تهانينا للإسلاميين !!

عبدالله أبو شرخ
2011 / 6 / 8

أخيراً حقق الإسلاميون من إخوان وسلفيين وجهاديين أحلامهم بتغيير المجتمع من خلال أسلمته من الأسفل، فالناس كلها إلا النذر اليسير ما زالت تعتقد أن الابتعاد عن الدين هو سبب التقهقر الحضاري والانحطاط الذي نشهد. لقد قام الإسلاميون بأكبر عملية كذب وتزوير في التاريخ، فبعضهم ينادي بإقامة دولة الخلافة لكن من دون أن يوضحوا أن دولة الخلافة عبر التاريخ لم تكن دولة عدالة اجتماعية وأن الشورى ليست رديفاً للديمقراطية وأن تاريخ الإسلام كله لم يعرف التداول السلمي للسلطة. لم يعد أحد من الناس يعلم بظهور الفرق والمذاهب والصراعات التناحرية التي قتل فيها الصحابة صحابة آخرين.

لا أحد من شبان وشابات اليوم قد سمع بابن الرواندي ولا بأبي بكر الرازي ولا بفلسفة ابن سينا ولا بشعر أبو العلاء المعري. نعم لنعترف جميعاً أن الإخوان المسلمين والسلفيين لهم قوة وحضور في ما تشهده البلاد من ثورة على الاستبداد والطغيان وأنهم ينادون " مؤقتاً " بالدولة المدنية، وبعد استيلائهم على مقاليد الحكم ينقلبون على أعقابهم ويتنكرون للديمقراطية التي أتت بهم إلى الحكم وما أسهل أن ينقلب الإسلاميون على أعقابهم ويتنكروا لأقوالهم.

ما زال أبو حامد الغزالي يرفع رايته عالية خفاقة ضد العقلانية التي مثلها ابن رشد. لماذا لا نكتب عن الواقع كما هو، فالناس كلها لا تتحدث ولا تتكلم إلا باسم الله وبإذن الله والحمد لله وإن شاء الله والسلام عليكم بدلاً من صباح الخير. هنيئاً للإسلاميين سيطرتهم الطاغية على عامة الناس وخاصة الأميين ( من 50 % إلى 70 % ). ولكن كلمة حق يجب أن تقال. البلاد العربية والإسلامية انحدرت بكم إلى الهاوية، فالعقل الإيماني عقل يحفظ ويجتر ما حفظ لكنه لا ينتقد ولا يبدع. ستنتقل البلاد بكم من استبداد إلى استبداد آخر وستعودون بالمجتمعات قروناً للوراء إن لم نكن قد عدنا وانتهى الأمر.

ألف تهنئة للإسلاميين فقد سيطروا على عقول الشباب بخرافة أن التخلف والضعف سببه البعد عن الدين بينما الأغلب أن العكس هو الصحيح. نشرتم ظاهرة التأسلم الشعبي المعادي للحريات. هنيئاً للإسلاميين الذين غطوا وزورا أفكار علماء الدولة العباسية فأصبحوا من علماء الإسلام رغم أن أغلبهم كانت له مواقف صريحة وواضحة من عالم الغيب ومن الدين.

هنيئا للإسلاميين فقد قتلتم أروع المفكرين أمثال فرج فودة وحسين مروة، وطاردتم القمني ونصر أبو زيد وفؤاد زكريا والبغدادي وغيرهم، فخيم الظلام على العقول. شبابنا لم يسمعوا بالفارابي وجمهوريته الفاضلة في عصور طغت عليها الفوضى وانعدام الأمن.

نعم نبارك للإسلاميين فرضهم للحجاب بتكفير المرأة غير المحجبة. صنعتم من الحجاب والنقاب مشكلة أشغلتم فيها العالم وكأننا بعد تحجيبنا للنساء سنصبح دولة عظمى وسنهدم الفجوة المعرفية مع الغرب، متجاهلين أن الأمم الأخرى مشغولة بالتقدم في الطب والفلك والهندسة الجينية وحل الشفرة الوراثية والزراعة الحديثة والنانو تكنولوجيا. نعم بهذا القدر من التخلف المعرفي والثقافي سنواجه الغرب بغواصاته النووية وصواريخه الموجهة بالليزر والكمبيوتر. نشرتم التخلف والظلام والإرهاب وأرعبتم الأطفال من عذاب القبر ليظل مرعوباً طيلة حياته ويتحول إلى إنسان ممسوخ العقل مسلوب الإرادة لا رجاء فيه لنفسه فكيف للوطن ؟!

هنيئاً لكم هذا الجمهور الإسلامي الهائل الذي يمثل أغلبية الناس فقد أحرقتم كتباً كثيرة منها " في الشعر الجاهلي " للعبقري الفذ طه حسين وحرمتم الناس من التواصل النقدي والعلمي مع الموروث. تهانينا لجماهير الإسلام العظيم وأحدهم يطعن الأديب نجيب محفوظ بسكين في الرقبة بعد فتوى صدرت من معتوه هنا أو هناك وما أكثرهم !

تهانينا القلبية للإسلاميين الذين احتالوا حتى جعلوا من الدين ومقدساته علماً يدرس في المدارس والجامعات بينما أبسط شروط العلم أنه خاضع للشك والتغير والتطور بعكس الدين الذي يحدثنا عن غيبيات ثابتة لا تخضع للتطور ولا للتغير ولا للنقد والتعديل. هنيئاً لكم فقد هزمتم فرقة المعتزلة لكي لا يكون الدين خاضعاً للعقل فظل خاضعاً للنقل وأصبحت أحكام وفتاوى عمرها 1400 عام تتحكم بمصير شعوب يقال زوراً أنهم يعيشون القرن الواحد والعشرين.

هنيئاً للإسلاميين ذبحهم مائتي ألف إنسان في الجزائر من أجل عيون السلطة وهنيئاً لهم قدرتهم على الإخفاء والتضليل والتعمية لدرجة أنه ما من مسيرة ولا اعتصام حدثت في أي مكان لاستنكار ذبح الناس وحتى الأطفال، ربما استناداً على الآية ( ولا يلدوا إلا فاجراً كفارا – سورة نوح ). هنيئاً للإسلاميين والسلفيين تفخيخ مليون وربع عراقي جلهم في حرب طائفية قذرة بين الشيعة والسنة ! هنيئاً لكم تطبيق الشريعة في السودان لكي ينفصل الجنوب عن جنونكم وشعوذاتكم. هنيئاً لكم فقد حرمتم نساء الصومال من ارتداء السوتيان بدعوى أنه يغش الشباب فيما يتعلق بحجم الأثداء !

تهانينا الخالصة للإسلاميين على الفتاوى الغريبة والعجيبة آخرها فتوى الكويتية سلوى المطيري التي تبيح شراء جواري لتطبيق آيات ملك اليمين عليهن بعدما تخلصت البشرية من الرق والعبودية. الناس في الدول المتقدمة تشغلها بحوث مقاومة السرطان والأمراض الفتاكة أما نحن فقد ابتلينا بمن يغرق الناس في الكلام الفارغ والجدل العقيم. العالم المتقدم مشغول بمحطة فضاء دولية ونحن مشغولون بكيفية دخول الحمام وفقه الحيض والنفاس وكيفية رضاع الكبير وهل يجوز وطأ جثة الزوجة الميتة أم لا يجوز !

أخيراً وليس آخراً، نقول للإسلاميين، تهانينا انتصاركم على المثقفين والمفكرين، ولكنها كلمة نسجلها، لقد ورثتم الأرض العربية وشعوبها فأصبحت جدباء لا روح فيها ولا حياة ولا عقول ناقدة ومبدعة. ورثتموها فجعلتم منها صحراء قاحلة بلا فن أو نحت ولا موسيقى ولا غناء ولا مسرح ولا شعر ولا ترفيه ولا صناعة ولا زراعة وحولتم جميع شعوبنا إلى متسولين على أبواب صندوق النقد الدولي وما jتجود به الدول العظمى لكي نراكم مزيداً من الديون فوق الديون القديمة وبذلك أجهزتم على إمكانيات النماء الاقتصادي.
ألا يحق لنا بعد كل هذا أن نهنيء الإسلاميين على انتصاراتهم المجيدة ضد الحضارة والتنوير والحداثة ؟!
دمتم بخير

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي