*من وجدانيات فلسفة الإفلاس المُطلق: -مُحاكاة الموت-

لخضر خلفاوي
2025 / 6 / 2

(...أن تفقد القدرة على تقبّل وجه من أوجه إفلاسكَ المتكرّر أو استيعاب الموقف الصادمة من يومياتك لم تضعه في حسبانكَ و لا يخطر على بالك أبدا بعدما كنت تتوخى الحد الأدنى لصدق و وفاء صاحبه ، أن تفقد الأمل في الخير بالشكل اللاتراجعي في النّاس، و الأصعب و الأنكى من هذه المواقف التي تشرخُ لك قلبك و تفطره؛ مواقف تشرح لكَ بكل بشاعة خراب القيم و العالم معا.. لما تمضي يومياتك كلها تنظر يمينا و شمالا و قعودا و قياما متوقعاً بهلع كبير "طعنة" في الصدر، أو في الظهر أو في الجنب.. أو طعنة بالغيب، يحاربكَ "الخراب" المؤنسن مُحاولا ترصّد حميمية أنفاسك، و يلاحقكَ في عقر صميم وجودك ما كنتَ تعتقد أنها (دارك!)، دار الدنيا ، يلاحقكَ خراب الأنفس المُتثعلبة أو المستأذبة في أدقّ تفاصيلك و أنتَ جئتَ إليها فاتحا ذراعيكَ لاحتضانها طالبا منها فقط الأمان و اللجوء، في حين تتربص بكَ، تتلصّص عليك، و عند أوّل طرفة عين و أوّل عشر مئوي لغفلتكَ يمدّ الشيطان الكاره للسُّجود لكَ يدهُ-متطاولا- على حرمة جيوبك الخاصة و يفتّشها، يتجسّسُ أغراضكَ، يبحث عن أدواتٍ إضافية علّهُ يجدُ هو أيضاً ما يضربكَ به و يضرّك و ليقهركَ أكثر أو يستذلّ مواقف عدالتك و أنتَ تجهل تماما حجم الدمار الذي ستلحقه بكَ هذه النوايا علاوة على مخلفات الخيانات السابقة التي وجدتها في كمين "الحياة!"... لدرجة أنّهُ تتلبّسكَ أهدافهم اللعينة و تجد نفسكَ مُقتنعاً بفكرة اللامواصلة ، تشتهي الموت وتتمنّاه، تستبدّ بكَ الرغبة في اللاعيش، بعد انتفاء جدوى الحياة وسط هذه الغابة الماكيافيلية البشرية .. تشعُر أنّك دخلت بالخطأ حقلا للألغام و في ذات التورّط المشؤوم تدرك أنّك صرت هدفا لفيالق من قناصة محترفين لا يرحمون و لا يخطؤون أهدافهم ..تقتنع أنه من الأجدر عدم انتظار الساعة و عدم الخوف من ملاك الموت، تنظر إلى أعمال المخادعين و المُستأذبين فتبدو لكَ بوضوح كبير أنّها قبيحة جدا في المُقابل يبدو جميلا وجه الموت الذي كرهناه دون أن نراه ، لم ندري أننا كرهنا (الحقّ) ! تراهُ بمثابة المخلّص من ورطة الحياة الضيزى هذه.. كأن تستعجلَ الساعة و كأن يُتاح لكَ تغيير توقيت السّكرات و توقيت (الرُّجعَى) إلى الخالق؛ كأن يُتاح لكَ القرار السيادي باعتبارك خليفة الله في الأرض و كأن تُعجّل الرحيل من هذا العالم الجاهل ، الجاحد القَذر دون أن تبرّر شيئا لهم من بعدك، أن تستسلم بمحض إرادتك و أن تترك روحكَ الذبيحة تحيض على مهل السكرات! أن تدع التبرير للشرّار الشِّرّير من الذئاب اللئام؛ فهم الذين يبررون -آلياً - و سلوكيا كل الأخطاء و كل الخطايا، و كل المظالم و لا يعتذرون لأحد أبدا عزّة بلؤمهم و بطقوس آثامهم التي جبلوا عليها .. إنّ (المُتفاسدون مع أنفسهم) هم أنفسهم المتصالحون مع الشيطان، المُتشدّقون في نواديهم و مجموعاتهم على مسارح الجريمة المُحكمة و فضاءاتها! لا تحمل همّهم بعد ذلكَ، عليكَ أن ترتاح بإرادتكَ، فقط قدّم لله عند وصولك إليه صحيفتك، شكواكَ و مبرراتك و أعذارك و قُلْ لجلاله: أنتَ أعلمُ بما جرى لي يا ربّ و أعلم بالذي حاكوه ضدي لؤما و ظلماً و هدرا بروحي و نفسي و إنّي تعبتُ من دار الدنيا العفنة بالفاسدين ، الكاذبين و إنّي تعبتُ من أطنان العثرات التي -كانت - لا يجب أن تكون لو لم يقعدوا سبيلي و آمنتُ لسذاجتي و طيبتي بالمزيفين من أولياء الشيطان و زبانية أبناء البَ-شرّ! .. يا ربّ تعبتُ منهم و تعبتُ منّي و إنّ الوقوف بين يديكَ هو أريح لي و هو الحل الأنسب، و الخيار الأخير و الأعدل لإنهاء مهزلة العبث في تعذيبي بهم دنيويا.. تعبتُ يا ربّ و اختصار النهاية و التعجيل في الوقوف أمامكَ كربّ و النظر إلى وجهكَ الكريم خيرٌ لي من الاستمرار في هذه اللعبة القذرة؛ كالانتظار داخل زنزانة الدنيا و كائناتك البشرية معظمها استحالت كمائنا لا تنام إلا إذا نالت مُستهدفيها ؛ فاقضِ فِيَ ما أنتَ قاضٍ يا أرحم الرّاحمين.. إن شئتَ عذّبتني أو جعلتني تراباً أو أدخلتني رحمتكَ و أنتَ أوسعَ منها..ربّ اغفر لي خطية نفاذ صبري و قلة حيلتي و كرهي للحياة!...)
-27 ماي 2025
*/الجزائر
*(ليلتها، عندما كانت باريس تحتفل بنيلها لكأس الأندية البطلة كنتُ أنا أسير على ممرّي المفضّل، "مسلك الثعالب" المعتاد.. كنتُ عائد إلى "لا داري"، إلى (لا أغراضي الخاصة) ،إلى (لا أشيائي الغالية)، كزائر مغضوب عليه من قبل أبناء الشيطان وسط أهازيج المشجعين للانتصار، تفصل جنوبي بشمالي الذي عدتُ إليه ساعة لعينة! حتّى "محمولي" بقي متأخّرا بساعة و أنا الذي ينتظر الساعة الأخرى لضبط رزنامة استئناف إدارة حروبي الشرسة اللاعادلة المفروضة عليّ مع أبناء صُلبي العاقّ و أمّ شرورهم و عقوقهم؛ حيث لا يمكن لي ذلك حتّى يُشرَّحُ محمولي اللعين بشريحة فرنسية.. و كان حينها-على إيقاع و صخب آلام دماغي المُعتلّ و قلبي المفطور- يستعصي علي عدّ أنفاسي و عدّ كلّ خساراتي و فهم ملامح كارثة أو تداعيات الفخ الكبير الذي نُصِّب لي أو نصبتهُ أنا لنفسي في لحظة غفلة و قلة حيلة.. كم من قَتْلَةٍ أو مَوْتة تلزمهم لقتلي لتفرح شياطينهم بما فعلوا و تطرب أنفسهم المريضة؟! كنتُ أتساءل ذات سَكْرةٍ عنيفة غاشمة: أفهمتَ يا الله لماذا صرت أُحبّ الموت و أرصُدُها؟ إنّنا "نحنُ أصحاب القسمة و الحظوظ الضيزى" نحبّ الموت لَمّا نُقرّ بكُرهِ الحياة لوجودنا مع سبق الإصرار و الترصُّد...)*1
-*1) 31 ماي 2025 / باريس الكبرى جنويا/فرنسا.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي