|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
صباح قدوري
2015 / 5 / 30
المقدمة :
ان تبني رؤية واستراتيجية شفافة للبناء الوطني، تهدف الى التخلص من اثار وعيوب النظام السابق،وتطرح منهجا سياسيا واقتصاديا شفافا يتلائم مع حاجات البلد ومستوى التطور الاجتماعي والقانوني والتنظيمي للمجتمع، وموارده المتوفرة . وتفعيل دور الدولة واعطاء دور حقيقي لمساهمة القطاع الخاص في تنشيط الاقتصاد.وكذلك الاتفاق على معظم الأوليات الواجب تنفيذها لازالة التخلف ولانماء الاقتصاد ومعالجة الفقر والبطالة ولتقديم الخدمات وبناء واعادة بناء البني التحتية وادخال التكنلوجيا الحديثة وكل ما يلبي طموحات عملية التنمية الوطنية المستدامة ،ولكن لم يتحقق توافق على البرامج المطلوبة لبلوغ هذه الغايات.
اليوم تواجه حكومة د.حيدر العبادي في سياستها الاقتصادية والاجتماعية واجبات ومهمات كبيرة وجسيمة. ينتظر الشعب العراقي وبفارغ الصبر من هذه الحكومة انجازها، وفي مقدمتها اصلاح النظام الاقتصادي، تحسين اداء النظام المالي والمحاسبي والنقدي عبر الموازنة الاتحادية، وضمان استقلالية البنك المركزي لاداء وظائفها،والتوجه الجدي نحو تفعيل دور واداء موسسات الدولة المختلفة استنادا الى مبادئ الادارة الرشيدة. كل هذه الاصلاحات وغيرها يجب ان تنصب في خدمة عملية التنمية الوطنية الشاملة تتحقق فيها ابعاد اقتصادية واجتماعية مستدامة.
ارتباطا بالعنوان المشار اليه في اعلاه،احاول طرح الموضوع للمناقشة ضمن المحاور ، وكالاتي:
1ـ ملاحظات عامة عن الحالة الاقتصادية العراقية الحالية .
2 ـ اصلاح النظام الاقتصادي والمالي والنقدي ، وتفعيل دور اداء مؤسسات الدولة في خدمة عملية التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة ، ذات ابعاد اقتصادية واجتماعية.
3 ـ الاستنتاجات
اولا: ملاحظات عامة عن الحالة الاقتصادية العراقية الحالية.
منذ ثلاثة عقود، وكما هو معروف ، بان السياسة الاقتصادية العراقية تجاه التنمية الوطنية المستدامة ولحد اليوم تميزت ببعض الملامح (من دون الدخول في التفاصيل)، نوردها، كالاتي:-
1ـ انعدام رؤية شفافة واستراتيجية و/أوايدولوجية واضحة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
-2 ـ بقاء العراق على حالتة كاقتصاد ريعي بدلا عن تحوله الى اقتصاد منتج للقيمة المضافة، والذي يشترط وجود استثمارات ضخمة يحتاجها البلد وخاصة في مجال بناء وإعادة بناء البنى التحتية،التي تعرض للدمار، نتيجة الحروب العبثية للنظام الديكتاتوري المقبور، ولاحتلال العراق والحصار الجائر الذي فرض على البلاد وشعبها وطال امده ل 13سنة. ولادخال التكنلوجيا الحديثة، وتاهيل القطاع النفطي، والنهوض بالقطاعات الإنتاجية ، وفي مقدمتها القطاعين الصناعي والزراعي، والخدمية ـ الانتاجية، وتفعيل التجارة ووضعها بخدمة الخطط التنموية الشاملة.-
3 ـ ضعف مساهمة القطاع الاقتصادي الانتاجي في تركيبة الناتج المحلي الاجمالي.مما خلف خللا بنيويا في تركيبة الموازنات ، بسبب تفاوت كبير في نسبة توزيع نفقات الموازنة بين الانفاق العام التحويلي والتشغيلي الذي يمثل المعدل بحدود70%،فيما الانفاق الاستثماري العام بحدود 30%.
-4 ـ التردي المريع والمتفاقم للخدمات البلدية، والصحة ، والتعليم، والماء والكهرباء ، وغيرها.
5 ـ بلوغ نسبة البطالة اكثر من 17% من قوة العمل ، وان نسبة مستوى خط الفقر وصلت الى اكثر من 20% ، اي اكثر من 6 ملايبن من سكان العراق البالغ 34 مليون نسمة.
6 ـ تزايد حدة الاستقطاب الاجتماعي،ما ادى الى تقسيم المجتمع ، ونجم عنها فجوة كبيرة بين الفقراء والاغنياء، مسببا تركز الثروة بشكل كبير في يد الفئات المتنفذة في قمة الهرم الحزبي والاداري العام.
وهي التي تسيطر على الميول الاقتصادية ، ورسم اتجاهاتها العامة.
7 ـ ان الحزبية والمحسوبية وضعف الرقابة المالية ، تقف وراء الفساد الاداري والاقتصادي المستشري على معظم المستويات الادارية والحزبية. ان الانشغال والمبالغة بمفهوم الخصخصة وانتهاج فقط سياسة اقتصاد السوق، اي (نظرة الاقتصاد النقدي، بدلا عن الاقتصاد الاجتماعي)، قد يشجع في هذه الحالة على مزيد من الفساد الاقتصادي والاداري.
8 ـ غلبة طابع النشاط الاقتصادي الاستهلاكي ، وتراجع تدريجي للاقتصاد الانتاجي الزراعي والصناعي واثره على الطبقة العاملة والفلاحين ، ما يفضي الى تراجع القوى الاجتماعية الداعمة والمساهمة لاستراتيجية التنمية الوطنية الشاملة.
9 ـ ضعف مساهمة النظام الضريبي في تركيبة الموازنة العامة، وذلك لان الايرادات الناجمة عنها هي في
تناقص مستمر، بسبب صعوبة الجباية ولانتشار الفساد الاداري والمالي في اجهزتها .اما ايرادات الرسوم الجمركية فتخضع لشروط المنظمات المالية والنقدية الدولية منها منظمة التجارة الدولية التي تهدف الى ازالة الحواجز الجمركية بمرور الزمن.
10ـ ضعف ومحدودية مصادر القوى البشرية المتطورة وذات الخبرة اللازمة في العملية الانتاجية . وضعف ايضا في البني التحتية ، ما يعرقل فضلا عن عوامل اخرى ، عملية النمو والتطور الاقتصادي في العراق.
11ـ ان العقود المبرمة بين الحكومة الفيدرالية واقليم كردستان العراق مع الشركات الاجنبية العاملة في العراق تنقصها الشفافية العالية. وتعتبر عقود اقليم كردستان على اساس عقود المشاركة في الانتاج، وهذه تشكل اجحافا كبيرا بالجانب العراقي . وعلى وفق بعض البيانات الاولية ، فان هذه العقود تمنح الشركات المذكورة ولمدة طويلة قد تزيد عن (20) سنة ، حصة ارباح عالية من النفط المستخرج، والمشاركة في الملكية ايضا ، بكلفة زهيدة لهذه الشركات ، مقابل تطوير الحقول النفطية العراقية.
12ـ ضعف واضح في اداء التشريعات المالية و في تطوير النظام الضريبي والمؤسسات المالية، وعلى راسها البنوك وشركات التامين، وتعددية الانظمة المحاسبية في موسسات القطاعين العام والخاص، وعدم استقرار قيمة العملة العراقية وتاثيرها على التضخم.
13ـ ادت هذه السياسة عبر العقود الثلاثة ، عدا عن فترة( 1973-ـ 1979 ) ، ومن ثم الحرب العراقية الايرانية التي امتدت ثماني سنوات ، وكلفت مئات المليارات من الدولارات.كما وهدر اكثر من ( 500) خمس مئة مليار دولار امريكي من موارد الدولة العراقية منذ احتلال في 2003 وحتى الان، ولم تستثمر
منها الا مبالغ قليلة جدا في التنمية الوطنية.
