عن ( لا تعارض / جنات معروشات / التائبون من المنافقين / سجود التلاوة )

أحمد صبحى منصور
2023 / 2 / 9

السؤال الأول :
هل هناك تعارض أو تناقض بين آيتى سورة التوبة وسروة الفتح : فى سورة التوبة : ( لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) التوبة )، وتعنى أن الذين مع الرسول سيكونون فى الجنة خالدين . أما آية سورة الفتح فهى تقول أنهم ليسوا كلهم فى الجنة ، وفقا لقوله جل وعلا : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29) الفتح ). أى وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( منهم ) وليس كلهم .
الاجابة :
لا تعارض ولا تناقض على الاطلاق ، لأنك لم تتمعن الفرق بين الآيتين . فى سورة التوبة قال جل وعلا : ( لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ) أى هو حكم عام يخص فقط الذين آمنوا مع الرسول وجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم . أما الآية الأخرى فهى تأكيد لنفس الموضوع ، فالوعد للذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم . ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ ). إشتركت الآيتان فى الحديث عن الرسول والذين آمنوا معه . مع التأكيد على الايمان وعمل الصالحات .
السؤال الثانى :
ما هو المقصود بالجنات المعروشات فى قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ )(141) الانعام ) وهل معناها وحود جنات فى الدنيا ؟
الاجابة :
1 ـ قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ )(141) الانعام ) . هذا عن نوعين من جنات الدنيا : معروشات وغير معروشات .
2 ـ الجنة هنا بمعنى الحديقة أو البستان .
ومثلها ما جاء فى قصة صاحب الجنتين : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً (33) الكهف ). وفى قصة سبأ : ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) سبأ ) وقصة أصحاب الجنة التى بخلوا بثمرها : ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) القلم )
3 ـ وهناك جنة البرزخ التى كان فيها آدم وزوجه ، وأبضا جنة المأوى التى يعيش فيها من يُقتل فى سبيل الله جل وعلا : ( عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) النجم )
4 ـ هناك جنة الآخرة التى لم توجد بعد .
السؤال الثالث :
فى سورة النساء يقول جل وعلا عن المنافقين : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) لماذا لم يقل ( فأولئك من المؤمنين ) ؟
الاجابة
1 ـ الاجابة فى سورة الحديد فى قوله جل وعلا : ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14))
بمعنى أن المنافقين الذين يموتون بكفرهم ونفاقهم سيكونون فى الدرك الأسفل من النار ، وسيكون بينهم وبين المؤمنين أصحاب الجنة سور منيع ، جانبه الذى يلى المؤمنين فيه رحمة ، وفى الجانب الذى يلى المنافقين عذاب . المنافقون من أهل النار سينادون المؤمنين اهل الجنة ( ألم نكن معكم ) أى فى الدنيا ويرد عليهم المؤمنون باستحقاقهم النار . أما من كان منافقا ثم تاب وأصلح واعتصم بالله جل وعلا وأخلص لله جل وعلا دينه فسيكون ( مع ) المؤمنين الذين يسعى نورهم بين أيديهم وأيمانهم .
هذا من إعجاز إختيار اللفظ فى القرآن .
2 ـ جاءت ( مع ) بدلا عن ( من ). مع إن ( من ) تأتى اكثر بما يفيد التبعيض كقوله جل وعلا : ( مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23) الاحزاب ) . تكررت ( من ) فى الآية الكريمة ثلاث مرات فى حديثها عن المؤمنين ، فكان ( منهم ) الصادقين . وجاء هذا فى سياق مقارنة بين المؤمنين الصادقين والمنافقين أثناء حصار الكفار للمدينة فى غزوة الأحزاب .
السؤال الرابع :
هناك سورة السجدة نسبة لآية ( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (15)) وهناك آيات أخرى يقولون غنه يجب السجود عند قراءتها . فهل هذا صحيح ؟ .
الاجابة :
1 ـ ليس هناك سجود للتلاوة . السجود هنا يعنى الايمان القلبى بالقرآن الكريم وحده حديثا . ما فائدة أن تسجد عند تلاوة آية قرآنية وأنت تؤمن بأحاديث البخارى وغيره ؟!
2 ـ الذين إخترعوا سجود التلاوة هذا هم أصحاب الأحاديث الشيطانية ، وهم بإيمانهم بتلك الأحاديث إنما يكذبون بالقرآن الكريم . الرد عليهم بقوله جل وعلا : ( فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (21) بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) الانشقاق )
3 ـ المؤمن بالقرآن الكريم وحده حديثا إذا ذكّره أحد بآية قرآنية إستوعبها بقلبه وعقله سجودا عقليا وقلبيا ، أى إذا قرىء عليه القرآن الكريم بآية تخالف المتوارث فإنه يسجد لما يسمع ، ليس سجودا حسيا ، ولكنه تسليم وإذعان . وهذا يذكرنا بقوله جل وعلا فى صفات عباد الرحمن ( وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً (73) الفرقان ).
4 ـ ونفهم الدعوة للإيمان بحديث القرآن الكريم وحده ( بمعنى السجود ) فى قوله جل وعلا : ( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62) النجم )
5 ـ يختلف الحال مع المشركين الذين لا يؤمنون بالله جل وعلا وحده ولا يؤمنون بالقرآن الكريم وحده ، هم لا يسجدون إيمانا وتسليما ، قال جل وعلا : ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46) الاسراء )
6 ـ المشركون ( يؤدون ) الصلاة لله جل وعلا وللأولياء ، ويؤمنون بالله جل وعلا ويؤمنون بالأولياء . والاستشهاد بالقرآن الكريم هو الفيصل ، لأنه الحكم . ونتدبر قوله جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) الانعام ).

حوار مع الكاتبة الفلسطينية د. عدوية السوالمة حول دور الاعلام والسوشيال ميديا وتأثيره على وضع المرأة، اجرت
بانوراما فنية بمناسبة الثامن من اذار - مارس يوم المرأة العالمي من اعمال وتصميم الفنانة نسرين شابا