![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
أحمد صبحى منصور
2023 / 3 / 4
السؤال الأول :
قرأت اتهامات للقرآن بأن فيه أخطاء فى قواعد النحو العربى . هل هذا صحيح ؟
الاجابة :
أولا :
1 ـ قواعد علم النحو ظهرت فى العصر العباسى ، وتخصّصت فيها مدرستان علميتان ( مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة ) . وكان إختلافهما ببساطة حول قضية : هل قواعد النحو عامة لا إستثناء فيها ، أى لا بد يكون الفاعل مرفوعا بلا إستثناء والمفعول منصوبا دائما ، وأن من يخرج على القواعد لا إعتراف به ؟ أم من الممكن أن نعترف ب ( الشواذ ) أى بالذى يخرج على القاعدة .
2 ـ حقيقة الأمر أنه لا يوجد لسان بشرى منضبط على قواعد محددة ، فمن آياته جل وعلا إختلاف ألسنتنا وألواننا ، وهى آيات للعالمين أولى العلم . قال جل وعلا : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) الروم )
3 ـ لذا فاللسان العربى :
3 / 1 : فيه لهجات ، أشهرها لهجة قريش ، وهى التى يفهمها الجميع لأنها كانت وسيلة العبادات ومنها الحج والصلوات المتوارثة من ملة ابراهيم .
3 / 2 : لم تكن له قاعدة موحّدة يسير عليها ، بل الأغلب أن يسير على القاعدة ، ولكن فيه من لا يسير على القواعد .
4 ـ ولأن القرآن الكريم نزل بلسان عربى مبين فقد كان تعبيرا عن هذا . الأغلب فيه مع القواعد ، والقليل ليس معها , الأمثلة كثيرة . منها قوله جل وعلا :
4 / 1 : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ) (177) البقرة ) ( البرّ ) الأولى مفروض أن تكون مرفوعة بالضم لأنها إسم ( ليس ) ، ولكن جاءت منصوبة . أما ( البر ) الثانية فجاءت متفقة مع القاعة ، أى منصوبة بالفتح لأنها إسم ( ولكن ). جدير بالذكر أن نفس الكلمة ( البر ) تكررت مرتين فى نفس السورة ، وهى متفقة مع القاعدة. هذا فى قوله جل وعلا : ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189) ) . ( البر) الأولى مرفوعة بالضم لأنها إسم ( ليس ) و ( البر ) الأخرى منصوبة بالفتحة لأنها إسم ( لكن ).
4 / 2 : ( قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمْ الْمُثْلَى (63) طه ) . هنا كلمة ( هذان ) ليست على القاعدة . طبقا للقاعدة فهى إسم ل ( إنّ ) أى أن تكون منصوبة بالياء لأنها مثنى . ولكن جاء مرفوعة ب ( الألف ). مقابل هذا نرى نفس الكلمة متمشية مع القاعدة فى : ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) (19) الحج ) . فهى هنا مبتدأ مرفوع ب ( الألف ).
4 / 3 : ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) الفجر ) . تكررت كلمة ( أحدُ ) مرفوعة مرتين ، مع إنه طبقا للقاعدة تكون منصوبة بالفتحة لأنها مفعول به .
أخيرا :
هناك كتاب لا يزال فى دور الاستكمال فى هذا الموضوع . نرجو من الله جل وعلا أن يعيننا على إستكماله .
السؤال الثانى
يقول الله جل وعلا : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) ابراهيم ): ما معنى ( تشخص الأبصار ) ؟ و ( مهطعين ) و ( مقنعى رءوسهم ) و( لا يرتد اليهم طرفهم ) ( أفئدتهم هواء ) ؟ والسؤال الأهم : الظالمون الأشد ظلما هم المستبدون . الله جل وعلا ليس غافلا عن ظلمهم ، لماذا يؤخر عقابهم الى يوم القيامة ؟ لماذا لا يعجّل بعذابهم فى الدنيا ؟ وبالمناسبة زلزال سوريا مات فيه المستضعفون السوريون أو أغلبهم بينما السفاح بشار وأكابر المجرمين معه لم يمسسهم سوء . ما رأي حضرتك ؟
الاجابة
أولا :
1 ـ ( تشخص فيه الأبصار ). حين يشخص البصر أى تنفتح العينان دون غمض ، تظل مفتوحتين رُعبا من منظر لم تسبق رؤيته . ومثل ذلك عندما رأى النبى محمد الروح جبريل وجبريل فى البرزخ ، ليس بعينى جسده ولكن بفؤاده وقلبه، عندها مازاغ بصره وما طغى ، أى توقف دون تحرك : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) النجم ) .
2 ـ ( مهطعين ) لها معنيان فى اللسان العربى :
2 / 1 أى فى ذل وخضوع . قال جل وعلا :
2 / 1 / 1 : ( مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) ابراهيم )
2 / 1 / 2 : ( خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) القمر )
2 / 2 : السير السريع . قال جل وعلا : ( فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37)المعارج )، أى ياتونك مسرعين ( عزين ) أى فى جماعات متفرقة .
3 ـ ( مقنعى رءوسهم ) أى يرفعون رءوسهم .
4 ـ ( لا يرتد اليهم طرفهم ) الطرف هو النظر . لا يرتد اليهم طرفهم أة نظرهم ثابت شاخص ، كما جاء فى ( تشخص الأبصار )
5 : ( أفئدتهم هواء ) يعنى قلوبهم من الرعب والهول ذاهبة خاوية خالية .
ثانيا : عن أكابر المجرمين :
لا يغرنك الصورة التى يصدرها الاعلام عن المستبد لا تعبر عن معاناته وعذابه . أنت تنام مستريحا بلا قلق على حياتك . المستبد يتمنى أن ينام هكذا ولا يستطيع . هو لا يأمن أقرب الناس اليه . المستبد يعيش بالمعادلة الصفرية : إما حياته أو حياة غيره . يظل فى خوف وقلق على سلطانه لأنه غذا فقد سلطانه ضاعت حياته وأصبح رهين أعدائه . المستبد تطارده أشباح من قتلهم ومن ظلمهم تحرمه من التمتع بمباهج الحياة ، وأن يسير مثلا يتسكع فى الشوارع آمنا مطمئنا . أنت لو قتلت شخصا فستعيش تنتظر من يقتلك ثأرا ، أو من يكتشف جريمتك ويؤاخذك بها . بهذا القلق لا تستمتع بحياتك . ما بالك بمن يقتل مئات الألوف ، ويقهر الملايين . مهما تكاثرت حراساته وجنوده فليس بآمن . مهما غيّر وأخفى المكان الذى ينام فيه فلا يهنأ بالنوم سعيدا قرير النفس . باختصار هو فى قهر وضنك وعذاب ، يضطر الى إخفائه مبتسما ، لأنه لو بدا منه لحظة خوف ورعب لالتهمه أقرب الناس اليه . هكذا يتخيل . الله جل وعلا يتركه فى عذابه الدنيوى هذا ، ثم بعده يموت المستبد فى موعده ، يدخل فى البرزخ بلا إحساس بالزمن ، ثم عند البعث يقسم أنه ما لبث غير ساعة . كان فى الدنيا حُرّا قد أساء إستعمال حريته . يفقد هذه الحرية عندالاحتضار والموت ، ويظل فاقدا لحريته فى البعث والحشر والحساب ثم فى خلوده فى النار أبد الآبدين .
هذا ما ينتظر بشار الأسد والسيسى وغيرهما . المستضعفون ضحايا الزلزال من مات منهم مات فى موعده والمكان المقدر له سلفا . واستراح بموته . أما المستبد فهو فى رعب من الموت ، مع إن الموت راحة له . لذا من عقاب الرحمن جل وعلا له أن يؤخره الى موعد موته ثم بعده القيامة .