14ـ ساهمت السياسات الاقتصادية القائمة على تحرير الاسواق والاسعار باشكال تتنافى مع السياسات الاقتصادية التنموية ، مع غياب وانعدام المحاسبة والشفافية في الادارة والاداء، مما تركت اثار سلبية كبيرة وعميقة على الحالة الاقتصادية والطبقات الاجتماعية، وادت الى ظهور تفاوت في الدخول للطبقة المتوسطة. يمكن تعبير عنها، بالاتي:-
ـ نمو فئة ( طفيلية) موالية للحكومات المتعاقبة ، وتشكل قاعدتها الاجتماعية ، وهي قوة مناهضة للمنتجين الفعليين للثروة.
ـ ظهور فئة اخرى( مافية) متخصصة في سرقة النفط وبيعه من خلال قنوات متعددة، تتعاطى مع العمولات والرشاوي مع الشركات العاملة في العراق وخاصة في مجال النفط والتجارة الخارجية ، متاجرة بالاسلحة والمخدرات وغيرها .
ـ نشوء شرائح البرجوازية لصالح الجناح الطفيلي البيروقراطي والكومبرادوري ، مما يدفع بعملية التراكم الراسمالي والمتعلق بالملكية العقارية اوبالتجارة الداخلية ،بدلا عن تحقيق تراكم لراسمال القائم على الانتاج .
ـ انسياب نسبة متعاظمة من الدخل القومي الى الخارج من خلال قنوات التجارة الخارجية والفساد وغسيل الاموال ، والى توزيع غير عادل للدخل القومي . كما ابقى البلاد سوقا مفتوحا للسلع الصناعية والزراعية والخدمات الاجنبية ، من دون اية ضوابط . اضافة الى الهبوط في التنمية وانخفاض الدخول الحقيقية للجماهير الكادحة . كما عمق من ضعف الطبقة الوسطة المنتجة الراسمالية الصناعية المحلية.
ـ ان حالة الاستمرار على هذه السياسة التنموية ، قد تسبب الى تقليص حجم الطبقة المتوسطة في العراق مستقبلا. حيث تتوجه بعض فئات منها بالتحول تدريجيا الى ( الطفيلية البيروقراطية)،واخرى الى (المافية )، كما وتنتقل فئة اخرى منها تدريجيا باتجاه الفقر وتدفع بالفقيرة الى ما دون مستوى خط الفقر.
ثانيا : اصلاح النظام الاقتصادي والمالي والنقدي ، وتفعيل دور اداء مؤسسات الدولة في خدمة عملية التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة ذات ابعاد اقتصادية واجتماعية.
ان الاقتصاد العراقي الحالي وفق المعطيات المطروحة في المحور الاول ، ارى انه بحاجة الى الاصلاحات والتغيير البنيوي، حتى يتم تفعيله ويساهم في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة ذات ابعاد اقتصادية واجتماعية.
وبهذه المناسبة نقدم بعض مقترحات متواضعة لعلها قد تساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني ووضعه على مساره الصحيح،وتاثيرها الايجابي على تركيبة الطبقة المتوسطة وعموم الشعب العراقي ، وهي كالاتي:
ان الخلفية الايدولوجية المعتمدة من الحكومات المتعاقبة والمستندة على توصيات الحاكم العراقي السابق (بول بريمر) بعد الاحتلال في 2003، وبمؤزارة من بعض الاقتصاديين اللبراليين الجدد وتماشيا مع سياسات المنظمات المالية الدولية ( الصندوق والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية)، والتاكيد في البرنامج الاقتصادي الحكومي الحالي ضمن محاور منها: تشجيع التحول نحو القطاع الخاص، الاصلاح المالي والاداري للمؤسسات الحكومية، كلها تقر وتدعم فقط في اتجاه الخصخصة واقتصاد السوق.
وتعني الخصخصة تحويل (الملكية العامة) الى ( الملكية الخاصة) ، التي تتوجه عادة نحو المشاريع ذات الربحية السريعة والعالية . واطلاق الاسعار في السوق على اسس المنافسة الحرة بدون اي قيود، مما يمهد الطريق في النهاية الى الهيمنة الاحتكارية للشركات الكبرى وتثبيت اقدامها في السوق والتصرف بالاسعار والجودة لمصالحها الخاصة (تحقيق اقصى الارباح)، والاستحواذ على الشركات الصغيرة والمتوسطة وطردها من الاسواق .
اما اقتصاد السوق وفق هذه الايدولوجية، فيعني ابعاد الدولة عن السوق وعدم تدخلها في تنظيم ومراقبة النشاط الاقتصادي، او تقليص دورها الى ابعد حد ممكن، باعتبار ان سوق نفسه يقوم بذلك من خلال العرض والطلب والمنافسة الحرة .
ضمن هذه المعطيات نرى، بان حالة الاقتصاد العراقي اليوم تحتاج الى التوجه نحو تطبيق نوع من الاقتصاد المتوازن وفق الملكيات المتنوعة (الحكومية، التعاونية ، المختلطة)، و/أو حتى القطاع التطوعي، اذا اصبح جزء من الثقافة العراقية مستقبلا، مع اجراءات الحماية للانتاج الوطني العراقي من غزو الاسواق بالمنتوجات الخارجية وتحرير الاسعار من اي قيود.
ولتحقيق هذه المهمات وغيرها يتطلب من الحكومة الحالية التفكير الجدي بعملية الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تبني رؤية محددة واضحة وشفافة لاستراتيجية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، تضمن الابعاد الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة لهذه العملية وفق جملة من التوجهات، منها، مايلي:
ـ البعد الاقتصادي :
1ـ اصلاح الهيكل الاقتصادي يستند على ستراتيجية واضحة وشفافة لتنشيط وتفعيل القطاعات الانتاجية، وفي مقدمتها الزراعة والصناعة والتشييد والابنية والخدمية ـ الانتاجية، وغيرها .وتامين البني التحتية والتكنولوجيا الحديثة اللازمة لها، بغية تخليص الاقتصاد العراقي من بنيته الاحادية الجانب والاعتماد على الريع النفطي، وذلك لتنويع مصادر القطاعات الاقتصادية للمشاركة في انتاج الناتج المحلي الاجمالي، والتامين الدائم لمصادر تمويل الميزانية العامة للدولة .
2 ـ تفعيل دور القطاع الخاص الوطني وتشجيعه للمساهمة في زيادة الاستثمار والانتاج والتشغيل، من خلال التمويل الميسر للصناعات الصغيرة والمتوسطة وبالتعاون مع الغرف التجارية واتحاد الصناعات العراقية. حماية المشاريع الصناعية واعفائها من الضرائب لمدة تتراوح بين (5 ـ-7) سنوات، وهي مطاليب القطاع الخاص. اعادة النظر في قانون تشجيع استثمارات ، وتقديم التسهيلات اللازمة لهذا القطاع بعد دراستها حسب اولويتها واحتياجات البلد وظروف تطورها ، وبالتعاون مع المصرف الصناعي ، لتكون نسبة الفائدة على القروض للمشاريع الصناعية منخفضة جدا.
اما القطاع الخاص الاجنبي يجب الاستفادة منه بشكل عقلاني ومدروس للاستثمار في القطاعات ذات الصناعات الكبيرة التي تتطلب الخبرة والمهارة العاليتين غير المتوفرة لدى الكادر الوطني، وذات التكنولوجيا المتقدمة والمتطورة، ويجب دراستها بامعان من جميع جوانبها المالية والادارية والتنظيمية والقانونية، وفق اسس المصالح المشتركة وصيانة السيادة الوطنية .
3 ـ الاهتمام بتاهيل واعادة بناء البني التحتية في مجال الاتصالات الهاتفية والتلفونات المتطورة والانترنيت والقنوات التلفزيونية والوسائل المعلوماتية والتكنلوجيا الاخرى، امن العمل ، النقل والمواصلات ، المصارف ومؤسسات التامين، وبناء المصافي وتامين الطاقة الكهربائية، والمشاريع المائية، توسيع وبناء شبكات الطرق السريعة وبناء الجسورلربط الاقضية والارياف بالمدن، بهدف تامين نقل السلع والمسافرين والخدمات وتنسيط الحركة التجارية وغيرها ،والتي هي من اولويات بناء الاقتصاد الصناعي والزراعي والخدمات الانتاجية المتقدمة .
4 ـ معالجة البطالة المتفاقمة من خلال اعادة هيكلية القطاعات الصناعية والزراعية والخدمات الانتاجية.
وضرورة بناء مجمعات صناعية متطورة ومتكاملة البني التحتية ، واعادة هيكلية المناطق الصناعية القديمة،واعادة تقيم الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع الصناعية ذات التمويل الذاتي ، بهدف تاهيلها وتفعيلها للانتاج واعادة العاملين اليها، وعدم تركها كما هو عليه الحال لحد الان.
5 ـ تشجيع قطاعات البناء مما يساعد على حل ازمة السكن، وحمايتها من المضاربات العقارية.
والنهوض بمشاريع السياحة وتحفيز القطاع الخاص المحلي والاجنبي للاستثمار والانتاج والتشغيل فيها .
6 ـ استثمار موارد ملائمة في التعليم من اجل اعداد قوة عمل افضل تعليما وتخصصا، لكي يساهم في رفع جودة التعليم ورفع انتاج وانتاجية العمل .
7 ـ توفير البيانات والاحصائيات من وزارة التخطيط والهيئات المختصة ووضعها في متناول الباحثين والاكاديميين والمهتمين بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية ،مع انشاء مراكز بحوث متخصصة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها .
8 ـ وفي الجانب المالي والسياسة النقدية يجب الاهتمام في استخدام معايير علمية ومنطقية في تبويب واعداد الموازنة العامة، تعتمد على قياس كفاءة الاداء والانتاجية، و التحكم بالموارد المالية المتاحة بشكل عقلاني، بحيث تكون تقديرات الميزانية اقرب الى الواقع على اساس الاهداف والبرامج الحقيقية .
9 ـ اصلاح النظام المالي والنقدي من خلال البنك المركزي الجهة الوحيدة المستقلة والمتخصصة في رسم السياسة النقدية، من دون التدخل في واجباته الاساسية في عملية تامين الاستقرار النقدي، والحفاظ على الرصيد الاحتياطي من العملات الاجنبية لديها،وغيرها من الواجبات.
10 ـ الزام وزارة المالية بتطبيق "قانون الادارة المالية" والذي ينص على تطبيق شفافية الموازنة تجاه استخدام الاموال العامة في مجال التنمية الوطنية المستدامة وفقا للمعايير الدولية المتبعة، وتزويد المجتمع بمزيد من البيانات والمعلومات عن الحالة الاقتصادية، والموازنة العامة للدولة بغية الاطلاع على اولويات وتفاصيل اوجه الانفاق ومصادرالمالي الحكومي.
11 ـ معالجة الخلل البنيوي في تركيبة الموازنات السابقة ، بسبب التفاوت الكبير في نسبة توزيع نفقات الموازنة بين الانفاق العام التشغيلي التي تمثل معدل بحدود 70%والانفاق العام الاستثماري بحدود 30% من مجموع الميزانية. وتسبب هذه الحالة في عجز الموازنة عن خلق ديناميكية على مستوى تحقيق النمو الاقتصادي فمثلا (5 ـ 7)%، والذي تشترط وجود استثمارات ضخمة يحتاجها البلد في مجال اعادة وبناء البني التحتية، تاهيل القطاع النفطي مثلا الى( 9) مليون برميل يوميا حتى عام 2020، وباسعار معتدلة للنفط ، وكذلك النهوض بالقطاقات الانتاجية. ولتحقيق ذلك يتطلب توزيع نفقات الموازنة بالمناصفة بين التشغيلية والاستثمارية في المدى المتوسط والبعيد .
12 ـ اصلاح وتنظيم نظام الضرائب المباشرة وغير المباشرة ،وتشريح قوانين خاصة لها بما يحقق العدالة والحد من الفساد المالي والاداري المستشري فيه.توفير الوسائل اللازمة والكفؤة والنزيهة في عملية جبايتها والرقابة عليها. العمل على نشر الثقافة والوعي الضريبي والثقة المتبادلة بين الاجهزة المالية والادارية للدولة والمواطنين، بان دفع الضريبة ،هو جزء من عملية المساهمة في البناء الاقتصادي.
13 ـ تفعيل دور البنوك والمصارف والموسسات التامين ، بعد اجراء الاصلاحات الهيكلية والادارية والفنية اللازمة فيها . وتشديد الرقابة المالية عليها، وخاصة الغير الحكومية منها ، بغيته التحكم باستخدام الموارد المالية بشكل اعقلاني .
14 ـ تفعيل دور هيئتي الرقابة المالية والنزاهة واحترام استقلالتهما في اداء واجباتهما ، ودراسة تقاريرهما الفصلية والسنوية بجدية في البرلمان . محاسبة مرتكبي جريمة الفساد وفق القانون والقضاء ، مع تنشيط دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة والشفافية على المؤسسات الحكومية .
15 ـ معالجة ظاهرة التضخم النقدي، اذ ان مؤشرات التضخم السنوي في ارتفاع مستمرنتيجة الارتفاع في الرقم القياسي لمجاميع السلع الاساسية والضرورية ، وخاصة المستوردة منها، وذلك من خلال اجراء الزيادة النسبية في مدخولات العاملين، لمواجهة حدوث اي ارتفاع في نسبة التضخم.
16 ـ اصلاح النظام المحاسبي بحيث يرتقي الى مستوى القياس العالمي ، من خلال توحيد الانظمة المحاسبية المتعددة المعمول بها حاليا في القطاعين العام والخاص، وتطوير اساليب الرقابة المالية وجودتها، ورفع القدرات المهنية للعاملين في حقلي المحاسبة والادارة، واستخدام ادوات جديدة لمعالجة وظيفة النظام المحاسبي لانتاج المعلومات الاقتصادية على الصعيدين الكلي (الماكروي) والجزئي (المايكروي).
17 ـ تطبيق نظام مالي حديث بالاعتماد على التكنولوجيا المعلوماتية لانتاج البيانات والمعلومات المالية اللازمة لعملية اتخاذ القرارات الاقتصادية والادارية .
18 ـ-الاسترشاد باركان ومبادئ الادارة الرشيدة المبنية على اسس: الديمقراطية الحقيقية والشفافية والنزاهة والمسؤولية والافصاح عن المعلومات ومحاربة الفساد المالي والاداري المستشري في المفاصل الادارية والحزبية.
19 ـ ضرورة تفعيل وتطبيق مبدأ اللامركزية الادارية والمالية للاقاليم والمحافظات العراقية .
20 ـ ضرورة تبني هيئة الاستثمار استراتجية واضحة وشفافة واليات فعالة وفق خطط مدروسة لعملية التنمية الاقتصادية /الاجتماعية الشاملة والمستدامة.
ـ البعد الاحتماعي:
يجب ان تحقق التنمية الوطنية الشاملة ابعداها ومردوها الاجتماعي، من خلا ل انجاز المهمات الاتية :
1ـ معالجة ظاهرة البطالة عن طريق تامين فرص العمل اللائقة للجميع، والقضاء على الفقر وتقليل الفوارق الطبقية، من خلال تامين فرص تشغيل اكثر للطبقة الوسطى لتوسيع حجمها وتقليص حجم الفئة الفقيرة وتحت خط الفقر .
2 ـ اعتماد سياسات اقتصادية واجتماعية شاملة للجميع لتحقيق مبدأ العدالة الاقتصادية والاجتماعية، بهدف تقليص التفاوت الكبير في مستويات الدخل وتراكم الثروات بين الافراد وبين مناطق البلاد .
3 ـ المسؤولية الاجتماعية تجاه البيئة وحمايتها من التلوث والدمار .
4 ـ المساهمة في سوق العمل عن طريق تاهيل وتدريب القوى البشرية العاملة، لمواكبة التكنلوجيا الحديثة، بهدف رفع الانتاج والأنتاجية وجودتهما .
5 ـ الاعتناء بجودة الانتاج وتقديم افضل الخدمات التسويقية وفق المعايير القياسية، لصالح المستهلك وحمايته. 6 ـ تامين نظام الضمان الاجتماعي لمساعدة الفقراء والعاطلين عن العمل، واتباع وسائل فعالة لتوزيع الدخل بين افراد المجتمع بعدالة قدر الامكان.
7ـ توفير نظام مجانية الصحة لجميع المواطنين .
8 ـ توفير التعليم المجاني بجميع مراحله لكافة ابناء الشعب .
9 ـ رفع الوعي العام والمستوى الثقافي والحضاري للمجتمع، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في ممارسة الديمقراطية والمشاركة في صنع القرار والرقابة الشعبية .
10ـ ايجاد حلول سريعة ومجدية لمعالجة شؤون اللاجئين والنازحين عبر التعاون الجدي بين الرئاسات الثلاث ، وباسرع وقت ممكن.
ـ استدامة التنمية :
ان الابعاد الاقتصادية والاجتماعية المنوه عنها اعلاه اذا اخذت بها بعناية وجديه وفق رؤية واستراتيجة مدروسة على اسس الاهداف والاولويات والبرامج، فان عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية التي هي من صلب اوليات واجبات الحكومة، ستحقق بلا شك مفهوم الاستدامة للتنمية الشاملة، وفق الاهداف الاتية :
1ـ انتقال اقتصاد العراق تدريجيا من اقتصاد ريعي احادي الجانب ذي طابع استهلاكي الى اقتصاد متنوع ذي صفة انتاجية من خلال اعادة الهيكلية الاقتصادية لصالح القطاعات الانتاجية وهو اقتصاد منتج للقيمة المضافة، اي يساهم في زيادة تراكم راس المال .
2 ـ اشباع الحاجات الملحة والمتنامية للمواطنين من خلال اعتماد سياسة الاقتصاد الانتاجي، فهو وحده القادر على رفع انتاجية العمل، بما يساعد على رفع مستويات المعيشة وتوفير السلع والخدمات للمواطنين .
3 ـ ضمان استمرار النمو الاقتصادي بوتيرة منتظمة في الامد المنظور .
4 ـ تعديل ميزان مدفوعات بشقين التجاري وحركة رؤوس الاموال، عبر الحد من سياسة الاستيراد المفتوح المعمول به حاليا والاقتصار على المنتجات والسلع المختلفة المطلوبة للانتاج والاستثمار والاستهلاك من السلع الضرورية والمستلزمات الوسيطة للانتاج الصناعي والزراعي للقطاعات المختلفة. الاعتماد على الانتاج الوطني من السلع والخدمات المتوفرة وحمايته من خلال تفعيل واعادة بناء هيكلية المؤسسات الانتاجية الحكومية. تشجيع القطاع الخاص للمساهمة في الاستثمارات الانتاجية، وتفعيل قانون منظومة الرسوم الجمركية رقم (22) لعام 2010، وكذلك التفكير لتصدير المنتجات النفطية البتروكيمياوية والكبريت والاسمدة وغيرها، وبعض المنتوجات الزراعية والحيوانية كالتمر والحبوب الصوف والجلود وغيرها، مما يساعد على تعديل الميزان التجاري لصالح العراق في الامد المنظور.
هناك ايضا ظاهرة تهريب رؤوس الاموال الوطنية اي تهريب النقد الاجنبي من البلد الى الخارج ، باحثا عن فرص مربحة وامنة للاستثمار،لان العراق طاردا لها بسبب سؤء الحالة الامنية والاستقرار السياسي ، وعدم تحفيز وخلق بيئة ملائمة للاستثمار في البلد ، مع انعدام رؤية واستراتيجية واضحة وشفافة لعملية التنمية الوطنية الشاملة. والحالة هذه تقتضي اجراء رقابة صارمة للحد من هذه الظاهرة.
5 ـ اعتماد الموازنة كنظام للمعلومات في صياغة الاستراتيجيات التنفيذية للمشروعات العامة.
6 ـ تحسين اليات متابعة الاداء الاداري والمالي والتنفيذي لمشروعات الموازنة .
7 ـ تعزيز العملية الرقابية من خلال تطبيق المعايير الرقابية والمراجعة الدولية ودليل قواعد السلوك الاخلاقي للمحاسبين المهنيين .
8 ـ محاربة الفساد المالي والاداري من خلال التعاون بين هيئة الرقابة المالية والنزاهة والقضاء والرقابة الشعبية .
9 ـ دعم وتسهيل عملية تطبيق سياسات محاسبية موحدة على كافة القطاعات الاقتصادية.
10 ـ الانتقال من الأساس النقدي لعملية المحاسبة الحكومية المعمول بها حاليا للايرادات والمصروفات الى تطبيق اساس الاستحقاق .
11 ـ توحيد اساليب اعداد التقارير والقوائم المالية الحكومية والافصاح عنها بشكل دوري وفق معايير المحاسبة الدولية .
ثالثا : الاستنتاجات
1ـ ان العراق اليوم مهدد في جميع المجالات وبالتالي فانه امام استحقاقات زمنية لانقاذ البلاد من الخطر الكبير. ويقتضي الامر التقيد بالدستور في المعالجات، وعلى رغم من ما يحتويه من السلبيات الا انه لم يجري التقيد و/أوالتنفيذ بجانبه الايجابي . دراسة اسباب الخلل والنقص في الرؤية العامة وفي مسارات التنمية الاقتصادية/الاجتماعية المستدامة. والتاكيد على ضرورة اجراء مسار عملية البناء وفق الضوابط والقوانين والمعرفة الاقتصادية. الاستعانة باركان الادارة الرشيدة في تيسيير الاقتصاد والادارة والتنظيم،والتاكيد ايضا على اسس الكفاءة والخبرة والمعايير المهنية في الاداء ،وتامين حقوق وضمان حريات الانسان واستقلاليته في تحديد اساليب نشاطه ومجالات حياته،وممارسة الديمقراطية الحقيقية في الحياة اليومية. الاستفادة العقلانية من الموارد االطبيعية والمالية والبشرية والمعرفية المتاحة في خدمة التنمية الوطنية،وعدم هدرها نتيجة سؤء استخدامها و/أوتفشي الفساد المالي والاداري على المستويات الادارية والحزبية في الدولة، كما هو لحد الان . التوجه نحو حل المشاكل السياسية بين الاطراف المشاركة في العملية السياسية ،وخاصة بين المركز واقليم كردستان العراق ،والاقتصادية المتراكمة وفي مقدمتها تخفيف معاناة الشعب وتوفير الامن الاقتصادي والسياسي والصحي والتعليمي والسلم الاجتماعي، والقضاء على البطالة. بناء اقتصاد متين ومزدهر يتحقق فيه مبدأ العدالة الاجتماعية ويعود ريعه وخيراته على الجيل الحالي والأجيال القادمة وعلى الشعب العراقي واطيافه المتنوعة وفي كل اجزاءه .واخيرا لابد من القول بان الامر يظل مرهونا بتحويلها الى اجراءات عملية وخطوات ملموسة على الارض.
2 ـ ان اشكالا كثيرة ومختلفة من الدمار الذي يمكن اجتنابه تنبع من الخصخصة واقتصاد السوق في ظل غياب التحضير الاجتماعي والتكنيكي الكافي. ان ما جرى ويجري في اوربا الشرقية ومعظم بلدان المتخلفة والنامية والعراق منها، هو اعتناق نسخة من راسمالية السوق الحرة (مؤدلجة) بقوة ضمن وصفة ( العلاج بالصدمة)، ليس لها اي اساس تجريبي. تشير بعض المعلومات والتقارير والابحاث واستطلاعات الراي في اوربا الشرقية والوسطى، ومن تجربة دول الرفاهية ومنها على سبيل المثال الدول الاسكندنافية، لا تعكس غير اهتمام قليل بالأشكال البحتة للراسمالية ، بل الى خيار يتضمن الحماية الاجتماعية. ان تفشي الفساد في سياسات الخصخصة والسوقنة، التي تنفذ في ظل القواعد المعمول بها، قد خلق مقاومة يتطلب اما التسوية الشاملة او القمع؟!. ولتحقيق بديل اخر، قد يظهر نوع جديد من التسوية الاجتماعية يتضمن خليطا مؤسساتيا يختلف عن الراسمالية الاوربية الكلاسيكية، وفي انسجام مع العقلانية الاقتصادية بشكل صحيح، والبيئة الاجتماعية والتنظيمية والقانونية لكل بلد.