الملائكة تقاتل !!!

عبدالله عطوي الطوالبة
2025 / 5 / 21

قرأت قبل يومين مقالًا في صحيفة أردنية، قدح في رأسي شرارة الإضاءة على هذا الموضوع. وهو على أية حال وثيق التعالق بأنماط تفكير وَقَرَت في الأذهان، تمتح من بعض مصادر المنظومة المرجعية للوعي الجمعي السائد في مجتمعاتنا. لا يخلو موروثنا من نصوص عن مشاركة الملائكة في معركتي بدر وأحد، على سبيل المثال لا الحصر، ويمكن العودة إلى ما قيل بهذا الشأن بسهولة. وما يزال هذا النمط من التفكير فاعلًا في حاضرنا، حيث شهدنا فشو تمظهراته خلال العدوان الثلاثيني على العراق سنة 1991.
وكان من أساليب رجال الدين في حشد شبابنا لمقاتلة القوات السوفييتية في أفغانستان بدءًا من عام 1979، بينما القدس على مرمى طلقة مسدس، الترويج لقصص مشاركة الملائكة في المعارك ضد "الملحدين الكفَرَة". والحقيقة أن حشد شبابنا آنذاك للموت في المعارك الغَلط، فيما الأقصى يستنجد ويستغيث تحت الإحتلال الصهيوني، أثار علامات استفهام مُحِقَّة، بعضها انجلت الحقيقة بشأنه، وبعض منها ما يزال يكتنفه الإلغاز ويلفه الغموض. وليس يفوتنا التذكير بأن الحشد كان بتمويل عرباني طبعًا، وتسليح أميركي بقيادة السي آي أي.
طَيِّب، إذا الملائكة تشارك في القتال لصالحنا، فأين هي من العدوان الصهيوأميركي الإجرامي البشع على غزة؟!!!
وإذا الملائكة مُدربة على صنوف القتال في كل زمان وأوان، لماذا لم تفزع لنبي الإسلام في معركة أحد، حيث هُزم المسلمون بقيادته، وقد أصيب هو نفسه بجروح بالغة وكاد يحصل معه أكثر من ذلك؟!!!
يجزم كاتب هذه السطور على مسؤوليته أن لا أساس لهذه الخرافة، وأن الملائكة لم ولن تحارب مع أحد. وكل ما قيل بهذا الخصوص، إن هو إلا تبديات خيال بشر في لحظات ضعف وعجز. أضف إلى ذلك، فإنه مرتبط بسياقات أزمنة غَبَرَت سادت خلالها أنماط تفكير بدائية.
لا ريب أن أميركا واسرائيلها، أول المستفيدين من زرع أوهام من هذا النوع في رؤوس شبابنا، يضاف إليهما كل من له مصلحة في تخلفنا وضعفنا. ولنا أن نتصور حجم العطب الذي تحدثه في التفكير، خاصة وأنها تُقدَّم ممهورة بختم المقدس ومصحوبة بوعد الفوز بالجنة والتقلب في أحضان الحوريات. فما دامت الملائكة تشارك في حروبنا، فإنها ستحسمها في يوم لا شك قادم تحدده هي، وتريحنا من العدو الغاصب المحتل وما علينا سوى انتظاره والتفرغ لعباداتنا. وبالتالي، لا داعي للإستعداد والكد والتعب والبحث لامتلاك عناصر القوة !
نتزيد فنقول في السياق ذاته أيضًا، أن مروجي هذا الصنف من أفيون العقول يرومون تحقيق أهداف عدة، نستحضر ثلاثة منها ليس بينها هدف واحد برئ نظيف.
الهدف الأول: اختراع وَهْم يغطي الهروب من مواجهة الحقيقة المتعلقة بأسباب الهزائم، والعجز عن مجاراة الأمم المتقدمة في العلم والتكنولوجيا.
الهدف الثاني: أكل حلاوة برؤوس الشباب المغرر بهم، ليقبلوا عن طيب خاطر أن يكونوا حطب حريق لا شأن لهم به، بإسم الدفاع عن الدين. هم يموتون، وغيرهم قبض الثمن على ظهورهم من أصحاب المصلحة في حشد "المتطوعين" لخوض حروبهم بالوكالة !
الهدف الثالث: إيهام الناس في سياق سُبل السيطرة عليهم، بأن السماء لنا وحدنا بدليل أنها لا تتردد- سبحان الله- في إرسال الملائكة لنجدتنا.
للأسف الأسيف، ثمة موقنون بهذا الضرب من الخزعبلات في مجتمعاتنا، بكل ما يترتب على ذلك من زرع الأوهام في الرؤوس وتشويه التفكير وتزييف الوعي.
بعقولها تتقدم الأمم، وبالعلم والمعرفة تنهض وترتقي، بعد امتلاك الإرادة الواعية والاستعداد للبحث والتعب من أجل امتلاك عناصر القوة. هذا هو طريق التقدم والقوة، ولا طريق سواه.
ونختم بسؤال: لماذا تتجنب الملائكة المشاركة بأي حرب ضد أميركا وإسرائيل بالذات، لكنها لا تتوانى عن الفزعة بسرعة البرق ضد كل من يقف في مواجهتهما ويرفض سياساتهما العدوانية؟!!!

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي