|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
صباح قدوري
2014 / 10 / 16
كما هو معروف عبر الدلائل والشهود التاريخية ، بان حكام تركيا لم يوضحوا بشكل جلي نياتهم الصادقة تجاه القضية الكردية بشكل عام ، وخاصة في الدولة التركية.ولم يفكروا يوما ما بشكل جدي ونية حسنة لوضع حلول سلمية لحل المعضلة الكردية في بلدهم، والاعتراف بها كقضية سياسية اجتماعية موضوعية ، يجب حلها بشكل يضمن حق تقريرالمصير للشعب الكردي. الا ان حكام تركيا اصرواعلى العكس من ذلك، وانتهجوا سياسة القهر والاضطهاد والأسلوب العسكري الدموي،وتفعيل وتعميق ازمة المواجهة بين الاكراد المطالبين بحقوقهم المشروعة والتي تبلغ بحدود 15 – 20 مليون يعيش داخل اراضيها ،وتتعامل مع حزب العمال الكردستاني كمنظمة ارهابية غير مؤهلة للمطالبة بالقضية الكردية. بدلا من انتهاج الحوار الحضاري والمصالحة في معالجة هذه القضية.
ان الحكومة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية ورئيسها اردوغان، طرحت في اواخر عام 2012 مايسمى بالحل السلمي والمصالحة مع عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون الى الابد، بشرط انسحاب ومغادرة قيادات وانصار الحزب اراضي تركيا كخطوة اولية للمفاوضات.وحسب تصريح اردوغان لوكالات الانباء في حينه: بان الاكراد لم يلتزموا بهذا الشرط،، لذا استبعد اصدار اي عفو عام عن انصار هذا الحزب،وقال ان تعليم اللغة الكردية في المدارس الحكومية ليس واردا ايضا. ومن جانبه امهل حزب العمال الكردستاني حكومة انقرة بداية شهر ايلول/سبتمبر 2013 ،للمضي قدما في اجراء الاصلاحات الديمقراطية والسياسية والاجتماعية في البلاد، والا ستؤدي الحالة الى فشل المفاوضات ورجوع الحزب الى النضال المسلح، من اجل تحقيق المطالب القومية العادلة للشعب الكردي في تركيا. ولم يتحق اي شئ بذلك لحد الان.
يمارس حكام تركيا السياسة الديماغوجية تجاه القضية الكردية. واتباع اسلوب التشكيك والمرواغة في نيات حزب العمال الكردستاني ، ومحاولة خلق البلبلة والتفرقة في صفوفه وتمزيق وحدته المتينة،من خلال توصيفه للحزب، بانه فصيلين:احدهم يؤمن بالحل السلمي للقضية الكردية ، وبقيادة اوجلان،وتتعاون معه تركيا، والفصيل الآخر متمرد ويمارس اسلوب العنف والحرب من جبال قنديل في كردستان العراق، وهو على لائحة الارهاب لحد اليوم لدى حكام تركيا.اللجوء الى بعض الحلول التكتيكية بين حين واخر ، بقصد تدويل جوهر القضية الكردية ، وخلق نوع من التوتر والخلافات ايضا بين فصائل الحركة التحررية الكردية في كافة اجزاءها.ان اردوغان ومهندس السياسة التركية احمد داود اغلو، صاحب كتاب "تركيا صفر مشاكل"!!!،يدعيان بان علاقة بلدهما ممتازة مع الاكراد في كردستان العراق، لا يعنيان في الحسبان الجانب السياسي والفيدرالية ومستقبل تطورالقضية الكردية في العراق ، بل العلاقة والمنفعة الاقتصادية والاستفادة من الاستثمارات قد تصل في حدود 8 مليار دولار مع الاقليم ،والطمع بنفط كردستان، هي الصفة الغالبة في هذا المجال .وما يشهد على ذلك، هو ،عندما اقدمت ما يسمى" بالدولة الاسلامية" على شن الحرب واحتلال مناطق نفوذ الاكراد في الموصل، وخاصة بعد المجزرة الانسانية الرهيبة في سنجار،على غرار عمليات الانفال سيئة الصيت، وقتل مئات وتهجيرآلآف من ابناء الايزيدين والمسيحيين وغيرهم من ديارهم ، طلبت القيادة الكردية المساعدة من تركيا في وقف زحف تنظيم الدولة الاسلامية نحو اراضي الاقليم، ودحر هجومها الشرس على ابناء المناطق الكردية التي اصبحت منكوبة بعد هجماتها ، الا ان القيادة التركية رفضت ذلك.
تمر المنطقة منذ فترة ولحد الان بموجة من العاصفة والاضطرابات والحرب وزعزعة امنها واستقرارها ، وخاصة بعد توسيع نفوذ مايسمى " بالدولة الاسلامية" في العراق وسورية.بات التدخل التركي واضح للعيان وبقوة في هذا المشهد، كطرف في تنفيذ خارطة الطريق لاعادة تكوين الشرق الاوسط الجديد ، المرسوم لها من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها من الدول الاوربية، وبالتعاون مع الدول الخليجية ، على راسها قطر والمملكة السعودية ، وبدعم قوي من اسرائيل. ان لعبة مايسمى بالدولة الاسلامية ، ليس الا صنيعة هذه الدول الطامعة بالثروة النفطية في المنطقة،وتلعب تركيا سياسة الغطرسة والتدخل السافر في شؤون بلدان المنطقة.وتمارس سياستها الديماغوجية ازاء قضية شعوبها ،وذلك لابراز دورها في القرار السياسي، والحفاظ على مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية فيها.
التدخل التركي المباشر في شؤون اكراد سورية وتهديدهم عبر المنظمات الاسلامية الارهابية ، وفي مقدمتها ما يسمى بتنظيم" الدولة الاسلامية"، والذين قاموا بتنفيذ المجازر والابادة الجماعية بحق ابناء الشعب الكردي مؤخرا، وخاصة في مقاطعة كوباني التي تعتبر اكثرية سكانها من الاكراد. وهي اليوم تصمد أمام هذا التنظيم،وتقدم مقاتلاتها الكرديات وقوات الحماية الشعبية
،اروع ملحمة بطولية لمقاومة وسد ايقاف هجمات تنظيم الدولة الاسلامية الشرسة. YPG
في الوقت الذي نجد فيه بان قوات تركيا تقف مكتوفة الايدي متفرجة على حدود سورية ومشارف مدينة كوباني المناضلة ،وفرض شروطها التعجيزية على ما يسمى بالحلفاء لمحاربة التنظيم، وعلى قيادة قوات الحماية الشعبية، للتدخل وتقديم مساعدتها لمنع سقوط هذه المدينة بيد قوات هذا التنظيم الهمجي المتعاون مع النظام التركي منذ تاسيسه ولحد الان. والشعب في كوباني يقدم تضحيات جسيمة يوميا، من اجل دحر هذا السرطان وحماية الشعب الكردي من شرها، ويستحق مناضلي ومقاتلي هذه المدينة الباسلة كل الاحترام والتضامن والتعاون الاممي لمساعدتها بغية خروجها من هذه الازمة المفتعلة.
دفاع اهالي مقاطعة كوباني الشرفاء عن ادارتها الذاتية ، تحت قيادة قوات حماية الشعب ، وبالتضامن مع كل القوى الديمقراطية الوطنية ، مطالبا بالحرية والكرامة والحقوق القومية المشروعة ، وضمان عيش سليم يتحقق فيه والمنطقة السلام والامان والتقدم والازدهار، والعيش المشترك مع مكونات واطياف الشعب السوري المتعطش للحرية والديمقراطية والمساواة وحياة سعيدة.يستحق نضال الشعب الكردي والشعب السوري، اوسع التضامن والتعاطف معهما من اجل تحقيق طموحات شعبهما وتمجيد ذكرى كل الشهداء والابطال والبطلات، الذين ضحوا بحياتهم الغالية من اجل الوطن والحرية والسعادة.فلترتفع اصوات التضامن ضد البطش المنظمات الاسلامية الارهابية ، وعلى راسها تنظيم "دولة الاسلام" وعصابته .
ان عقد مؤتمر وطني كردي، وبمشاركة جميع الاطراف المعنية ، اصبح اليوم ضرورة عاجلة لجمع شمل وترميم البيت الكردي وتحقيق وحدة الخطاب والموقف السياسي والوطني، والخروج بنتائج ايجابية موحدة لصالح الجميع كي تساعد في بلورة الرؤية الواضحة لوضع استراتيجية شفافة وبرامج عمل مشترك لرسم خارطة طريق للنضال الموحد لفصائل الحركة التحررية الكردية في كافة اجزاء كردستان المقسمة بين الدول في المنطقة،وتكون في مستوى التحديات والظرف الصعبة والمعقدة التي تمر بها المنطقة حيث أن الاكراد جزء مهم منها. ضرورة الاستفادة العقلانية من التجارب السابقة، التي لم تجلب للشعب الكردي غير الاقتتال والدمار والخراب والويلات والتفرقة، كما هو عليه اليوم , حيث اصبح الاكراد اداة وحلقة مركزية لمواجهة الصراع الدائر والارهاب المتفاقم في المنطقة, ويقدمون المزيد من الضحايا البشرية والمادية،على حساب تحقيق المكاسب الحقيقية المتمثلة في حل المسالة الكردية حلا عادلا في المحافل الدولية،والحد من معانات هذا الشعب ، الذي يدافع عن الديمقراطية والحرية والكرامة في تقرير المصير، واختيار العلاقة والارادة الحرة والرغبة في العيش مع شعوب تلك الدول .