![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
منى حلمي
2022 / 6 / 19
كيف لا تتغير التقاليد ومنْ صنعها يتغير ؟؟
-----------------------------------------------
ان العادات والتقاليد الموروثة ، ليست سجنًا للإنسان الذى صنعها، وهى ليست كلمة نهائية فى قاموس الحياة دائمة التغير، لا بد أن يظل الباب مفتوحًا دائمًا لخلق عادات وتقاليد جديدة ، أصلح على مخاطبة تجدد الحياة .
إن أصحاب الجمود والتزمت يروجون دائمًا بأن العادات والتقاليد هى بمثابة القوانين الطبيعية التى لا تقبل التغيير. والحياة دائمًا تكذّب هذا المنطق، فهى تأتى على مدى عصورها بتقاليد جديدة .
وأعتقد أن من أسباب تخلف مجتمعاتنا الرئيسية ، هي أنها أسيرة مجموعة من العادات والتقاليد " الشاقة " ، و " المؤبدة " ، يُطلق عليها اسم " الارث المقدس " .
الخطوة الثانية ، الأكثر خطورة ، وهى القول بأن هذا الارث المقدس ، من العادات ، والتقاليد ، هو " هوية الوطن " ، و" خصوصية المجتمع ".
يطالب بتغيير هذه العادات والتقاليد ، حتى تلائم تغيرات الحياة ، والبشر ، وتساعد على النهضة ، وعلى التقدم ، والمزيد من الحريات ، والعدالة ، يُتهم فورا ، بأنه يريد
" مسح " هويتنا ، و " تدمير" خصوصيتنا . وأنه " عميل " ، للغرب الحاقد الكاره ،
الاستعمارى الكافر ، المنحل ، وأنه " ترس " صغير فى مؤامرة عالمية كبرى ،
وأجندة مشبوهة الغرض والتمويل ، للنيل من اسلامنا .
كل هذه الاتهامات الأخلاقية المعلبة الجاهزة ، لا يوجد أى دليل
حى ، أو ميت ، يثبت صحتها . غاية الأمر، أن هناك مواطنة ، أو مواطن ،
" تجرأ " ، على ما لا يجوز " التجرؤ " عليه ، فى وضح النهار ، وعلى
الملأ ، دون أدنى حياء .
بل على العكس ، فالأدلة المادية الملموسة ، والمقروءة ،
والمسموعة ، والمرئية ، هى التى تثبت وعلى الملأ ، أننا مازلنا
نستهلك عادات ، وتقاليد ، الموتى ، على مر الأزمنة . وما نشهده
من ردة ثقافية ، ونكسة حضارية ، وتأخر فكرى ، وتعصبات
دينية ، وعداوات طوائفية ، وتضخمات ذكورية ضد النساء ، هى
نتيجة مباشرة للجمود ، وعدم التفاعل مع تغيرات الحياة ، والتوقف
عند أزمنة تخاصم التجديد ، وانتهت تاريخ صلاحيتها .
وأنا لا أفهم مقولة : " نتغير دون المساس بالعادات والتقاليد ، والموروثات
التى تربينا عليها ". هذه المقولة ، هى صلب ، وقلب ، الارهاب الفكرى ، والارهاب الدينى ، والارهاب الثقافى ، الذى يستخدم لتكفير الناس ، والتحريض المستمر على
كراهيتهم ، وتشويه سمعتهم ، والتشويش على آرائهم الجديدة ، المجددة ، التى تهدد فى الصميم " لقمة عيش " البعض .
نعم .. فان التخلف ، والأفكار السلفية الرجعية الصحراوية الرملية ،
وما يلازمها من أزياء صحراوية ، ومفاهيم قاسية التزمت ، منفرة التطرف ،
فجة الذكورية ، أصبحت " شغل " الكثيرين . وهى " بيزنس " رائج ،
يدعمه مشايخ ، ودعاة ، ومفكرون ، ودول ، وتنظيمات ، وجمعيات ، ومراكز ، تلتقى كلها فى ترسيخ النظام العالمى الحالى ، وهو تحالف الرأسمالية المتوحشة ، مع الصهيونية ، مع الوهابية ، مع التسلح ، مع الذكورية .
والآن ، يعتذر واحد من هؤلاء الدعاة الصحراويين ، عن أفكاره ،
المتطرفة المتزمتة ، التى أفسدت عقول ونفوس وقلوب ، ملايين الشباب ،
والنساء ، وأدت الى سفك الدم ، فى كل مكان ، يعتقد أن الأمر بهذه السهولة .
ان خلخلة هذا التحالف ، ربما تبدأ من أى اتجاه . لكنها بالتأكيد لابد أن تمر من " فضح " الارث المقدس للعادات والتقاليد ، التى تتخفى تحت مبررات ثقافية ، أو دينية ، أو أخلاقية .
أنا لا أفهم ، كيف نتغير ، دون المساس بالعادات والتقاليد ، كما يردد أغلب أعضاء ، وعضوات ، الدفاع عن التحالف الذى يخنقنا ، ويأكل
مواردنا ، ويزدهر على حساب موتنا ، وتغطيتنا ، وحريتنا ؟؟.
العادات والتقاليد ، هى التى " تشكل " الحياة ، بكل تفاصيلها ، وفى جميع مجالاتها . العادات ، والتقاليد ، هى التى تعكس أفكارنا ، ومعتقداتنا ،
وقناعتنا ، ومشاعرنا ، وأخلاقنا ، وتحيزاتنا الوجدانية . وهى التى تنتج بالتالى ، الأحكام ، والادانات ، والعنصريات ، والتعصبات ، والتحالفات السامة التى تقتل الأفراد ، والشعوب .
أنا أؤمن ، بأن ما يسمى بالتقدم ، أو الرقي الحضاري ، أو النهضة الفكرية ، والثقافية ، التى تحررنا من هذا التحالف ، أو الاخطبوط ، هو بالتحديد الخروج من سجن العادات والتقاليد ، التي ورثناها من الموتى ، و التى نمنحها بدون مبرر ، " القدسية " ، و " الثبات " .
العادات والتقاليد الموروثة ، ليست مقدسة ، وليست ثابتة . والدليل على ذلك ، أن البشر على مر العصور ، قد قاموا فعلا ، بتغيير عاداتهم ، وتقاليدهم ، أكثر من مرة ، وفى كل المجتمعات .
نحن نرفض أن يتحكم الأحياء في مصير الأحياء ، كيف إذن نقبل أن يتحكم الموتى في مصير الأحياء؟!
لقد علمتنا الفلسفة ، أنه لا شئ " ثابت " ، الا " التغير " .
وعلى عكس ما يُشيعه أنصار الجمود ، فان أكثر الناس حباً لأوطانهم ، هم الذين يصرون على التغيير ، والتجديد .
إن البشر الذين صنعوا العادات والتقاليد ، هم أنفسهم ، يتغيرون .كيف إذن يتغير الأصل ولا تتغير الصورة؟ . كيف يتغير الصانع ، ولا يتغير المصنوع؟. كيف لمنْ يرقد تحت التراب ، أن يكسر أجنحة منْ يريد التحليق للسماء؟.
ان خلق عادات وتقاليد جديدة ، مرتبط بثورة ثقافية فكرية ، تشهدها البلاد ، كمشروع قومى يوحد الناس .
و مشروع يمكن أن تتبناه جميع أجهزة الدولة المدنية المستنيرة ، التى لم يكتمل تطهيرها وبنائها منذ الثورة السياسية فى 30 يونيو 2013 . أغلبنا يدرك أن الكثير من أجهزة ومؤسسات الدولة ، مازالت اخوانية وهابية سلفية ، وترسخ ذلك ، بغسل العقول عن طريق الاعلام الدينى ، و " بيزنس " الشيوخ والدعاة الاسلاميين ، جيوش الدولة الدينية الذكورية .
حوار مع المفكر اليساري عدنان الصباح حول دور واوضاع اليسار في المنطقة العربية عموما وفلسطين بشكل خاص | د. اشراقة مصطفى حامد الكاتبة والناشطة السودانية في حوار حول المراة في المهجر والاوضاع في السودان |
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |