|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
هاني الروسان
2020 / 4 / 30
مسلسل النهاية الذي عرى مفهوم السلام المشوه
قد لا يسعف الخيال اي منا في ان يرى لوحة اكثر حزنا في التاريخ ومدعاة للسخرية من لوحة ترسم قسمات حزن وشفقة لضحية على جلادها الذي لم يتوقف منذ مائة عام ولو لحظة واحدة عن الهاب ظهرها بسياط ظلمه وقهره وعنجيته وغبائه.
ولكن عندما يتعدى من عمر السلام المشوه اكثر من اربعين عاما بكل ما حملته من محاولات لتزوير التاريخ والارادة وتستفيق بعداها على بيان للخارجية الاسرائيلة تنتقد فيه مسلسلا مصريا يتوقع نهاية دولة الاحتلال الصهيوني، تدرك انك من المحضوضين الذين اسعفهم ذلك الخيال لتبدي حزنا وشفقة على جلاد لم يفهم حتى للقوة من معنى الا انها قوة الرصاص والقتل.
احتلال لم يفهم كما فهمت كل اشكال الاجتماع البشري التي عُرفت منذ فجر الانسانية الاول والى يومنا هذا ان للقوة اشكال كثيرة وانها الاكثر حركة وتغيرا وتنقلا على محور الزمن وانها قبل كل شئ هي حاجة للذات كما هي حاجة الاخر، وان الوصول اليها ان لم يكن عملا واعيا فانه قد يكون فعل لا ارادي تقتضية ضرورات الوجود المتوازن.
والمضحك بل والمثير للشفقة ان قادة اسرائيل لم يدركوا ان الاستخدام الامثل للقوة هو في استعمالها لتكريسها هندسة وجود متكافئ، يخلو من اي نزوع استأصالي، اولا لاستحالة تحويله الى واقع مادي لانه مخالف لنواميس البقاء المتوازن، وثانيا لانه يؤسس لاستئناف صراع اشد قسوة تميل فيه القوة وفقا لقانون حركتها على محور الزمن الى الطرف الاخر، ما يعني ان قادة اسرائيل الحاليين يقامرون بمستقبل الابناء القادمين.
فهل اكتشفت اسرائيل اليوم مع هذا الاقبال الكبير على مسلسل النهاية وبعد كل هذه السنوات من العدوان ان للسلام قوانين وقواعد وان ضمانته الحقيقية هي الشعوب وليست الانظمة، اما انها ستواصل سياسة الاحتجاج الواهي في ظل الامعان على استخدامها لنوع واحد من القوة المجردة من اي بعد اخلاقي او انساني او حتى قانوني⸮
من المؤكد اننا لسنا الان بصدد الاجابة على سؤال من هذا القبيل، ولكنا نورده لكي نقول ان استمرارها في تجاهل قواعد العيش المشترك في المنطقة قد يجعلها ليس بعد اربعين سنة اخرى بل باقرب مما تصور في مواجهة ليس مسلسلا او مسرحية بل امام موجة قاسية من استئناف الصراع.
وان لم تدرك اسرائيل هذه الحقيقة او لا ترغب في ادراكها - وهو الارجح - في المدى المنظورفعلى اصدقائها ان يدفعوها والا فان القوى المعنية بالمحافظة على الامن الدولي عليها ان تحمل مسؤوليتها في هذا الشأن لانه لم يعد مبررا الاستمرار في النهج المشوه للسلام، الذي عبر الشعب المصري العظيم اليوم عن رفضه له من خلال هذا الاقبال الكبير على متابعة مسلسل النهاية ، ليبدد بذلك وهما اسرائيليا مثيرا للشفقة حول امكانية فرض سلام لا يستجيب لشروط السلام القائم على العدل والانصاف، ويعري فهما متهافا لقانون القوة يجبر شعبا على القبول بسلام لا يعيد للشعب الفلسطيني حقه في بناء دولته المستقلة كما بقية شعوب الارض.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |