حرب النكبة

خليل قانصوه
2023 / 11 / 17

من الصعب في الأسبوع السادس على اندلاع الحرب التي تشنها الدولة الصهيونية منذ السابع من أكتوبر 2023 على قطاع غزة , أن يتنبأ المتابع لمسارها ، بالمدة التي ستستغرقها ، استنادا إلى أننا على الأرجح حيال سيرورة الغاية منها الوصول إلى أهداف في شبه جزيرة سيناء ، الأمر الذي يمثل استفزازا لمصر و إطاحة باتفاقيات كمب دافيد 1978 . يمكننا القول في هذا السياق أن هذه الحرب قد تتمدد أيضا لتشمل الأردن و سوريا و لبنان ، و بالتالي لن تتوقف إلا عندما يقتنع المبادرون اليها باستحالة بلوغ ما يصبون إليه نتيجة عدم قدرتهم على تحمل تبعات مواجهة القوات المدافعة من أجل اسكات الأخيرة و تصفيتها هذا من ناحية . أما من ناحية ثانية فأن استثارة مصر ، الأردن و سوريا ، و لبنان و العراق من شأنه أن يعود بنا إلى ما قبل حرب 1973 ، و ربما إلى ما قبل حرب 1967 ، هذا يعني في الظروف الراهنة ، اتساعا لساحة الحرب لتشمل الإقليم كله ، و مشاركة مباشرة ، لقوى دولية خصوصا دول المعسكر الغربي التي سارعت لحشد أساطيلها الحربية في شرق المتوسط و لرفع درجة التأهب في قواعدها المنتشرة في جميع ارجاء المنطقة لا سيما في شبه جزيرة العرب ، في دول الخليج العربية .
نضع هذه التوطئة ، تمهيدا لمقاربة هذا الموضوع المتشعب بدءا من الحالة الفلسطينية وتحديدا التذكير بالنقاط التي يجعل المشروع الاستيطاني الصهيوني غير مستقر بذاته ما يضطر إسرائيل لأن تكون مرتبطة عضويا بالمعسكر الغربي ، المسؤول الأول عن صياغته و العمل على تنفيذه :
ـ لا شك في أن هذا المشروع الاستيطاني في فلسطين ، حقق للمعسكر الغربي فوائد كثيرة أهمها على الإطلاق إفشال الدولة الوطنية العربية ، بوجه عام .و لكنه دخل في سنوات 1970 في أزمة سكانية تتمثل بتعداد السكان الفلسطينيين ، العرب غير اليهود (7.3 مليونا ) الذي يتجاوز تعداد مجموع السكان اليهود ، العرب و الأوربيين ( 6.9 مليونا ) ، الأمر الذي أسقط الأقنعة التي غلفت سياسة التمييز العنصري المتبعة من قبل الدولة الإسرائيلية .
ـ كان " للانتصارات " التي أنجزتها دول المعسكر الغربي توازيا مع تفكك الإتحاد السوفياتي ،فعل الحماسة و الاعتداد لدى قادة الدول الغربية و منها إسرائيل ، مما حدا ببعضها إلى محاولة فرض نوع من التراتبية على مستوى العالم و بسط سلطتها على جيرانها ، حيث تولى حكام إسرائيل ترجمة ذلك ، في الشرق الأوسط ، فحققوا في هذا الصدد خطوات هائلة في إخضاع حكومات عربية ، و في تخريب دول عربية أخرى طمعا في ترابها الوطني و في ثرواتها . و في هذا السياق استطاع هؤلاء الحكام اجتذاب أعداد كبيرة من المستوطنين من أوروبا و الولايات المتحدة الأميركية عموما و من روسيا خصوصا ، في أطار برنامج استيطاني و اسع في الضفة الغربية .
ـ بالرغم من هذا كله بقيت المسألة السكانية شوكة عالقة في حلق القيادة الصهيونية ،ولكن الأمل كبير في اعتقادها ، بمعالجتها ، لا سيما أن ميزان القوى بينها و بين الدول في البلدان المجاورة لفلسطين ، يكاد أن يكون مشابها لما كان عليه في ظل الانتداب البريطاني (1916 ـ 1947 ) الذي حمل وعد بلفور (1917)، و خلق ظروفا ملائمة لوضع ركائز دعائم تحقيقه . ومن المعروف أن ذلك أقتضى ،استنادا لأرشيف الحركة الصهيونية نفسها الذي عاينه مؤرخون إسرائيليون ، ترحيل نصف سكان فلسطين العرب في سنوات 1940 ـ 1948 ، بواسطة أعمال إرهابية تمثلت بمجازر ، و اغتيالات ، و مداهمات ليلية ، و اعتقالات و إعدامات شنقا و بمنع كافة الحركات و المنظمات الوطنية ، وتفجير عبوات ناسفة في أماكن التجمع و الأسواق . نجم عنه أن من بقي في فلسطين من سكانها الأصليين ، صار لاجئا ، ثم مواطنا إسرائيليا من درجة ثانية . تحسن الملاحة هنا ، أن هذا كله يجري في مدن الضفة الغربية منذ ما بعد اتفاقية أوسلو . ( يتبع )

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي