|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
الهيموت عبدالسلام
2019 / 7 / 6
التافهون لا يخجلون ولا يستحيون، لم يعد التافهون يُديرون ظهورهم لقضايا الفقر والبطالة والقهر فقط،بل إنه يتسع وقتهم ويزيد حماسهم لتنظيم وقفات أمام البرلمان للدفاع عن الكلاب الضالة ويطالبون الدولة بمعاملة إنسانية للكلاب وتطبيق اتفاقيات منظمة الصحة العالمية واتفاقية المنظمة العالمية لصحة الحيوان قصد التعامل بأفضل الطرق مع الكلاب والقطط في الشوارع .
هؤلاء التافهون لا يريدون أن يسمعوا أن فئة كبيرة من بني جلدتهم تموت من البرد في أعالي الجبال ،وأن الكثير من النساء الفقيرات تلدن في الطرقات لأنه لا يوجد بقريتهم مستوصف ولا طبيب ،وأن الأطفال الفقراء لا يستطيعون متابعة دراستهم بسبب الفقر والعزلة ، وأن مئات المعتقلين زج بهم في السجون لمجرد أنهم طالبوا بمستشفى وجامعة وطريق ،وأن البحر يبتلع يوميا شبابا حاملا بالهجرة يقدمها وجبات للسمك ، ومع ذلك فإن التافهين لا يجدون حرجا في مطالبة الدولة بتوفير الفنادق ومحلات التدليك ومقابر خاصة وأدوية للكلاب والقطط والحمير وهم يتعثرون يوميا في "جحافل" من المتسولين وأطفال الشوارع من بني جلدتهم الذين يبيتون في العراء ويأكلون من قمامة الأزبال .
أصبح الدفاع عن الحيوانات موضة مُدرة للعملة وجالبة للشهرة ورابطة لحبل السرة بالدوائر المتحكمة في الشأن العالمي لدلك أصبحت لها للمهرجانات تحتفي بها و جوائزَ ومنح دولية وتوأمات وروابط وشبكات وتغطية إعلامية واسعة يقدم فيها التافهون برامج غاية في الرداءة لجيل فارغ وخاو يتلقف كل ما هو سطحي وفرجوي وغريزي.
لا تستغرب أن تتناسل جمعيات الرفق بالحيوان إلى جمعيات تدافع عن السلاحف والنسور والذباب والحشرات في قرية تموت طفلة من لسعة عقرب أو لدغة أفعى، في قرية أو مدينة يموت من فيها بالسرطان والموت البطيئ...لا تستغرب أن تتناسل هذه الجمعيات مادامت الدولة وأحزابها وخدامها تستثمر في شعب يتلقف الرداءة مضطرا، وتصنع منه نماذج غاية في البلاهة وتوفر لها منصات الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي والسفريات والشهرة.
حين يصبح رقم/مقاس حذاء عارضة الأزياء "باريس هيلتون" يستقطب كبريات الجرائد ، وتصبح تدوينة شابة من كلمتين "كليت تفاحة" أو "صباح الخير" تحصد الملايين من الإعجابات والمشاهدات، ويصبح شخص مخبول لا يعي ما يقول قادرا على جر عشرات آلاف المواطنين فيما عُرف بكنز جبل بوسرغينة ،وحين يصبح "مكي الصخيرات" قادرا على علاج كل الأمراض حتى التي لازال الطب عاجزا عن علاجها ، ويصبح كل من يقدر على تعويج فمه ، ومن يقدر على إطلاق الكلام المنحط السوقي على عواهنه ، ومن ينشر ويسخر من أعراض الناس وخصوصياتهم ،ومن يدعو صراحة للقتل والكراهية وهو يتدثر بالراية المغربية ومن يتفاخرون بأسلحتهم البيضاء وبالغنائم التي "اغتنموها" من بسطاء مثلهم ،حين تصبح هذه الظواهر تقود أصحابها للنجاح والشهرة وتحضى بالدعم والتمكين والتمثيل لدى دول أخرى فاعلم أن المغرب انخرط في عولمة التفاهة,
حصل المفكر واللساني "نعوم تشومسكي"1986 على وثيقة سرية يعود تاريخها لشهر ماي 1979 ،وتحمل هذه الوثيقة عنوان " الأسلحة الصامتة لخوض حرب هادئة " ،الوثيقة عبارة عن دليل للتحكم والسيطرة على البشر وهي عبارة عن 10استراتيجيات وأهمها سياسة الإلهاء تقول الوثيقة " حافظوا على تحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية وألهوه بمسائل تافهة لا أهمية لها ،أبقوا الجمهور مشغولا ، مشغولا دون أن يكون لديه أي وقت للتفكير ،فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى ".
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |