يريدون عراقا مقطوع الراس

محمد رضا عباس
2025 / 3 / 23

العراق ليس تسعة محافظات كما يريده رئيس كتلة حقوق في البرلمان العراقي وانما ثمانية عشر محافظة . البلد يحده من الشمال تركيا ومن جنوبه المملكة السعودية والكويت ومن شرقه ايران وغربه الأردن وسوريا . هذا هو العراق بعربه واكراده وبشيعته وسنته , وان هذه الأرض التي احبها النبي إبراهيم وناخت راحلة نبي أيوب على ارضه ليس ملك السيد النائب حتى يتصرف به كما يرغب ويريد .
السياسي , يستطع التلاعب بالتاريخ ولكن لا يمكنه التلاعب بالجغرافية , فحدود العراق معروفة منذ قديم الزمان , ولا يستطع سياسي لم تعجبه الخارطة الحالية ان يقسمها وفق قياساته ليقول ان العراق يتكون من تسع محافظات جنوبية ! ما مصير محافظات الوسط والشمال يا حضرت النائب؟ ما مصير نينوى والرمادي وصلاح الدين وكركوك واربيل ودهوك والسليمانية ؟ هل اكلهم القط ؟ ام ملك ابوك حتى تتبرع بهم ؟
الراحل السيد عبد العزيز الحكيم اقترح فيدرالية , وليس دولة , للمحافظات الجنوبية , فكان رد الفعل الشيعي لهذا المشروع هو الرفض السريع والقوي من اعلى الشخصيات الدينية والسياسية في البلاد .
مشكلة النائب على ما يبدو لا يقرا . هل يعلم ما هي تبعات اعلان الجنوب العراقي دولة مستقلة على المنطقة برمتها ؟ ولماذا هذا التوقيت ؟ ولماذا يحتاج سكان الجنوب دولة لهم ؟ النظام الجديد ساوى بين جميع مكونات الشعب ولم تبقى مجموعة سكانية مهمشة مثل ما كانت قبل تغيير 2003. مشروع السيد الحكيم رفض والعراق كان في وسط حرب أهلية طائفية طاحنة , فكيف الان , والعراق والحمد لله يعيش في حالة استقرار امني وسياسي؟
البغدادي تعود على شرب لبن أربيل , واكل كبة الموصل , وكباب الفلوجة , ومطبك سمك الناصرية , وحلاة البصرة . هل يعلم السيد النائب كم ضحى أبناء المكون الشيعي من اجل وحدة البلاد ؟ هل قراء اخبار ثورة العشرين وعن قادتها وعن أهدافها ؟ هل يعلم ان المكون الشيعي كان باستطاعته تشكيل دولة سومر في الجنوب خلال السنوات الأخيرة من نظام حزب البعث ,لكنهم فضلوا الوحدة على التقسيم على الرغم من عمق جراحاتهم التي تلقوها من النظام البعثي ؟ انهم فضلوا السياط على الاستقلال . الا يعلم حضرت النائب ان أبناء الفرات الأوسط من دافع عن الموصل والرمادي وصلاح الدين ضد تنظيم داعش , واغلبهم لا يملكون متر مربع من ارض العراق؟
الأمم تتجمع حتى وان اختلفت بالدين واللغة و القومية , لأنها عرفت ان القوة بالاتحاد والضعف بالانفراد , وحضرت النائب يريد ان يسلخ الجنوب العراقي من وطنه . البعض فسر تحرك النائب هو خوفه من " اضعاف حاكمية الشيعة" , ولكن الشيعة ليس وحدهم من يحكم العراق . فلماذا هذا الخوف ؟ العراق تحكمه ثلاث سلطات مستقلة على راس كل واحدة منها شخص من مكون عراقي , أي ان جميع مكونات العراقية مشاركة في إدارة الدولة . واذا كانت السلطة التنفيذية الان بيد شخصية من المكون الشيعي , فان هذا المنصب قد يتحول في الانتخابات القادمة الى شخصية غير شيعية . في النظام الديمقراطي لا يوجد سياسي يبقى في الحكم حتى الموت.
البعض الاخر يفسر هذه الفقاعة (استقلال الشيعة) من اجل الديمومة حكم الشيعة للشيعة ضمن " الحاكمية الشيعية" على فرض ان المحافظات التسعة اغلب سكانها من المكون الشيعي و لا احد من غير الشيعة سيربح منصب القيادة فيها من غير الشيعة , ولكن السؤال ما هي الضمانات التي تسمح للجنوب العراقي بإعلان استقلاله ؟ وهل سيعيش هذا البلد الجديد بسلام مع جيرانه ؟
اعتقد ان تفسير حديث السيد نوري كامل المالكي رئيس وزراء العراق الأسبق فسر في غير محله عندما قال في رد على مطلب تأسيس إقليم سني , فكان جوابه هو " وفي هذه الحالة سوف ينحرموا من نفط الجنوب". نفط الجنوب لكل العراقيين مثل نفط إقليم كردستان لكل العراقيين , وان من حق الإقليم السني ان يشارك بقية العراقيين بثروة البلاد اذا أسس هذا الإقليم بالطرق القانونية . الانفصال غير القانوني هو اعلان حرب على المركز ولابد من حرمانه من جميع خيرات البلد.
لقد اريد من تحريف تصريح السيد نوري المالكي من موضعه ليعطي صورة بان المكون الشيعي لا يريد الانصياع للأمر الواقع الذي احل بالمنطقة بعد انهيار حزب الله و نظام بشار الأسد , وان الشيعة مصرون على عدم عزل ايران من المنطقة وانهم يريدون ان يكونوا جزء من سياسة ايران اتجاه الكيان الصهيوني , الامر الذي يرفضه المكون الكردي والسني في العراق.
ولكن مرة أخرى , اعتقد ان خبر استقلال شيعة العراق هو خبر مفبرك من اوله الى أخره , وان من عمل على هذا الخبر يعرف ما يريد , وهو خلق شرخ في العلاقات بين المكون الشيعي في العراق والدول المجاورة له . اذا أراد الشيعة تأسيس دولتهم سوف لن يسموها "دولة العراق الشيعية " , وانما "سومر" من اسم الحضارة السومرية , و الشيعة سوف لن يحلوا كلمة " علي ولي الله" بدلا من " الله اكبر" في وسط العلم الحالي , ولكن انا مع حذفها فهي تذكرنا بتاريخ عراقي غير جميل .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي