![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
أحمد صبحى منصور
2023 / 3 / 22
عن ( أحلام يقظة فى الخير / شاكر وشكور )
السؤال الأول
أنا أتمنى فى أحلام اليقظة أن يكون معى ثروة كبيرة اعطى منها اقاربى الفقراء ، واتبرع منها للمرضى . ولا تتحقق هذه الأمنية . ومع ذلك لا ازال مشغول بهذه الاحلام مع الفقر الذى أعيش فيه . فهل لى ثواب فى هذا التفكير مع العلم بأنى صادق فعلا فى هذه الأمنيات الى درجة انى حددت النسبة التى أتبرع بها ومن سأتبرع اليهم . ؟
الاجابة :
1 ـ الانسان سيحاسبه ربه جل وعلا عن كل ما يدور فى سريرته . يوم القيامة ستظهر كل السرائر : قال جل وعلا :
1 / 1 : ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) الطارق )
1 / 2 : ( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) الحاقة )
1 / 3 : ( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)غافر )
1 / 4 ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)غافر )
2 ـ فالانسان سيكون مُساءلا عما يعتمل فى فؤاده وما يسمعه وما يبصره . قال جل وعلا : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36) الاسراء )
3 ـ إن كان يُضمر سوءا وأظهره فسيكون محاسبا عليه ، إن شاء الله جل وعلا غفر له إن تاب وأناب ، وإلا عذّبه . قال جل وعلا : ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ) (284) البقرة ).
4 ـ وطالما أنك تتمنى فى نفسك عمل الخير صادقا فى قلبك فإن الله جل وعلا قد يجزيك خيرا حتى لو لم تكن لك مقدرة على الفعل .
5 ـ وقد يختبر الله جل وعلا صدقك هذا فينعم عليك بثروة إبتلاءا وإختبارا لك ، فإن تناسيت أحلامك الطيبة فقد خسرت .
6 ـ وقد حدث أن بعض الصحابة كان فقيرا فعاهد الله إن أنعم عليه من فضله ليتصدّقنّ ، فلما أنعم الله عليه وجعله غنيا بخل ونسى عهده مع الله جل وعلا فعوقب بالنفاق والجحيم بسبب إخلاف الوعد مع الله جل وعلا ، قال جل وعلا : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (78) التوبة ) .
7 ـ لذا فالخير لك أن تكتفى بالتمنى دون أن تقع فى النذر والعهد مع الله جل وعلا لأن العهد مع الله جل وعلا مسئولية كبرى .
السؤال الثانى :
هل الله يشكر عباده ؟؟؟ وهل ( شاكر ) و ( شكور ) من أسماء الله الحسنى ؟ يعنى أسمى ابنى عبد الشاكر أو عبد الشكور ؟
الاجابة :
أولا :
اسلوب المشاكلة
أسماء الله جل وعلا وصفاته لا يمكن التعبير عنها بما يفهمه البشر ، لأنها فوق إدراكات البشر. إدراكات البشر محدودة ومحددة بما تدركه عقولهم وحواسُّهم وزمانهم ومكانهم . الله جل وعلا فوق الزمان والمكان وفوق كل تصور . لذا يأتى التعبير عن صفاته وأسمائه بما يسمى فى البلاغة العربية باسلوب المشاكلة ، أى على ( شكل ) يفهمه البشر لتقريب الصورة . من ذلك قوله جل وعلا :
1 ـ (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الانفال )
2 ـ ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17) الطارق ).
3 ـ ومنه وصف وإسم شاكر وشكور .
ثانيا :
بين شاكر وشكور
( شاكر ) إسم فاعل من الفعل ( شكر ). و ( شكور ) صيغة مبالغة من ( شاكر ) على وزن ( فعول ).
ثالثا :
( شاكر ) وصفا للبشر :
1 ـ تكرر كثيرا فى القرآن الكريم ، ومنه قوله جل وعلا فى سورة آل عمران ( وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) ، ( وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) ).
2 ـ وجاء وصفا لابراهيم عليه السلام . قال عنه جل وعلا : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ) (121) النحل )
3 ـ وجاء أمرا للنبى محمد فى حياته ، قال له ربه جل وعلا : ( بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ (66) الزمر ). لم يصفه ربه جل وعلا بأنه كان شاكرا مثلما قال عن ابراهيم ، لأن ابراهيم مات وتحددت درجته ، أما محمد فقد كان لا يزال حيا ، فنزل عليه الأمر بالشكر وليس الوصف بالشكر .
رابعا :
( شاكر ) وصفا لرب العزة جل وعلا :
قال جل وعلا عن ذاته العلية :
1 ـ ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) البقرة )
2 ـ ( مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147) النساء )
فيهما جاء إسم ( شاكر ) مقترنا باسم ( عليم ).
خامسا :
( شكور ) وصفا للبشر :
1 ـ تكرر مجىء وصف ( شكور) مقترنا بوصف ( صبّار). وهما صيغة مبالغة من ( صابر ) و ( شاكر ).
قال جل وعلا : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) ابراهيم ) ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) لقمان ) ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) سبأ ) ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) الشورى ).
2 ـ وقال جل وعلا عن المؤمنين الشاكرين : ( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ (13) سبأ )
3 ـ وفى وصف نوح عليه السلام قال جل وعلا : ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً (3) الاسراء ) . نلاحظ الفرق بين وصف ابراهيم بأنه ( شاكر ) ووصف نوح بأنه ( شكور ) . أى كان نوح أكثر شكرا لربه من ابراهيم عليهما السلام.
سادسا :
وصف رب العزة جل وعلا بانه ( شكور ) ضمنيا وليس صراحة .
قال جل وعلا :
1 ـ ( وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) الاسراء )
2 ـ ( إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (22) الانسان )
هنا السعى الحميد مشكور عن الله جل وعلا ، أى أنه جل وعلا يشكره ، أى هو جل وعلا شكور له .
سابعا :
وصف ( شكور ) صريحا لرب العزة جل وعلا :
1 ـ جاء مقترنا بالغفران . قال جل وعلا : ( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) الشورى).
2 ـ ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) فاطر )
2 ـ وجاء مقترنا بأنه جل وعلا عزيز غفور . قال جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) فاطر)
3 ـ وجاء مقترنا بأنه جل وعلا ( حليم ) . قال جل وعلا : ( إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) التغابن ).
أخيرا
( شاكر ) و ( شكور ) من أسماء الله جل وعلا الحسنى . فقد إقترنت بأسماء حسنى له جل وعلا ، مثل حليم وعزيز وغفور وعليم .