![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
عادل احمد
2024 / 11 / 11
وأخيرا فاز دونالد ترامب والحزب الجمهوري في الانتخابات الامريكية، فاز ترامب، ورغم كل ما حصل، لم يغيب على بال أحد تاريخ هذا الرجل المليء بالعنصرية وتوجهاته المناهضة للمرأة والمهاجرين والمناهض لحقوق العمال والكادحين والمناهض للإنسانية. ولكن فوزه جاء نتيجة السخط والاستياء الشعبي والجماهيري من السياسات الرجعية والعدوانية للديمقراطيين وجو بايدن والتخلص منه. وفترة ادارته لم تكن سوى اشعال الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط وخلق الازمات في الشرق اسيا مع الصين وارتفاع نسبة التضخم والغلاء وتدني مستوى معيشة المواطنين في أمريكا يوم بعد يوم، مع غياب أي رؤية وافاق واضحة لتحسين الاقتصاد البلاد. ان الانتخابات الامريكية جاءت متزامنة مع انعقاد منتدى " فالداي" الروسي والذي عرض فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ملامح الأسس التي يراد ان يقوم عليها النظام العالمي الجديد. هناك ربط بين الموضوعين.
ان الازمة السياسية التي وقعت فيها الطبقة البرجوازية في الغرب عموما وامريكا خصوصا تكمن في افول شمس الليبرالية الغربية تدريجيا وفقدان هيمنتها يوم بعد يوم على الاسواق العالمية نتيجة بروز وصعود اقتصادات منافسة في روسيا والصين وبعض بلدان ما يسمى بالدول الجنوب. وان هذا الانهيار التدريجي في الاقتصادات الدول الغربية يكمن في عدم استجابتها على المتطلبات العالمية لحركة الرأسمال العالمي وعملية تراكم الربح المطلق لعملية النمو الاقتصاد الرأسمالي نتيجة تطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وانشاء مراكز صناعية عالمية خارج الغرب الليبرالي. ان العالم الحالي والذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية والذي كان يضمن مصالح الدول المنتصرة، الغرب والاتحاد السوفيتي وصلت الى شيخوختها وانبثقت قوة عالمية جديدة لا تقبل بنطاق النظام العالمي القديم وتحتاج النظام الرأسمالي الى صيغة نظام جديدة بما يلائم مع متطلبات مصالح بقية الدول الصاعدة. وان انشاء نظام جديد تصاحبه أشرس المقاومة من قبل حراس النظام الحالي بقيادة أمريكا لإبقاء هيمنتها وهذا ما أدى الى عدم استقرار العالم نتيجة هذا الصراع. ان الحرب الروسية الأوكرانية والإسرائيلية في الشرق الأوسط يمكن رؤيتها من هذه الزاوية.
ان الديمقراطيين في أمريكا كان ولايزال هاجسهم هو الهيمنة السياسية والاقتصادية لأمريكا على العالم وبالأخص على الغرب الليبرالي عن طريق تنشيط دور الحلف الشمال الأطلسي وعملية التسليح والفضاء العسكرتارية في جميع انحاء العالم. وان هذه العملية تتطلب الزيادة في الانفاق العسكري والانخراط أكثر في الصراعات السياسية الإقليمية والدولية، وان الزيادة في الانفاق العسكري يعني تقليص في النفقات العامة للخدمات الاجتماعية وعن طريق ضغط ارباب العمل وأصحاب الشركات على العمال وتقليص فرص العمل وزيادة في البطالة وتشديد العمل من اجل النمو في ارباح الرأسماليين. ان أربعة سنوات من حكم الديمقراطيين لم يجلب سوى الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار والتضخم المفرط وفوق كل هذا لم تستطع الرأسمالية ان تحصد النمو الاقتصادي وفاقمت الأوضاع أكثر وفي النهاية أدى الى خسارة حاكميته في الانتخابات الأخيرة.
ان أحدى الاسباب الاخرى لخسارة الديمقراطيين في الانتخابات هو السخط والاحتجاج على السياسات الحزب الديمقراطي الحاكم حول الحرب في الشرق الأوسط. ان الدفاع المستميت لأمريكا على جرائم إسرائيل في غزة ولبنان وتسليح إسرائيل بكافة الصواريخ والقنابل الفتاكة لقتل المدنيين الأبرياء وتمهيد الطريق العلني والصريح لإسرائيل من اجل ابادة الفلسطينيين وقطع كل الطريق التي تؤدي الى التنديد بإسرائيل في المحافل الدولية. ان الاحتجاجات في أمريكا خلال العام الماضي والى يومنا الحالي في الجامعات والشوارع المدن في جميع الولايات الامريكية على السياسات الامريكية والإسرائيلية، أعطت الفرصة الى القاء اللوم على الحزب الديمقراطي لعدم المحاولة في إيقاف بربرية إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وفي لبنان.
ان صعود الجمهوريين في الانتخابات لا يجلب شيئا جديدا الى الأوضاع المحلية لأمريكا وللعالم، لا من الناحية السياسية ولا من الناحية الاقتصادية وانما يفاقم أكثر وأكثر وخاصة في ظل محاولة دونالد ترامب والحزب الجمهوري توسيع نطاق الحرب التجارية مع الصين واحتمالية الحرب الامريكية في تايوان مع الصين وكذلك الحرب الجمركية مع أوروبا. ان كل هذه السياسات للجمهوريين لا تؤدي فقط الى سوء الأوضاع والمعيشة والغلاء والتضخم وانما تجلب الأوضاع المأساوية أكثر للشعب الأمريكي وخاصة للطبقة العاملة الامريكية.
ان الأسس التي تحدث عنها فلاديمير بوتين حول النظام العالم الجديد في منتدى فالداي هي في الحقيقة انشاء عالم تعدد الأقطاب سيكون ملامح هذا القطب مختلفا والنظام الذي هي في طور النشؤ سيجمع في احشائه عناصر التوازن الجديد في القوى المؤثرة على تحديد المسار العالمي من جانب الطبقة البرجوازية. ولكن المسار الحقيقي لتحديد مسار المستقبل في توازن القوى هو مسار النضال الطبقي في المجتمع. ان البرجوازية بشكلها الليبرالي او في شكلها وهي في طور التكوين الجديد، سيكون عائقا امام تطور المجتمع البشري، والحل النهائي لا يأتي الا عن طريق إزالة جميع اشكال السلطة للطبقة البرجوازية.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |
إشترك في تقييم هذاالموضوع تنويه ! نتيجة التصويت غير دقيقة وتعبر عن رأى المشاركين فيه |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
جيد جدا
![]() |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
النتيجة : 78% | شارك في التصويت : 4 |