|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
صبري الرابحي
2021 / 11 / 4
إن كنت مواطنا مغاربيا تنتشي بتوتر علاقة الجزائر بالمغرب، فإن عمقك الحضاري بلا شك صار معطبا، أما إذا كنت سياسيا أو شبها مغاربيا كنت أو عربيا أو أمميا حتى و ترى المسألة كذلك فإن عقلك الإستراتيجي صار معطبا أيضاً أو يوصى لك بإستبداله، إن يكن العطب، فمن المؤكد أن فهم الصراع يجب أن لا يتأخر أكثر. فغير بعيد عن موقفنا الثابت و المبدئي من إرادة المغرب الأقصى الإنتصاب مندوبا لدويلات الرجعية العربية في علاقة بمسألة التطبيع فإنه من المريب حرصه على مناصبة العداء للجزائر بل أكثر من ذلك إنخراطه ضمن محور معلوم يتلقف بعض الخلافات التاريخية لتأجيجها متى أتيحت له الفرصة رغم معرفته المسبقة بتوازنات المنطقة و خاصة عدم تكافئ الأوزان إقليميا على الأقل.إن أرجح الزوايا للنظر لمثل هذه التوترات هي زاوية تمدد دور دول الخليج التي إنطلقت في ذلك مع إدارة ترامب دون ضوابط حتى،فقد كانت المسألة إستباقا إستعجاليا لنفوذ تركي أو حتى آسيوي مرتقب عن طريق بوابات إقتصادية مكرسة بلا شك للإمبريالية الجديدة.. اليوم و بعد مسيرة أكثر من ستون سنة من التوتر الذي تحول إلى "طريقة تعامل" بين البلدين عادت المناوشات لتطفو على الساحة من جديد بنفس الأسباب الموضوعية تقريباً التي أدت إلى حرب الرمال أوائل الستينات.لقد تحول الصراع الجزائري المغربي في ظل تسارع مريب للأحداث إلى سيناريو مرعب مهدد جديا لإستقرار المنطقة و الملاحظ فيه خاصة هو تشكل جبهات أو محاور مغذية للصراع تقريبا نفسها تاريخيا، لنقول بوضوح أن الجزائر حافظت على حلفائها التقليديين عدا خسارتها لتأييد مصر منقطع النظير في فترة جمال عبد الناصر لفائدة الجبهة المقابلة المرتكزة على الأنظمة العربية الرجعية على حد قول ناصر دائماً.و بكل تجرد لم يكن خفيا عن أحد تزايد النفوذ الخليجي في المنطقة المغاربية بأكملها فقد ظهر ذلك من خلال دور الإمارات في دعم اللواء خليفة حفتر في ليبيا قبل تغير موقفها مع بداية حكم جو بايدن، كما يشير ملاحظون إلى أن الوضع السياسي في تونس خاصة بعد تعليق أعمال البرلمان يحمل بصمات دول الخليج و خاصة دولة الإمارات التي عبرت عن دعمها الكامل لهذا المسار كما لاحظ التونسيون عقب ذلك الظهور المكثف لرئيسهم على فضائية سكاي نيوز التي إفتكت بطريقة مثيرة للإستغراب في عديد المناسبات السبق الصحفي من وسائل الإعلام الرسمية، كما لم تخفي الجزائر غضبها من إفتتاح الإمارات لقنصلية لها في الصحراء الغربية و هو ما عبرت عنه بصفة رسمية. أما بالنسبة للمغرب فقد شكلت دولة الإمارات بوابة للتطبيع مع الكيان الصهيوني و بالتالي أخرجت المغرب من محيطه الحضاري و أفقدته ما تبقى له من إرث تحرري كان خلال عشريات الثورة الجزائرية داعما لها و خلد إسم الملك محمد الخامس في وجدان الجزائريين.و حيث أن المجال الإقليمي صار متحركا أكثر من ذي قبل و حيث صارت خلال السنوات الأخيرة خارطة التحالفات فيه غير مستقرة خاصة في علاقة بالربيع العربي و الذي أفضى لفترة محترمة إلى بروز هلال نفوذ أحزاب الإسلام السياسي في المنطقة و التي ترفضها دول الخليج فضلاً عن تدخل تركيا في شؤون هذه الدول و دعمها لهذه الأحزاب و خاصة دورها الإستراتيجي في ليبيا في مواجهة النفوذ الفرنسي فبالتالي أصبحت المسألة تخفي ورائها إعادة تشكيل حقيقي و أصلي لدوائر النفوذ. هذه الدوائر تعكس جيداً التراجع الإستراتيجي لفرنسا أمام الجزائر و في المقابل تقاربها مع المغرب بالتوازي مع علاقاتهما التاريخية. غير أن الموقف الرسمي الفرنسي من الجزائر أصبح يوفر بلا شك للرئيس ماكرون هامشا للدعاية الإنتخابية في مواجهة اليمين المتطرف الذي تنبني حملته الإنتخابية على معاداة المهاجرين و اللاجئين مما قد يخلق بعض التوازن في المشهد و بالتالي فإن هذا التوتر المغاربي أصبح يكشف أكثر من أي وقت مضى تضارب المصالح الإقليمية و الإستراتيجية و عدم إستفادتها من "الهدوء الحذر" الذي تواصل لسنوات في مقابل تنامي قوة الجزائر و تنامي نفوذها في المجال المغاربي و التي أصبحت تفرض نفسها في المنطقة العربية ككل كبديل لمكانة مصر التي فرطت فيها لصالح نفس المحور الذي يغذي الصراع الجزائري و المغربي دون تقدير موضوعي لعواقبه و الذي لن تتأخر نتائجه.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |