|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
السيد حافظ
2023 / 4 / 24
- دراسات في أعمال السيد حافظ (300)
السرد الروائي ما بين خلخلة التأريخ وتجاوز الذاكرة
دراسة عن رواية :كل من عليها خان
بقلم: د. وفاء كمالو
تشاكسه عيناها الجميلتان..، تشاغبه الكلمات والمعانى.. تصير الحروف رمالاً، ويصير الجهل موجات.. ، الفتنة غواية، وعشوق الجمال عنوانه.. الورد ليس عطراً..، بل معنى يداعب الروح.. فالجنة أسرار، والعشق أشعار والخيانة بعض من العشق، فهل أنت زانية يا سهر..؟؟ أم عاشقة لرجل آخر؟؟
تحسست سهر صدرها.. عرفت أنه سرق قلبها إلى الأبد..
أمام ضوء القمر أهدها فتحى رضوان وردة الفل وشمس مصر وقلب عصفور، ونغمة ناى.. أخبرها أن الحب لا يعرف السلطة ولا الأخلاق ولا الحلال من الحرام.. الحب جبار، ليس له عنوان ولا مكان ولا زمان.
ظلت الأسئلة تحاصره..، كلما وجد إجابة تفجرت آلاف الأسئلة.. كل موجه خلقها موجات..، وذات ساعة سيتخذ قراره ويحدد هل الكتابة جنته أن ناره..؟ أم بين الجنة والنار؟؟
· تأخذنا تلك الإيقاعات إلى الرواية المشاغبة "كل من عليها خان" للمؤلف السيد حافظ، القامة الفنية الشامخة..، والكيان الإبداعى المثير للجدل..، المسكون دوماً بالثورة والتمرد، والشاعرية والجموح لهو يمتلك وعياً ثرياً بمفهوم الجدل التاريخى..، انطلق من خلاله إلى عالم درامى مثير، مشحون بالاشتباكات الساخنة مع رؤى الماضى وتناقصات الحاضر والمستقبل..، فلامس آفاق الدهشة عبر فكر متوهج وأسلوب رشيق، وصياغات متفردة ولمسات ساحرة، بعثت وجوداً وحشياً شرساً ينبض بحرارة التكشف وعمق التساؤلات.
· يبدو أن كل من عليها خان..، كل من عليها هان.. وكل من عليها بان..، هكذا تحدث السيد حافظ فى ملحمته النارية التى تفتح أبواب الجنة والجحيم، هكذا نكتشف معه هذا الوجود القريب البعيد، الشرس العنيد..، نلمس الروح والجسد والعشق والدم والجنون.
· نقرأ فى "مذكرات رجل يضاجع الوطن والتاري"، عن الشر والخطيئة..، من أول إرهابى على الأرض..، أول قتيل، وأول دماء بشرية تسيل.. عن نارمر أول أنثى انقسم قلبها إلى نصفين. وعبر سحر التقاطعات وجماليات السيطرة على الزمن.. نعلم أن الوطن يلقى بالفقراء ملى أرصفة الجوع، أو الموت غرقاً فى البحر.. وأن الفقراء يعبدون الله ثم الحكومة وفى النهاية يموتون بلا مقبرة، فلا شئ حقيقى فى الوطن، والإبداع ليس له ثمن.
· تأتى رواية "كل من عليها خان" كوثيقة إبداعية تمثل لحظة فاصلة فى تاريخ الرواية العريقة، فالمؤلف السيد حافظ يقود الآن ثورة عارمة يشهدها واقعنا الثقافى عبر الميلاد الأسطورى المبهر لشرارة الوهج، التى تفتح المسار إلى آفاق رحبة نمتلك فيها الوعى والصوت، والحرية والذات..، إنها ثورة الرواية الجديدة على آليات البناء الروائى الكلاسيكى..، فنحن الآن فى سياق مشروع إبداعى ضحم، تحددت ملامحه عبر نماذج رواية سابقة كتبها المؤلف، وهى "نسكافيه" ، "قهوة سادة"، "كابتشينو" و" ليإلى دبى"..، حيث تناولها العديد من نقاد مصر والعالم العربى، ورصدوا ملامح الحداثة، وتقنيات الكتابة، وأساليب تجاوز المفهوم الروائى الكلاسيكى، وكذلك إيقاعات تطور تجربة السيد حافظ عبر أجزاء ملحمته الكبرى. فى هذا السياق ترتبط الرؤية الحداثية للرواية بشكل عام، بفكرة غياب الأطر والمرجعيات، وانتفاء مبدأ الوحدة العضوية، والتناسق والهارمونية، لنصبح أمام كتابة بلا مركز، تتباعد بقوة عن المرجعيات الاجتماعية، حيث ينمو العمل الفنى ويتشكل عبر اختلاف الرؤى وتعدد الأنماط، والتمرد على سلطة المطلق والواقع والاتجاه العارم إلى إيقاعات الحس والمشاعر، واندفاعات الجسد وخصوصية الذات، وتفاصيل الحياة اليومية، وياتى ذلك فى إطار تتكسر فيه مفاهيم التتابع الزمنى للحكاية والسرد والجواز والأحداث، وتظل الجماليات الشرسة الأخاذة هى الأكثر حضوراً فى قلب عالم روائى تتفجر فيه المعانى الأحادية وتتحول إلى موجات من الفكر المشاغب الذى ينتج فيضاً من الدلالات الحيلية الثائرة.
· فى روايته الأحداث " كل من عليها خان" كم نشعر مع السيد حافظ بعذابات القبض على جمرات الفن النارية.. فهى تكش فوتبوح وتروى، عن الوطن والعشق والوجود..، عن الرغبة والروح والجسد، وعن مجون السياسة وخلاعة الحقيقة ودعارة السقوط، تلك الحالة التى تدفع القارئ إلى موجهات الوجود وامتلاك بعض أبعاد الحقيقة..، حقيقة العدل والاستبداد.. ومعنى أن الحكام يحكمون بالخناجر وليس بالعدل..، يحكمون بالسجن والكرباج والسيف..، ويذكر أن المؤلف قد استطاع أن يحافظ على سحر موجهات الشغف التى ربطت بين القارئ وبين أبطال الرواية، الذين عرفهم على امتداد الروايات السابقة، فلا يزال وجودهم يموج بالصراع والهوى والجموح..، يشاغبون الزمن، ليرسموا مفارقات التناقض وعذابات الإنسان فى كون شرس يلتهم الروح ويستلب المعنى والدلالات..، وهكذا تمتمد الايقاعات وتتصاعد الأحداث وتنمو الشخصيات.. وتظل "سهر" هى الفكرة الماستر، التى فجرت ينابيع إبداع السيد حافظ، ومنحته مقدرة السيطرة على الزمن.. وإحياء قصوره المختلفة، عبر اندفاعه خلف مسارات روح سهر.. فقد كانت صاحبة روحها الأولى هى "نفر".. امراة العطر الأسطورى فى زمن اخناتون، ثم ذهبت الروح إلى "نور" فى زمن سيدنا موسى، وفى زمن الحاكم بأمر الله..، عصر الدولة الفاطمية كانت "شمس" هى صاحبة الروح، أما التجسيد الرابع لروح "سهر" فهو يأخذنا إلى الجميلة "وجد" فى عهد الخليفة المستنصر، زمن الدولة الفاطمية أيضاً، والتى نتعرف عليها من خلال رواية "كل من عليها خان"..
· كان جموح السيد حافظ.. عبقرياً مدهشاً وساحراً..، تجاوز كل حدود التوعقات والتصورات الممكنة..، هدم المعايير المألوفة والقيم الفنية السائدة، وجاءت رواياته السابقة كنسيج حريرى فريد يجمع بين السياسة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والسلطة والتراث، تلك الحالة التى اتخذت مساراً متصاعداً فى روايته الجديدة "كل من عليها خان" لنصبح أمام حالة ابداعية شديدة النضج والتكثيف والبلاغة، يستعصى على القولية والنمطية، فقد اتجه المؤلف إلى تقنيات كسر الإيهام ، ليثير عقل القارئ وإدراكه ويدفعه بعيداً عن التوحد والاستغراق مع شخصيات الرواية، فاستخدم الأسلوب التليفزيونى.. فاصل ونعود، وكانت الفواصل ثورة وجدل وإبداع واختيار وجمال..، حيث جمعت بين "الفلاش باك" الذى يأخذنا إلى تفاصيل تاريخ الاسكندرية ، الذى يمثل حالة شديدة الثراء من المعرفة والاشتباطات السياسية والعقائدية والتاريخية اللامعة، وكذلك تابعنا فى الفاصل "مذكرات رجل يضاجع الوطن والتاريخ" ، ولامسنا الخطايا والأيام الوجودية، وتاتى الإيقاعات المبهرة مع "احنا والقمر جيران" التى تميزت ببساطة مستوى اللغة، حيث تتناول حكايات جيران المؤلف .
· أما المسرحيات القصيرة جداً فهى تشكل فى حد ذاتها استعارة جمالية سينوغرافية شديدة الدهشة والإيحاء من الفن والعشق والسهر والجمال..، أما صفحات جرائد الأهرام والأخبار فهى تمثل مقالا عارماً من النقد الاجتماعى والسياسى..، ويذكر أن الهوامش قد اندفعت إلى نبض الوطن باعتبارها جزء من تاريخنا الحقيقى الذى لم يلوثه التزييف.. وأخيراً تأتى ايقاعات المونتاج المتوازى بين دبى والشام ومصر لتنبعث حالة من الحركة والوهج والإيقاع منح التجربة سحراً وأثراً واندفاعاً خلاباً.
· ظلت شهر زاد القديسة اللعوب ، والشخصية اللامعة التى رسمها المؤلف لتفتح أمامه مسارات الوجود والروح والتاريخ . ظلت تحكى لنا ولسهر حكاية الروح الرابعة.. عن البنت " وجد " والولد "نيروزنى" وثورة النساء.. ثم نظرت طويلاً إلى عينى سهر سألتها عن فتحى رضوان، الصحفى المصرى.. هل هو انس أم جان.. أم بلاء؟؟ فبكت سهر وأخبرتها أن زوجها منقذ لا يعرف الفرق بين الغرام والحب والجنس..، لا يعرف العزف ولا العناق ، ولا يميز بين روح الذكر والأنثى.. حدثتها عن الفراغ والسرير البارد، وعن اندفاعها القدرى إلى فتحى رضوان.. السؤال والزلزال والثمار.. الحوار والنار والزمان والمكان.. العشق والتوحد.. الرجل الذى يفتح للشهوة ألف فكرة وحلم..، لمن يهديها فصارا قمرين.. رشف منهما نوراً، فأصبح عاشقاً قديساً، يمتلك السر والسحر والحياة. وهكذا أخبرتها شهرزاد أن الشعراء هم الذين اخترعوا الحب..، والشعراء يتبعهم الغاوون.
· إذا كان الفن هو لحظة استثنائية ، ووجود افتراضى منظم ، فأن جماليات الكتابة فى - كل من عليها خان- قد جمعت برشاقة مدهشة بين امرأتين تفصل بينهما آلاف السنوات، وتربطهما روح واحدة، وعطر أخاذ وجمال لافت وعشق مسير.. الأولى هى سهر ابنة زمننا الحإلى، وحبيبة فتحى رضوان، والثانية هى "وجد" حبيبة الفتى النيروزى.. الفراسى الشيعى، وصاحبة الروح الرابعة لسهر..، وعندما نتأمل هذا المونتاج المتوازى الساحر، ندرك أن السيد حافظ هو روائى عظيم، سيثير مزيداً من الجدل والتساؤلات حول روايته الجديدة، وندرك أيضاً أن الحب هو المبدء والمنتهى ، وهو الأب الشرعى للفلسفة والحرب والسياسة، والثورة والفكر والاقتصاد..، والإنسان والتراث والعدل.
· تتخذ مشاغبات الرواية مسارها عبر تقاطع السردوالحكى مع الحوار المسرحى، والأصوات والأحداث..، المفهوم التقليدى للزمن يغيب مع الفلاش باك والمذكرات، والأغانى وحكايات الجيران، ويظل صوت المؤلف حاضراً بقوة عبر النسيج الروائى الذى تحول إلى تعليقات سياسية ونقدية وجمالية ساخنة.. وخكذا تكشف الكتابة عن حس جمإلى رفيع المستوى يرسم ويكتب ويقرا فى ذاكرة الوطن والجسد والشخصيات التى رسمها السيد حافظ بحرفية عاليه، منحتها مقدرة البقاء والتجدد والامتداد وغابت عنها الحدود الفاصلة بين الواقع والخيال.
· يأتى اختيار المؤلف لزمن الخليفة المستنصر كإطار تاريخى تدور فيه أحداث حكاية "وجد" روح سهر الرابعة، لتكشف عن وعى ثائر، وإدراك كاشف لجدل السلطة والسياسة والاقتصاد..، ومعنى الوطن، وعذابات البشر، وعبثية البحث عن العدل والحرية والجمال، فقد امتلك السيد حافظ أقصى أشكال الحرية لتأتى حكايات شهرزاد عن مصر ووجد والفتى نيروزى..، من خلال مسرحية شديدة الرونق والبهاء، تموج بالأحداث والشخصيات والمؤامرات، التى فتحت المسارات أمام دراما التاريخ، واشتباكات الماضى مع وقائع حاضرنا الوحشى العنيد – وهكذا نصبح أمام نص روائى ساخر يتضمن نصاً مسرحياً مبهراً، امتزجا معاير شاقة، لتندفع تيارات الثورة والجموح، والتساؤلات الباحثة عن الكيان والوجود.
· كنت "وجد" اعجوبة زمنها، عطر جسدها يلهب أجساد الرجال، ويشعل غيرة النساء..، أمها تركية اسمها جميلة..، جارية فى بيت التاجر اليهودى الثرى ياقوتى، الذى منحها حريتها وزوجها من حلاق اسمه عمار، يسكن جاره الزعفران فى القاهرة بحى الحسين..، فى ذلك الزمن كانت مصر تعانى من غياب العدالة..، يحكمها الخليفة المستنصر بعد وفاة أبيه الظاهر بن الحاكم بأمر الله..، كان عمره سبعة أعوام.، وحكم مصر ستين عاماً.. لكن القاهرة الآن لم تعد كما كانت أيام الحاكم بأمر الله.. فالشوارع مظلمة مليئة بالقمامة..، بيوت الدعارة مفتوحة، الخمور فى كل مكان.. القوادات فى الشوارع تعرضن النساء على الرجال..، تجارة العبيد والجوار مباحة..، والبغاء نفسه أصبح قانون الحياة، لا أحد يحاسب أحد..، فنحن فى عصر المستنصر بالله..، الذى لم يستطع الاحتفاظ بحدود الدولة الفاطمية.. خسر بلاد المغرب الأقصى والأوسط، وخسر سلطانه على بلاد الشام.
· هذه هى مصر فى زمن الخليفة المستنصر.. زمن القهر والفقر والعذاب والغياب للشعب، وهو أيضاً زمن الفساد والاستبداد والتسلط والثراء الفاحش للطبقة الحاكمة.. إنه زمن البلاء والابتلاء والمجاعة..، حين شح النيل وجفت الينابيع وتفجرت وقائع الشدة المستنصرية.. فى هذا السياق تتناول المسرحية أسرار ما حدث فى السنوات السبع للمجاعة، والتى كتبها المؤلف وفقاً لمنظور تاريخى نقدى يشتبك بقوة مع آليات التسلط التى لا تزال تحكم الشرق العربى.
· تأخذنا البدايات إلى ليلة وفاة الظاهر، حيث نتعرف برشاقة مدهشة على طبيعة القصر والشخصيات..، زوجة الظاهر هى السيدة "سكينة" ، كانت جارية عنده وتزوجها فأنجبت المستنصر..، الولد المنتظر للصعود إلى العرش، أصبحت هى أم خليفة الدولة الفاطمية..، وفى تلك الليلة كان المستنصر صبياً صغيراً يجرى ويلهو، ولا يدرك شيئاً..، الصراع لايزال يحتدم بقوة بين "ست مصر" عمة الفتى..، السيدة الجادة التى تمتلك عقلاً ذهبياً وتعرف أسرار الحكم، وبين "سكينة" الباحثة عن لقب سيدة مصر الأولى..، مستويات اللغة تكشف جماليات الكتاب، وتقاطعات الزمن تندفع بنا إلى بداية الشدة المستنصرية، حيث العام الأول من المجاعة.. المؤامرات تشعل نيران العذاب، والتاجر اليهودى الثرى مستشار الخليفة يجتمع بالكبار ليعلنوا ان مصر تمر بظروف صعبة.. فالنيل غاب وجاءت السنوات السبع العجاف والتى ترتبط دلالياً بسنين النبى يوسف بن يعقوب، لذلك قرروا أن يفعلوا مثله، ويحصلوا على دراهم مصر ودنانيرها مقابل القمح، وكانت هذه القرارات هى البردية الأولى التى تثير جدلاً ثائراً بين السلطة والشعب.
· كان الخليفة لا يكترث لشئ.. يسهر الليإلى ويعشق الجوارى ويدخن الحشيش.. الدولة عشوائية، والسلطة ذهبت بعيداً عنه..، لا احد يحاكم أحداً.. فالبغاء هو قانون الحياة ، والناس سلموا بالمكتوب..، وفى هذا الإطار كانت وجد تثير أعمال الرجال..، تقدم لها إمام مسجد الحسين، وطلبها شهبندر التجار، فرفضت.، كانت تنتظر فارسها الذى سيمنحها المعنى والحياة..، وحين التقت "وجد" المصرية المسلمة السنية..، بفتاها نيروز الفارسى الشيعى..، كان اللقاء هو شرارة حب مثير جمعتهما ليواجها العالم بتلك الرؤية الإنسانية اللامعة الرحبة، التى تشتبك ببساطة مع أخطر قضايا وجودنا الحإلى..، حيث العنف والإرهاب والوحشية والطائفية والتزييف المخيف للأديان والعقائد.
· رغم الفواصل والتقاطعات ، وايقاعات لغة المونتاج فى الرواية، تتصاعد أحداث المسرحية لترسم بانوراما غزيرة التفاصيل لبشاعة الحقيقة، وفساد الواقع المشوه..، فكل جار القمح بنوا قصور وامتلكوا الثروات الفاحشة بينما الناس يعيشون الضيق والأزمة ويأكلون لحم بعضهم، وعبر وقائع البرديات تضح ملامح السنوات السبعة.. ففى السنة الثانية قرر التجار الحصول على الجواهر والذهي مقابل القمح وفى الثالثة أخذوا المواشى والدواء مقابل القمح، وفى السنة الرابعة حصلوا على الأراضى والعقارات مقابل القمح، وفى العام السادس قرر ياقوتى والشهبندر اني حصلوا على الأولاد، مقابل القمح حتى يتسروقونهم.. أما العام السابع فقد باعوا القمح مقابل رقاب الناس: وظل كبير الوزراء بدرا لجمال وحاشيته من الكبار يؤكدون أن "مصر مستهدفة من الجميع، لاحتلالها نظراً لموقعها.
· كانت شخصية بدر الجمإلى حاضرة بقوة فى قلب المشهد المسرحى، يحرك السياسة ويوجه الاقتصاد، ويصعد بقوة نحو أقصى درجات الاستبداد بينما فقد الخليفة المستنصر كل سلطاته وثرواته ، وشهدت مصر أسوأ أزماتها.. فالجوع كافر.. الجوع يبيح كل شئ، أباح لحم الموتى ليأكله الأحياء وكانت تلك هى البداية.. فالمصريون كانوا أول شعوب الأرض الذين قرروا أكل لحم المسئولين فى الحكومة عند المجاعة.. وظلت القاهرة على غير ما يرام.
· ويذكر أن شخصية الأمير حسن ملك الحشاشين، تأتى كمفارقة درامية شاخنة.. فقد أراد أن يصنع الجنة على الأرض ويحقق العدل، وكان الحشيش هو الوسيلة ليجذب الناس إليه ويمنحهم المقدرة على الكلام والرفض، وحين التقى بالخليفة المستنصر اخبره ان الحكام يحكمون بالخناجر.. وليس بالعدل.. وأن الأمانة من بعده ستكون لابنه نزار..، فانسحب الشيخ وقرر الرحيل إلى بلاده فارس.
· تقترب سنوات المجاعة والفقر من نهايتها وتشتعل مصر بالفوضى والصراع.. لكن رجالها ظلوا نائمين.. والخليفة لا يجد حتى الطعام، والتجار يسرقون مصر فاندفعت "فجر" زوجة شهبند التجار لتقود ثورة النساء وتهتف بسقوط المستنصر، انضمت "ست مصر" عمة الخليفة إلى النساء.. ارتفعت الهتافات والزعاريد ضد التجار وقواد الجيش.. وانتصرت نساء مصر وقاموا بأول ثورة فى التاريخ على النظام.. كل النساء فى ساحة القصر.. يرددن بسقوط المستنصر.. الشعب يريد إسقاط الخليفة.. هكذا تنتهى سنوات الأزمة.. لكن المؤرخين قاموا بتزوير التاريخ.. إلا قلة منهم قاموا بكتابة حادث هنا وحادث هناك فى أبشع زمن من الأزمان.
· لا يزال همس الخطيئة فى صوت سهر.. تدفعها اللهفة المجنونة إلى لحظة بلا حدود، مسكونة بالخطايا ، وكان فتحى رضوان معذب بلقائه زوجة رجل ثان لكنه لا يستطيع الفراق.. والآن تناديه الحروف ولا يبوح، بعد أن فقد يقينه بالزهور والعطور واللحم المسحور.
· أخيراً.. فاض النيل، وانتهت حكاية "وجد" روح سهر الرابعة..، واكتشفنا أن كل من عليها خان.. وأدركنا أن المؤلف السيد حافظ هو طاقات من الوهج والروح والإبداع..، والدهشة والمغامرة.
د. وفاء كمالو
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |