|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
ياسر جابر الجمَّال
2023 / 3 / 15
قضية انفتاح النص وثراء التأويل أو قضية انفتاح النص على قراءات متعددة ومتنوعة، من القضايا التي طفَت على السطح في الأوقات الحاليَّة وقبل ذلك مع ظهور النظريات النقدية الحديثة – عصر الحداثة وما بعد الحداثة - وأن النصوص يمكن أن تعطى عددًا لا نهائيًّا من القراءات والدلائل، والتفسيرات، وهكذا فإن النص يمثل متوالية من العلامات التي لا حصر لها لدى كل قارىء ومتلقٍ، كما يحلو للبعض تسميته بالنص المفتوح والنص المغلق، وغير ذلك من المسميات .
وهذه التسمية " النص المفتوح والنص المغلق "نُسبت في بدايتها للعالم الإيطالي" أمبرتو إيكو” ضمن كتابه " الأثر المفتوح " عام 1962م.
وقضية التأويل ليست جديدة بالنسبة لنا فهي مركوزة في التراث العربي، خصوصًا ما يتعلق بالنص الدينيِّ، وقد "كان التأويل "الهرمنيوطيقا" مفهوما قديمًا قِدم النصوص نفسها دينيّة كانت أو لغويّة، وعني بمحاولات تفسيرها وشرحها من خلال مجموعة من القواعد والمعايير التي يتبعها المفسر؛ فإنه في الوقت الحاضر غدى كمقارب نقدي يتخذ اللغة كإطار مرجعي ثابت يساهم من خلالها في فك شفرات النّص بتحديد مستوياته الدلاليّة وتشكلاته اللغويّة والتي تفتح أمام القارئ آفاقًا واسعة حتى يستعيد دلالته المفقودة، وإن كان البعض يعتبره ليس منهجا للحصول على الحقيقة أو المعرفة الجديدة؛ فهو محاولة -فقط- من أجل فَهم ما، ولكنه في الحقيقة لا يقف عند كونه وسيلة من وسائل الكشف عن مراد المتكلم ومعرفة ما تعنيه ألفاظه، ولكن يقدم معرفة أعلى وأوسع واشمل؛ لذلك فهو -كنظريّة- يؤسِّس لمفاهيم جديدة في كل حين، خاصة في النصوص التي تحتاج إلى النظر وإعمال العقل، فمجاله كما هو يبحث في أزمة المعنى، كذلك فهو يريد الوصول إلى المعنى الدقيق أو ما يسمَّى بمعنى المعنى، خاصة وأن التأويل يقرّ على استمراريّة المعنى كمفهوم غامض كما يقرّ أن المعنى لا يكتمل وأن له عدة وجوه وأنه متعدد ومختلف"
وفي الحقيقة فإنَّ نظرية انفتاح النص وثراء التأويل " النص المفتوح والنص المغلق " هي بالأساس ترتكز على المتلقي، ومدى الاستعداد لديه من معارفَ وعلومٍ ومساحات معرفية تمكِّنه من إحداث فاعلية في النص واستخراج قراءات مغايرة، نُطلق عليها -نحن- مقارباتٍ نصيةً أو قراءات جديدة.
وحتى تكون الرؤية من منظور تأويلي فإن قضية التأويل لَدينا كعرب والهرمنيوطيقا لدى الغرب هي قضية مقاربة في الأساس، وكان لها حضور كبير في الدرس العربي قديمًا وحديثًا، وهذا الذي دفع ابن الأثير إلى القول بضرورة انفتاح الأديب على العلوم بصورة كبيرة، فمعيار ثقافة الأديب عند ابن الأثير هو الانفتاح التام على علوم المعرفة كافةً، بخلاف من جعلها إتقانَ القرآن والسنة واللغة العربية، من الأصوليِّين؛ وفي ذلك يقول ابن الأثير " "صاحب هذه الصناعة يحتاج إلى التشبّث بكلّ فنّ من الفنون، حتّى إنّه يحتاج إلى معرفة ما تقوله النادبة بين النساء، والماشطة عند جلوة العروس، وإلى ما يقوله المنادي في السوق على السلعة"
هذه حقيقة قضية (انفتاح النص وثراء التأويل)، تحتاج إلى قراءات عابرة وموسوعية، بعيده عن الأيدلوجية أو القطرية والقراءات الضيقة التي تظل على معنى واحد للنص، دون النظر إليه من زوايا مختلفة ومقايس متنوعة؛ فكل متلقٍّ له بصمة أُسلوبية في فك شفرات النص، كما أنَّ كل كاتب له بصمته الأسلوبية الخاصة التي من خلالها يظهر إبداعه، وبصمات الناس ليست واحدة، ولله في خلقه شئون
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |