باطمئنان تام إلا اعتمادا على ما شاهدناه من قوة الإخراج، ومحاولة الرفع من فكرة النص التقليدية التي لم تجاوز – عرضا – ذلك الخط الموروث عن الشاطر حسن وشخصيته الطيبة التي تحب الآخرين وتسعى لمساعدتهم، ووجوده كمنقذ المطحونين، ثم وجوده أخيرا كبديل عن السلطان في دارة الحكم وتخليص المظلومين من إشاعة جو الحرية بين الناس. فكان لابد أن نتبادل القوة مع الفعل الموقع، فيلتمس السلطان كقوة الحياة في الشارع وما يسودها من ديكتاتورية، لتأتي فعاليات الشاطر وهو في السلطة لتوصيل مفهوم الحرية إلى السلطات ومفهوم العدل من القصر إلى الشارع !
من هنا نكون أمام أسطورية شخصية (النائم اليقظان) (حسن المغفل) التي قدمها بعمق (سعد الله ونوس) في (الملك هو الملك) وجاء بها (حسن يعقوب العلي). هنا في الكويت – في مسرحية (الثالث) وقد سبقها (مارون النقاش) في (حسن المغفل وهارون الرشيد) بتاريخه قصد منها (التمجيد) دون التحليل والتفسير العميقين.وفي (الشاطر حسن) جاءت هذه الشخصية بصياغة فنية متواضعة خفيفة، عذرها إنها كتبت للطفل ومسرحه، فكان على أحدهما أن يتواضع للآخر وينزل إلى مستواه، فارتاح المؤلف أخيراً إلى إن ينزل من (الحدوته التاريخية) هذه من مستواها التاريخي وحدتها السياسية ومغزاها الاجتماعي إلى مستوى فهم الأطفال و ادراكاتهم.
أما الإخراج فقد رفض أن يعيش أمام هذا المستوى بتبريراته السابقة، فمندوب بلد (الحوت) - وهو رمز لإسرائيل - ومقابلته للشاطر حسن وهو سلطان بقصد التفاوض حول مستقبل (جزيرة الأمل) – التي ترمز إلى فلسطين – كل هذا كان (المَخْرج) بفتح الميم وسكون الخاء – الوحيد والجيد، والاتجاه العملي المناسب لكي يلعب (الإخراج) لعبته. فمزج الإخراج هذه الرؤية السياسية بمفهوم إنساني عميق، فالإنسان هو الإنسان، أكثر من إن (الملك هو الملك) فالملك قبل إن (يتسلطن) إنسان، لذلك خرج إلى السوق، إلى العامة، ناشدا الإنسانية والشاطر المسحوق دخل القصر ناشدا العدل لا السلطة والجاه، وبهذا تحققت المعادلة الديمقراطية الإنسانية، وهذه النقطة الجوهرية – إلى قد تكون قد غابت عن التأليف – هي صيد المخرج أحمد عبد الحليم الثمين الذي أستغل حركاته وتفسيراته من خلالها، فجاءت رؤية الإخراج بتفسير جيد وقف كأعلى مستوى فني ناضج وناجح في هذا العمل.
والتمثيل في هذه المسرحية – قيادة : عبد الرحمن العقل ومحمد جابر، قد أضاف إليهما الشيء الكثير قبل أن يضيفا هما إلى العمل أية إضافة جديدة، فقد خدمهما الدور أكثر مما خدما الدور خاصة (العقل) في دوريه المتناقضين، من إنسان مسحوق إلى ملك محظوظ، ولو أنه لم يتخلص من (شطارته) وهو في قصر مملكته. وأعطت (استقلال أحمد) ما يؤكد إنها الوجه الأكثر براءة وفهما لمسرح الطفل خاصة في أغنية (ما بين الجدران الأربعة) وهي مسجونة في القصر، مع فعاليات هدى حمادة وكاظم القلاف.
وحتى تتعانق الخشبة مع الصالة جاء الغناء الجماعي والتمثيل من داخل الصالة وإليها وكان من أقوى المبررات الفنية لكسر حائط الوهم أو الإيهام كما يحلو للبعض تسميته، وبذلك جاءت الخشبة امتدادا لأرض الواقع كما هي بداية لحوادث العرض المسرحي مما يجعلنا نصفق لهذا المستوى من الفهم.
وكانت المجاميع الغنائية من أمتع الجسور، التي سوت بين الخشبة والصالة، إلا إن فكرة الحق التي تنتهي بها تلك المجاميع الغنائية جاءت محمولة ومنتهية عندها أكثر من حمل الأبطال المسرحية لها ولذلك طرب الجميع للجملة الموسيقية أكثر من طربهم للجملة الفكرية، خاصة وإن عبد الأمير عيسي قد وفق في كلماته الغنائية بألحان عبد الله الراشد وتوزيعات حسين أمين الموسيقية، وإيقاعات غنام الديكان المبدعة والذكية خاصة في أغاني الختام وبالأخص أغنية (قال الشارع) مع إبداعات (العقل) بتصميماته الراقصة ذات البهجة. وبذلك استغل الإخراج أغلب الفعاليات الفنية الناجحة كديكور المسرحية الشفاف التجريدي الذي ساعد على أن يظهر أسلوب المسرح داخل المسرح، يسوده ذوق مصممته (ماجدة سلطان) بما ينم عن حس فني جمالي، كما وقفت الإضاءة بتمايز فعال في رسم الحدود الزمنية والمكانية وكذلك كانت فعاليات الصوت، والموسيقى التصويرية في قدرتها على التعبير.
وعلى الرغم من أن فواصل الغناء الموسيقية وخواتمها كانت توحي أحيانا بخاتمة العمل المسرحي ككل، ووجود التكرار والإطالة احتاجت المسرحية بدلا منه إلى شيء من التركيز والاختصار حتى لا يتسع ثوبها الفني الفضفاض عند حدود الحكاية والمعالجة الرئيسية في المسرحية، فأتت بصورة سابقة لأوانها، برغم من ذلك كله فإن مسرحية (الشاطر حسن) كعرض مسرحي كان جيدا في مستواه العام، حقق الإخراج فيه – مع مجاميعه الغنائية – فرصة التصاق الصالة بالخشبة ومعانقتها ومعايشتها، مع أنها صور غنائية عرفتها عروض مسرحية سابقة في مسرح الطفل، ومع ذلك فقد عاش الحضور حقيقة مع عمل حقق مسرح الفرجة للكبار ونواحي البهجة للصغار بشطارته في الإخراج والتلحين.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |