مسرحية الشاطر حسن هل كان الشاطر حسن... شاطراً حقاً !!بقلم: صالح البدري- دراسات في أعمال السيد حافظ (338)

السيد حافظ
2023 / 5 / 12

دراسات في أعمال السيد حافظ (338)
السيد حافظ في عيون كتاب وفنانين ونقاد العراق

مسرحية الشاطر حسن
هل كان الشاطر حسن... شاطراً حقاً !!
بقلم: صالح البدري
انتبهوا أيها السادة..
فى مسرحية " الشاطر حسن " أصبح الكسالى والصعاليك أبطالاً للحرية وأصبحوا هم فخر الوطن وفادوا النصر ضد الأعداء الموهومين وأطلقوا حرية السجناء المظلومين وأعادوا الحق إلى نصابه بقدرة قادر من خلال أغنيات ورقصات وحركات (عنترية) لم تقتل ذبابة.. وإنصلح حال السلطان الظالم بمشهد تمثيلى وخلال (لعبة) إستغرقت ثلاثة أيام فقط. واكتشف هذا السلطان (المخدوع) أن مآسى شعبه.. وإستغلال التجار والطفيليين له.. وإنتشار المدعيين ومروجى الخزعبلات والخرافات لم تأت إلا من (تحت) رأس وزيره (المتقاعس) الذى يأتى هذا السلطان فى نهاية العرض ليصادر أمواله وزجه فى الصفوف الأمامية لجبهة الحرب ذد المحتلين والغرباء !!..

حتى الوصيفة (المسكينة) التى كانت فى قصر السلطان تتعرض للسجن ؟ اصطحبت الأميرة (ست الحسن) ابنة عم هذا السلطان لنا مظلومة ومضطهدة هى الأخرى وسط جدران القصر الذى حكم عليها إلا تغادره لأنها (حبت أن تختلط بالعامة من الناس وأعجبها أن تزورهم فى أسواقهم الشعبية لكى تذوب الفوارق الطبقية فى نظر الكاتب على ما يبدو) وإنطلاقاً من حبها (للشعب الغلبان) وعلى طريقة ملكة مشهورة وصلها خبر إضراب شعبها لأنه لا يملك الخبر ويطالب به.. فأمر ان يأكل هذا الشعب الكيك بدلاً من الخبز.. !!

ترى.. هل حققت الجهود التى بلذلت بسخاء على إنتاج عرض (الشاطر حسن) ما هو مرجو منها ؟؟

يقول الكاتب والمفكر المسرحى الألمانى (برتولد بريخت).

" أن الفن الكبير أهدافاً كبرى ".. وإذا كنتم راغبين فى التأكيد من مدى جسامة عمل من الأعمال الفنية.. فلكم أن تسألو ما هى طبيعة الأهداف الكبرى التى يخدمها مثل هذا العمل ؟ والعصور التى تفتقر إلى أهداف كبرى تفتقر فى الوقت نفسه إلى فن كبير !!..

ومن هنا نتساءل الآن ما الذى أرادت أن تقوله مسرحية (الشاطر حسن) للأطفال فى الكويت ؟ وما هى هذه الأهداف الكبرى التى أراد أن يطرحها بوضوح وواقعية وصدق ؟ وهل تحرك العمل المسرحى المذكور على عجلات من القناعة والفهم وتقديم الدرس الأخلاقى أو السياسى أو الفنى للأطفال؟ ثم هل كان (الشاطر حسن) شاطراً كبطل درامى معاصر ؟ !..

قبل الإجابة حول هذه الأسئلة والإستعانة بالموروث الشعبى والفولكلور شىء صحيح ومشروع فى الأدب والدراما عموماً بل ومطلوب أحياناً.. إبتداءاً من ألف ليلة وليلة وكذلك كليلة ودمنة وإنتماءاً بالقصص الشعبى والحكايات الشعبية المدونة أو المنقولة ممن تتوفر فيها ملامح درامية أو شبه درامية.. وخصوصاُ إذا ما إستطاع الكاتب الدرامى ، أى كاتب ، أن يوظفها بالشكال الدرامى المقنع والصحيح.. مخترقاً قلب العصور السالفة لينتزع منها الشعور والهم والتجربة الإنسانية ويسلط الضوء على زماننا هذا.. لما فيهم من تشابه.. مسقطاً الاحداث على ما يدور.. مستعيناً بالرمز والترادف والتماثل التاريخيين من جميع منطلقات هذا التاريخ وروافده السياسية والحضارية الاجتماعية ولكى يجعل من المورث هذا سقفاً أو خيمة لتفسير احداث العصر وفصوله المضطربة المعقدة والمتشابكة.

وهذا ما دفع مجموعة كبيرة من الكتاب العرب لأن يخوضوا فى هذا المجال وينهلوا من هذا الرافد الثرى والغنى بالحكمة والعبرة الحسنة متمتعين بقدرة فائقة على الإنتقاء الدرامى الصحيح.. والأمثلة كثيرة وعديدة للمتتبعين والقراء والنقاد..

وتأتى محاولة كاتب " الشاطر حسن " (السيد حافاظ) مجاراة ومواكبة لهؤلاء المنتهلين من هذا الرافد (الموروث) والمحاولين توظيف حكايات ألف ليلة وليلة للطفل فى الكويت (كحكاية حسن المغفل) إلا أنه وهو يرفد من هذه الحكاية لم يتخلص من الوقوع بمطلبات التأثير الواضحة والتأثير المباشر بمسرحيات مثل (كان ياما كان) التى قدمتها الفرقة القومية العراقية على مسرح الكويت ونقلها تليفزيون الكويت أيضاً.. حيث البطل هو نفسه (حسن الكسرن) أيضاً. ولم يتخلص من الوقوع الواضح تحت تأثير مسرحيات أخرى معروفى وأكدت على ذكرها الصحافة الفنية كمسرحية (الملك هو الملك) التى عرضت فى الكويت أيضاً ومن تأليف الكاتب الملتزم سعدان ذنون هذا عدا عن مسرحية برتولد بريخت المعروفة (رجل برجل) وهى من إصدارات وزارة الإعلام فى الكويت أيضاً !.. وغيرها من الأعمال كثير..

يعنى مما تقدم أن المسرحية ليست تأليفاً أو من بنات أفكار الكاتب التى إطلق عليها (التأليف) ظلماً مادام أنه قد إعترف فى الندوة التى أقيمت يوم السبت 16/9/1984 وأمام جميع المدعوين للمشاركة فى مناقشة العرض المسرحى الذى نحن بصدده وبدعوى طيبة من مسرح الزرزور ، بأنه قد تأثر وإستفاد من المصادر المشار إليها وكان على الأقل أن يكتب كلمة (إقتباس) مثلاً إذا لم يتواضع ويكتب (إعداد) أو (دراماتورج) مثلاً..

ونعود أيها السادة .. إلى الأسئلة المطروحة والتى أشرنا إليها فى بداية هذه السطور التى نرجو أن تكون مفيدة ونافعة وفيها شىء من الوضوح والإضافة إنطلاقاً من الواجب الذى نشعر به تجاه المسرح ولكى نعبر عن وجهة نظر شخصية مخلصة فى زمن أصبح فيه الصمت.. وفاء لا خيانة.. والمسرحية التى قدمت على مسرح عبد العزيز المسعود فى (كيفان) فى عرض خاص للنقاد والفنانين والصحفيين.. ومن المهتمين بشرون مسرح الطفل يوم السبت 16/9/1984 وبحضور المخرج الأستاذ أحمد عبد الحليم والكاتب السيد حافظ..

وهى تتلخص بما يلى :

حسن صياد سمك.. من بيئة شعبية فقيرة.. عثر على كيس نقود وقع من الأميرة ست الحسن التى جاءت للتسويق متخفية (ولم نراها كذلك) لأنها تحب ان تتجول وتتفرج على (العامة) فى الأسواق من منطلق (وطنى إنسانى) للتعرف على هذا الشعب وكأنه فى (سيرك) !!..

ويجرى حسن الصياد وزميله فى المهنة (مختار) خلف الأميرة لكى يعطيها الكيس الذى وقع منها على أرضية السوق.. إظهاراً لأمانته.. مما يعرضه ذلك إلى أن يقع بين أيادى حراس القصر الذين حالماً يمعنون انلظر بوجهه حتى ينحنون راكعين له.. متوهمين انه السلطان صاحب القصر للتشابه الكامل والتطابق (المدهش) الذى أوجدته (صدفة) عجيبة ما بين حسن والسلطان.. ويصل خبر هذا التشابه والتطابق إلى السلطان المبتلى بمرض الكآبة الموهوم وبوزير راض عنه وهو سبب كل مشاكله.. وبمزاج متعكر وببراءة ما بعدها براءة لأنه مثلاً برىء من كل ما أصاب المظلومين داخل سجونه ولا بجزيرة الحوت المحتلة ولا.. ولا.. لأن الوزير هو الذى يدرى عن كل شىء ولا يفعل.. وهو (أى الوزير) المستبد الظالم القاهر والمستغل.. صاحب رؤوس الأموا لالطائلة والسلطان برىء ومسكين لا حول له ولا قوة.. متناسياً الكاتب مفهوم السلطة الطبقية المتشابكة المصالح والمتماثلة الأهداف والمنافع ويطيب للسلطان الذى واجه شبيهه أن يلعب لعبة الإستبدال المعروفة لكى يتلخص فيها من الحكم ويبتعد عن القصر ويعيش (وسط) الشعب كى يتعرف على العامة ولكى يعرف من بينهم هم وبشخصية هو ما هم عليه.. وليرى ما يفعله وزيره الذى إعتمد عليه كلية الناس.. حيث ظهر له أن وزيره لا يخدم إلا مصلحته.. وبقدرة قادر يقتنع كل من فى القصر إبتداءاً من الأميرة ابنة عمه (ست الحسن) ووصيفتها وكذلك الوزير وإنتهاء بالحرص وحتى الشعب.. بأن حسن الصياد ما هو إلا السلطان الذى أصبح طبيباً محباً لكل من فى القصر وللشعب.. النشيط الذى يستيقظ صباحاً (علماً بأن حسن كان يغط فى نوم عميق صباحاً فى المشهد الإستهلالى للعرض ولا يقوم من مكانه رغم الحاح صديقه مختار له الذى يطلب منه النهوض مسمياً إياه (شخرى) هذا قبل أن يرتدى رداء السلطنة).. والذى أصبح خفيف الظل متواضعاً يطلب من الآخرين ألا يركعوا له وأن يرفعوا رؤوسهم إلى أعلى عند مخاطبتهم له.. وبـأن يأخذوا حريتهم فى الكلام ويعبروا عن مشاعرهم بدون خجل أو ولج أو خوف.. ويردد الكلمات الكبيرة (الرنانة والطنانة) عن الحرية وحب الحياة وتمجيد الإنسان كأى تأثر وطنى هذا الصياد غير المؤهل لقول مثل هذه المفاهيم فيلسوفاً وتأثراً وداعياً وبطلاً من أبطال الحرية والشموخ وعلى طريقة (براتدراسل) الفيلسوف والمفكر البريطانى المعروف فى دفاعه عن حقوق الإنسان ؟؟؟

وحالماً يصل حسن الصياد إلى القصر (حيث جسده لنا عبد الرحمن العقل شخصياً تجسسداً لا موضوعياً بتميز سلوكه بالطفولية والبلاهة وبحركات أقرب إلى شخصية المهرج (الكلاون) بقصد الأضحاك.. منه إلى الإنسان السوى العاقل الفاهم الذى يطلق صرخته بوجه الوزير والحاشية : " كيف تريدون من شعب مظلوم ومسجون وكمم الأفواه أن يحارب الأعداء ويحرر جزيرة الحوت؟").

أقول.. حالماً يصل حسن الصياد إلى القصر يطلق سراح السجناء المظلومين (ويعين) !! صديقه مختار مساعداً له وسط صيحات دهشة الوزير ولكن هذا المساعد الجديد الذى هو مختار يختفى كلية من القصر ولا يظهر بعد ذلك !! وظهر لنا وكأنه لا يعرف أن الشاطر حسن هو السلطان المختقى الذى (نزل) ليعيش بين (العامة) حيث يودعه بعد ذلك وداع الأصدقاء والأحبة باكياً مولولاً رغم أن هذا السلطان الذى أصبح الشاطر حسن أيضاً لم يقم بأى عمل يذكر.. يجعل من (مختار) وفياً محباً باكياً لهذه الدرجة..

وتنتهى الأيام الثلاثة، ويعود السلطان إلى قصره نادماً.. مستفيداً من الدرس معترفاً بجميل حسن الصياد وبنصائحه حول سلبيات عزلته عن الشعب.. وبما قام به.. ويعود السلطان سلطاناً أكثر تهذيباً وكأن شيئاً لم يكن وكأن السلاطين فى عصرنا هم دائماً بحاجة إلى دروس فى الأخلاق فقط..

أقول.. يعود طيباً محباً لشعبه وللحرية.. مؤمناً بالحب.. مبادراً إلى الزواج من الأميرة ست الحسن التى طال إنتظارها لهذا الزواج وعلى طريقة أغلب الأفلام المصرية والهندية والتجارية !!

نلاى ألا يكفى (سلاطين) هذا العصر من الجانرين (المخدوعين حسب مفهوم الكاتب).. ألا يكفيهم ما يحطونهم من خبراء ومستشارين ومختصسن بشهادات عليا بأمور السياسة وأحوال الحكم ؟؟ واكثرهم من خريجى الأكاديميات العسكرية الألمانية والأمريكية ممن تلقوا دروساً مكلفة النفقات من مدارس الإستخبارات المعروفة ، حتى ينتظروا من ابن الشعب المغلوب على أمره وبالمصادفة أن يكون الخبير والناضج والمستشار.. الخ ؟؟

لقد أظهر الكاتب لنا شخصية (حسن الصياد) فى قصر السلطان شخصية ترفض الخزعبلات والترهات كقميص (أسعد سعيد) مثلاً الذى خصصت جانزة (ثلاثة الآف دينار) لمن يجلبه للسلطان الحقيقى لأنه مريض بالوهم حيث زرع الوزير ذلك فى ذهنه ؟؟.. وهذه التفاتة جيدة وترتدى قميصاً (واقعياً وعلمياً ومادياً) من الكاتب على أساس إن حسن الصياد قد ظهر لنا فى مشهد رفضه هذا لما يسمى بقميص السعادة الموهوم.. فهو من خلال ذلك رجل عقلانى يفكر بواقعية ويمؤمن بأن السعادة لا يحققها مجرد قميص للإنسان.. لكنه لم يترك لنا ذرة نقاء بعد ذلك لهذه الشخصية (الثورية) المصنوعة على طريقه (اليانكى) والجنود ذوى البدلات الزرقاء المدافعين عن القانون والحرية ذد همجية وبربرية وتخلف الهنود الحمر كما تصورهم لنا أفلام التلفزيون الأميركية وعروض السينما.. حيث أظهر لنا الكاتب أن هذا البطل (الواقعى) الذى يرتدى قميص (العلم) ويفلسف الأشياء من منظور (مادى) بحت ومزعوم هو كهذا الجندى ذو البدلة الزرقاء الذى يعاقب ويطارد أبناء الوطن الأميركى الأصليين.. والشاطر حسن بدأ طرد ويعاقب ويكشف زيف والاعيب أبناء جلدته ومواطنيه وطبقته من خلال شخصية الحلاق البصير وبائع السمك – رفيقة فى المهنة – حيث ادعى الأول أنه تاجر من (بغداد) والثانى تاجر لؤلؤ.. وكان من المفروض أن يمارس مثل هذا الخداع آخرون لهم مو اقف معروفة فى الإبتزاز والخداع والإستغلال ليأتى فعلهم إمتداد لطبيعتهم الطبقية الشرهة ولسلوكهم الإيديولجى والإجتماعى فى الحياة.. ومن هذا المنطلق.. منطلق نماذج أبناء جلدته وسلوكهم الجديد فى خداع السلطان بقميص أسعد سعيد.. يكون الكاتب – عن قصد أو دونه – قد إتهم هؤلاء بالخداع والتكالب والإبتزاز وهم اناس لا يستحقون الرحمة وشعب لا يستحق الثقة لأنه يعيش إلا بالنصب والإحتيال والخديعة ضد من ؟ ضد السلطان المسكين البرىء المخدوع ؟

فالشعب.. كما أظهره العرض هو السبب فى إرتفاع الأسعار مثلاً.. حيث باشع (الفاكهة) الجشع المتصيد لأموال الناس المسحوقين.. أو كما يردد حسن الصياد أكثر من مرة حملة (شعب اتكالى).. علماً بأنه قد ظهر فى مشهد آخر يفلسف لنا فيه اسباب السعادة والشقاء وبأن أمرهما خارج عن إرادة الإنسان.. ناهيك عن الكلمات المبتذلة التى يطلقها (الشاطر حسن) على إحدى الشخصيات مثل كلمة (خايس) وأمام حشد من المهتمين بالفن المسرحى والمدعوين الذين دعوا لمناقشة عمل ؟؟ ترى ماذا يفعل إذن هذا (الشاطر) يوماً حيت يختلى بالأطفال فى عروض المسرح العادية ؟.. ثم كيف تجيز الرقابة كلمات مثل هذه .. أين دور المسرح التربوى إذن وهو موجه للطفل.

إن الجميع يعلم ما هو عليه الموقف العربى الحالى (الرسمى خصوصاً) تجاه مفهوم الحرب مع (إسرائيل).. وتجاه هذا الكم الهائل من المشاريع الكثيرة والمؤتمرات العربية وقراراتها الأخيرة والداعية كلها للإعتراف ضمناً بالعدو الإسرائيلى الصهيونى مقابل إقامة الدولة الفلسطينية وحل القضية الفلسطينية والشرق الأوسط حلاً سلمياً.. فهل عادت الحرب يعد هذا التخاذل التاريخى الطويل الامد والمدعوم رسمياً ، هل عادت هى الحل الأمثل للمشكلة حيث يقوم (الشاطر حسن) بتثقيف الأطفال (عسكرياً) وإعطائهم دروساً فى المقاومة والإستبسال ؟

ثم عن أى حرب هذه التى يدعو إليها الكاتب ، جمهور الأطفال لشنها بعد جميع هذه المتغيرات على الساحة العربية الداعية إلى الحل السلمى أو عن طريق السير على طريق كامب ديفيد..؟

أن العرض المسرحى لم يلتزم أبداً بوعده بتقديم مسرح للطفل كما يشير هو إليه.. حيث أن الأفكار المطروحة فى هذا النص رغم تشوشها وإبتعادها عن الواقع والقناعة الدرامية وحتى الإيديولوجية ، لا تستطيع أن تصل إلى ذهنية الطفل الذى ييحتاج فى هذا السن (الطفولة) إلى أفكار تربوية محددة وواضحة ضمن عملية توصيل جمالية مبسطة وغير مبهرة.

تزرع فى نفسه قيماً من الخير والجمال والعمل وحب الوطن والوفاء والصداقة.. الخ لا أن يقدم له نماذج وشرائح على مستوى معين من الغربة والإبتعاد.. وبهذه المفاهيم الأيديولوجية والطبقية.. أو اطروحات كبيرة القصد كالحرية والإضطهاد والظلم وتحرير الأرض المحتلة وبهذه المباشرة والفلسفة.. لأنه من الممكن التعبير عن ذلك – كى لا يهتم الطفل بالغباء – وتقديم هذه المفاهيم ولكن بالشكل المبسط القريب من فهم ومدارك هذا الطفل الذى تخاطبه المسرحية.. وبوضوح مبسط قريب من تجربة هذا الطفل مستعيناً برموز البينة ومسميات الأشياء المباشرة والمألوفة التى تكون دائرة علاقات الطفل ومداركه العقلية والنفسية من خبرات بصرية وسمعية.. كما يلخصها العالم المعروف (ماكدوكل) وليس هذه المفاهيم التى تتطلب مشقة فكرية وخلفية وثقافية وشخصية سياسية تناقش وترفض وتتعلم بفهم وتقتنع..

فمسرح الطفل ليس أغنية ورقصة.. وليس من الواقع والمناسب أن تنسب كل موضوع وكل معالجة. مهما كانت حسن النية متوفرة تحت إسم مسرح الطفل.

أو كما يقول (ليون شارسيريل) فى كتابه (المسرح فى العالم): "إن المشاهد ذات النوعية الإنسانية والفنية والتقنية العالية وبخاصة إذا صورت وأخرجت للشباب وللأطفال بالإشتراك مع المربين والفنانين والحرفيين الواعين لمثل هذه المهمة ، ولمسؤولية الذين يأخذونها على عاتفهم تستطيع أن تساهم بشكل كبير فى التقدم الروحى للشعب وفى إنتشار الثقافى والذوق. يمكن إعداد مشاهدين ونقاد ومبدعين مطلعين ، وإن يقدم فى الوقت نفسه للشعراء ولمهندسى الديكور وللممثلين والمخرجين فى هذا الوقت فرصة رائعة وحقيقة للبحث عن التجديد وللإبتعاد عن التقليد والإعراف وعن الكثير من العراقيل التى تحد من الهامهم الحر وتقدم لهم جمهوراً كبيراُ ممن لم تشكلوا بعد ولم يزيفوا المتحمسين والمتشوقين ، بشكل رائع ، جمهور الأطفال والشباب".

أو كما يقول انطونيو غاراسينا من أسبانيا وهو يتحدث عن فهم مسرح الأطفال قائلا: "يجب ألا نقدم العنصر السياسى والإجتماعى كشىء محدد وقطعى وغير قابل للنقاش ، وهنا ننتقل إلى المقدمة المنطقية والأساسية وهى أنه علينا ألا نشوه الطفل بحمله على تبنى حلول معينة وآلا نؤثر عليه بحيث نبعده عن فطرته الأولية وشعوره الأخلاقى عن طريق إقحامه بالموضوعات السياسية والدينية المقدمة إليه بحذق ومهارة.. اعتقد أن من الضرورى أن نعرف كيف نبين للأطفال سلسلة القيم الشعرية والإجتماعية والأخلاقية بل والإقتصادية أيضاً دون إفراط ولا حلول موضوعة.. إذ لا بد أن الطفل فى أعماقه بعرف كيف يدرك هذه القيم بنفسه.. فيتجنب منها ما هو أقل أهمية ويستقى ويختار ما هو أكثر أهمية وإيجابية..".

ويتساءل " برتولد بريخت " قائلاً فى إحدى كتاباته " " هل يتعين على الدراما أن تكون هادفة ؟ " ويجيب (بريخت) على تساؤله هذا قائلاً : " لعلها غير ملزمة " ولكنه يبدو بوضوح تام انها هادفة فكل دراما لا تقتصر على هدف الحصول على المال يكون لها هدف آخر أيضاً..

ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول : أن هدف الحصول على المال من وراء عروض الطفل لا يعنى إلا الإبتعاد الكامل تماماً عن هدفيه هذه العروض الأخرى تربوية كانت ام فنية أم سياسية.. ومسألة الهدفية هذه لا تتأتى إلا ضمن الفهم الكامل لما يجب أن نقوله لخطورة هذا النوع من المسارح على الأجيال القادمة.. مع تقدير للنوايا الطيبة هذه لا تصنع لوحدها مسرحاً للأطفال..

لذا بات من الضرورى أن تقوم الدولة بالإشراف على هذه العروض. إنتاجاً وفحصاً مدروساً للنصوص القادمة ومن قبل لجان مختصة تضم المربين والفنانين والمخرجين.. كى لا يتحول الطفل فى الكويت إلى بضاعة رائجة فى أسواق عروض مسرح الطفل الرديئة.. ودعم العروض المسرحية الجيدة وتشجيعها الفرق الكويتية الأربعة أيضاً للإسهام فى تقديم أعمال جيدة للطفل.. ذات أشكال ومضامين فنية مقبولة ناجحة.. ترى لم يحن الوقت بعد للإهتمام بهذا الجانب المهم رسمياً إنقاذاً للأطفال من بعض العروض السيئة والتجارية.

الإخراج فى الشاطر حسن :

يقول " الكس بوبوق " فى مؤلفه المترجم عن الروسية : " التكامل الفنى فى العرض المسرحى (مطبعه وزارة الثقافة السعورية – 1976 ص 51) " : " لقد اهتمت " المدرسة " الشكلية القديمة بصعق المتفرج وإذهاله عن طريق التكنيك. فالمخرجون الشكليون قد سعوا كل جهودهم لأعداد " الشهب النارية للعرض المسرحى" ولقد قدمت كل هذه الضجة على انها إبداع وجرأة فى مجال الإخراج"..

كم هذا المنطلق نستطيع أن نفسر جهود الأستاذ أحمد عبد الحليم فى إخراجه لمسرحية الشاطر حسن.. علماً بان عبد الحليم من المخرجين القلائل من الذين أخرجوا للمسرح فى الكويت والذين اجادوا جادة واضحة ومتمكنة تجاخ النصوص الجادة ذات الأهداف والقيم والأفكار العليا.. وخصوصاً تلك المسرحيات التى تحوى المتضامنين المعاصرة والملتزمة ويذكر الجميع مسرحياته التى أخرجها إبتداءاً من مغامرة رأس المملوك لسعد الله ونوس لفرقة المسرح الشعبى وإنتهاءاً بآخر أعماله التى اخرجها للمعهد العالى للفنون المسرحية كمسرحية " سمك عسير الهضم وسور الصين " حيث تعامل بحس إنتقائى ضمن مناخ مسرحى مبنى على أساس من الجودة والصحة.. لأنه كان قد إختار نصوصها درامية معروفة بقيمتها الدرامية وبمضامينها المتطورة.. نصوصاً تمتاز بهذا الوضوح الفكرى والقصدية الجمالية في البناء والتكنيك ، ورسم الشخوص والأحداث لهذا فلا نكر أبداً أن الفنان عبد الحليم واحد من المخرجين القلائل الذين يمتازون بعقلية إخراجية جيدة وطموح فنى واضح وتجسيد عملى طليعى وذلك تجاه النص الجيد والمنتقى على هذا الأساس.

وتأتى تجربته الأولى لمسرح الطفل (ولاعذر له إن كانت الأولى أ والعاشرة) تأتى مغرقة بالجانب الشكلى المهتم بنوع من أبهار المتفرج بالتكنيك المقحم على نص لا يتحمل كل هذا التكنيك والإبهار...

وبإستخدامات تشكيلية حينة النواا من خلال اللون والصورة.. متجسداً ذلك فى الديكور والإنارة والملابس التى وظفها انطلاقاً من طموحه ولكن بإنفصامية اينمية حيث ان العملية الإخراجية لا تتعلق فقط بإنجاز هذا الجانب أو ذلك من التكنيك أو الميانين أو الإبهار فى الديكور أو الإنارة أو الملابس وإنما تتعدى ذلك إلى إبراز القيم الفاضلة والمفاهيم الإنسانية العليا من خلال نقعد عسير لمادة النص الأدبى وعدم الإلتام به حرفياً والوقوع تحت طائلة المخرج المنفذ للنص فقط.. فالمخرج بإختياره للنص ، إنما اختار قمة هو.. اختار الوقوف إلى جانب قيم الخير والجمال وجسدهما على خشبة المسرح.. اختار الوقوف إلى جانب الإنسان مستعيناً بفهمه وثقافته وفكره وإيمانه بعلم الإجتماع وسوسيولوجيته.. كى يبر لنا قيماً مادية حضارية وإنسانية.. يتدخل فى تفسره للشخصيات وفق منظور إنسانى.. ويعمق مفاهيم الشر عند الشريرين.. ومفاهيم الخير عن الخيرين..

إن ما وقع فيه الأستاذ أحمد عبد الحليم أنه نفذ النص كما هو بكل إختلاطاته ومفاهيمه اللا واقعية المبنة على صيغ من المصادفة والقدرية.. وتعامل مع شخصيات المسرحية كما رسمها الكاتب فى النص علماً بأن النص جسد لنا مفهوم الشعب كمجموعة من الكذابين الوصوليين الاتكاليين.. لذا كان يجب النظر إلى شخصية هذه المجاميع (الكورس) على ضوء المفاهيم الطبقية التاريخية والنفسية والإجتماعية.. ولا يجسد لنا شخصيات الشعب المسمومة بهذه الدناءة وهذه الحقارة التى جعلتنا نستغرب لماذا هم اذن كذابون وصوليون واتكالبيون ؟؟ أليس من الأجدر أن تبر شخصيات أخرى معروفة بشراهتها الطبقية وتكالبها على المال وتحقيق الربح والثروة بأية طريقة لكى يكون للشاطر حسن موقفاً طبقياً أخلاقياً وإنسانياً فى كشف هذه العناصر المعروفة وليس هذه النماذج م نالشعب الذين عاش وترعرع بينهم حسن الصياد واعنى بهم مثلاً سعيد الحلاق وصياد السمك الآخر الذى جاء ليقبض جائة السلطان الموعودة لكل من يجلب قميص (السعادة).

إن المخرج المعاصر صاحب فكر وموقف وحس نقدى تجاه النص خاصة إذا كان هذا النص لا ينتمى إلا إلى الفكر القديم بمفاهيمه وتفسره للأحداث والشخصيات.. والفنان أحمد علم جداً ما هى نظرة المخرجين الطليعيين فى العالم أجمع للنصوص الكلاسيكية الشكسبيرية مثلاً ولأن القيم التى فيها لم تعد (خالدة) لأنها قيم أفراد المآسى والبطولات التراجيدية التى مجدها شكسبير فى فترة محددة.. حيث بدأ الميل الآن لتجيد البطولة الجماعية لا بطولات الأفراد.. ولأن المتغيرات التاريخية وإنعطافاتها المتلاحقة تخلق هى الأخرى قيماً جديدة أو كما يقول (برتولد بريخت): "فى الحقيقة أن لدى الزنوج وسيلة جديدة لإستعمال أدوات الحلاقة – هى تعليقها فى الرقبة – غير أن مثل هذه الوسيلة – لا تؤدى إلى تحسين جوهرى لأدوات الحلاقة ".

ويقول الكسى بوبوف ص 79 منا لمصدر السابق : " إن فكرة المخرج لا يمكنها أن تعطى معالجات غير متوقعة إلا عندما تطور فكرة الكاتب.. وعندما ترتبط بالعصر كما أن المخرج لا يستطيع أن يملك حريته وإستقلاله فى الحلق الغنى إلا على اساس من الشعور العميق " بجوهر " المسرحية.. وبقدر ما تكون رؤية المخرج للحياة التى تصورها المسرحية مستقلة وواضحة. يكون هو نفسه قادراً على كشف الفعل الدرامى بشكل أقرب إلى الكمال".

ترى وبعد هذا كله أن إستقلالية المخرج فى مسرحية الشاطر حسن.. علماً بأنه لم يستطيع أن يوجد أية علاقة ما بين الأغانى والرقصات الإستعراضية وما بين تفسيرات الحدث الدرامى خصوصاً إذا علمنا أن هذه الأغانى والرقصات كتبت من قبل كاتب الأغنية (عبد الأمير عيسى) وتم تنفيذها ليس من قبل المخرج كى يخلق ثمة علاقة درامية تعبيرية وليس تطريبية كما حدث.. خاصة وإن اقتطاع هذه الأغانى بمجموعه لا يؤثر على مفهوم سير تطور الخط الدرامى فى العمل. بل أن الأغانى كانت أشبه بالعكازات التى أراد العرض قولها لعجز النص عن تجسيده درامياً..

إن هنالك ملاحظة جديرة بالإهتمام يجب الإنتباه لها عند إختيار الشكل الدرامى للعرض المسرحى ألا وهى الخيال عند الطفل.. فهو ليس كالكباريستقبل الشكل المبنى على الطبيعة الصارمة والواقعية القاسية.. فبمشاهد خشنة الطائر الوحش الضخم الجثة الذى يوجه السؤال لحسن الصياد أثناء حلمه عن الشىء الذى يمشى فى الصباح على أربع وفى الظهيرة على اثنين وفى المساء على ثلاثة ؟ هذا السؤال الأوديبى المعروف..

كما أن الكم الهائل من المطاردات والصراخ والبنادق والديكور والحديد والشعار وموسيقى الحرب والمارشات العسكرية.. الخ. كل هذا مما يشكل عملاً ثقيلاً على كاهل الطفل الكتفرج.. حيث إستخدام هذه الصيغ جميعها وكأنها لمسرح الكبار وليس للصغار.. حتى الأداء كان متسماً بالجدية المفرطة وكان المثل يخاطب جمهوراً من الكبار وليس الصغار ناهيك عن اللغة المستخدمة والتى لا تمثل إلا هذه الفخامة الرسمية بالتخاطب.

وكان من الممكن أن ينحو الشكل المسرحى عموماً وكذلك الأدوات الأخرى والتمثيل منحى يتسم بالبساطة وخفة الدم ودغدغة مشاعر الطفل الذى كان يضحك مثلاً لحركات (عبد الرحمن العقل) لولا المبالغة فى تصوير الشخصية.. فالوزير مثلاً (كاظم القلاف) يذكرنى بأدواره فى جميع مسرحيات الكبار.. وكان من المفروض أيضاً أن يتم إختيار طريقة النطق والتلفظ مبتكرة حيث نجح (محمد جابر) مثلاً فى طريقة نطقه بحكم طبيعته الصوتية المعروف بها فى كل أدواره ولا أدرى متى سيخرج من جلد هذه الشخصية النمطية المكررة فى كل عمل ومأنه نفسه فى كل الأدوار..؟

كما تعاملت الفنانة (إستقلال أحمد) بواقعية وطبيعة صدفة مع دورها كأميرة بحكم الشخصة المرسومة لها فى النص. وأيضاً أصابها ما أصاب غرها من الممثلينمن إهمال المخرج فى رسم الشخصيات التى لم تبدل جلدها ولم تكلف نفسها هى الأخرى فىالبحث عن شخصيات فى عرض للأطفال.. وبقيت تعطى بحدود إجتهادها وفهمها لشخصية الدور على ضوء ما هو مرسوم.. وكأنها تعرض للكبار..

لقد كثرت فى العرض وبشكل مكرر وممل حالات إستبدال المشاهد التى كانت ملمة بحالات تغير المناظر المتعددة. وما صاحب ذلك من اظلام متكرر.. وهذا قد يحدث فى تقديم عرض للكبار من القادرين على التواصل مع الحدث الدرامى ومتابعته رغم ذلك.. لكن هذا التبديل المتكرر والإظلام أيضاً من شأنه أن يشيع الملل ويقطع تسلسل الحدث للطفل الذى لا يملك هذا التركيز وهذه القدرة على الإلتصاق بتسلسل الاحداث وكان بالإمكان إستغلال أقل عدد من المناظر فى منظر أو منظرين أو التركيز على المناظر الثابتة والمتكررة الإستعمال (كقصر السلطان مثلاً) وإستخدام جوانب المسرح أو مقدمته للمشاهد القصيرة القليلة.. وكان بالإمكان إستخدام يمين امس رح (بالنسبة للجمهور) حيث كان ينام حسن الصياد فى منظر ثابت متكرر بدلاً من إستخدامه لمرة واحدة حيث ظهر فيه حسن نائماً فقط وحيث لم يستغل بعد ذلك أبداً..

وقد ظهر التناقض واضحاً ما بين الملابس الشديدة التفاصيل والواقعية وما بين الديكور الإيحائى التجريدى.. علماً بأن المسرحية واقعياً وطبيعية جداً حيث الشخصيات التى مثلت أمامنا شخصيات واقعية بأياء تاريخية معروفة.. وكان بالإمكان أن يستخدم ديكورا واقعياً أيضاً.. حيث إنعدمت الوحدة المطلوبة ما بين الشخصية والملابس مع الديكور..

كم كنا نتمنى أن يظهر لنا حسن الصياد بشخصية أخرى فى بداية ظهوره يمتلك ملامح النضج والتعبير عن معاناة شعبه وما يحق به من مشاكل وهموم.. يمتلك وجهة النظر لمواطنيه حتى لو ببساطة ابن الشعل الفطرى الذى يدرك أسباب كل هذا الظلم وهذا الغلاء وهذا الإحتلال لجزيرة الحوت مثلاً.. كى نقتنع بشخصيته كبطل درامى يتطور مع تطور الأحداث ويجد فى الفرصة المتاحة له خلال ثلاثة أيام ولو بالمصادفة الحلم الذى ينتظره لكى يقضى على جميع أسباب هذا التخلف وهذا القهر وهذا الإستلاب.. ولا يتحول إلى واعظ (للسلاطين) على طريقة اعرض المسرحى الذى قدمته لنا مؤسسة الزرور.. وألا يكون (بطلاً) لفظياً ساذجاً يتحول بقدرة قادر إلى (فخر الوطن) والثائر الأوحد الذى يعيد الحق إلى نصابه والحرية إلى الجميع بقدرة قادر.. ثم يعود من بعده السلطان ليكون على شاكلته مستفيداً من هذا الدرس.. ترى ما الذى يعيد الحق إلى نصابه والحرية إلى الجمع بقدرة قادر.. ثم يعود من بعده السلطان لكون على شاكلته مستفيداً من هذا العصر الجائرين من تغيير أحوال شعوبهم نحو الحسن ؟ هل لأنهم عيشون فى أبراج عاجية فقط ؟.. أو لأنهم يخافون النزول إلى الشوارع ؟ ولماذا هم أبرياء من كل ما يحصل من مآسى للشعوب ولمواطنيهم " هل لأنهم غافلون ؟ والذين يحيطون بهم.. من الذى أتى بهم ؟ وما هى المصالح الطبقية التى تربطهم ببعض مع السلطان الذى يشكل قمة هرم هذه المصالح وحاميها. ثم كيف تعاد الحرية للناس ويخرج السجناء المظلومين للسجون والأسباب باقية كما هى ؟ أى لماذا دخلوا ولماذ ؟ هل لسوء فهم من الحاكم أو السلطان ؟

إن الشاطر حسن لم يكن (شاطراً) حن أصبح سلطاناً والأميرة ووصيفتها.. وكشف للسلطان وللأميرة بأن أبناء جلدته لا يستحقون إلا الرجم قطع الأذرع والجلد لأنهم غشاشون ؟ ؟

ان بطولة رومنتيكية على طريقة (الشاطر حسن) لا تجلب إلا الدمار للشعوب والمجتمعات وخصوصاً أن الحروب لا تقوم بنداء بل هى حاجة نفسية وبيولوجية وسياسة للدفاع العادل عن الحقوق والأرض.. وليس هى على طريقة الحروب الطبقية التى تشنها أميركا مثلاً فى مختلف بقاع العالم الساخنة كى تبيع سلاحها وتفرض همنتها على شعب العالم.. وتضمن بقاء العال مختلفاً والشعوب مقهورة..

ولا ندرى كيف اتعظ السلطان بثلاثة أيام.. وكيف استطاع أن يصادر أموال الوزير ويبعث به إلى جبهة القتال.. يرى هل ان مصائب شعوبنا العربى هى بسبب وزر واحد؟؟ أم بسبب الهيمنة الطبقية والموالية لأنظمة الاحتكار العالمى والتبعية؟! والأنظمة الدكتاتورية التى لا تشبع وبسبب غياب الديمقراطية الحقة التى يستطيع من خلالها أن يمارس الشعب المنتج حقه الطبيعى فى الحياة ورسم السياسة العامة.

نستطيع أن نقول التفكير بكتابة مسرحية أو إخراجها يعنى فضلاً عن ذلك ، إعادة تنظيم المجتمع ، إعادى تنظيم الدولة ، تعنى بالإشراف على الإيدولوجية على حد تعبير المفكر المسرحى الكبير برتولد بريخت.

ترى هل إستطاعت مسرحية " الشاطر حسن " أن تعد تنظيم المجتمع وتشرف على الأيديولوجية بإتجاه مفهوم التغر على خشبة المسرح.. لا أعتقد ذلك !!

وأخيراً انتبهوا أيها السادة

انقذوا أطفالنا من تشوهات ما يسمى بمسرح الطفل ظلماً.. وعدوانا.. فمسرح الطفل مفاهيم سلوكية تربوية لا زعيق.. ولا رقص وهز الأرداف والبطون.. وانما فكر وفن وقيم جمالية تأخذ بيد الطفل (المخدوع) نحو درجات من التهذيب والفهم والمواطنة الحقة.. لا تذاكر تباع فقط.. ولا كانت بذيئة وتصرفات خاطئة لا مسئولة.. وكان الله فى عون طفلنا الغائب ما دام هذا هو وتحية للمخلصين فى هذا المجال.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي