عن الدين و الدولة

خليل قانصوه
2023 / 5 / 9

لا نظن أن بإمكان المراقب أو الباحث أو ببساطة ، المواطن العادي في قطر من الأقطار المعروفة بالعربية تحديدا ، أن يتفهم الأوضاع السائدة في بلاده دون التفكر في مسألة سلطة الحكم في الدولة و القواسم المشتركة بينها من جهة و بين السلطة الدينية من جهة ثانية ، أو بحسب المصطلح المتداول في العقود الأخيرة ، الدين السياسي . بكلام أكثر و ضوحا و صراحة ، لا مفر في الظروف الصعبة التي تمر بها الأقطار المذكورة من التساؤل عن دور الدين السياسي المتنامي في إنتاج سلطة على رأس الدولة ، ضعيفة منحرفة ، أكثر فأكثر ، بحيث يمكننا نعتها بالدولة غير الوطنية و بشبه الدولة !
إذا كان هذا التساؤل مبررا ، فإن العودة إلى جوهر الدين و إدراك روحيته تضعاننا امام معطى موضوعي فحواه أن الدين يمنح المؤمن سلطة على نفسه فقط و ليس على غيره . ينبني عليه أن لا سلطة لرجل الدين على أحد ، فردا أو جماعة ، و إنما يقتصر دوره على نصح و مشورة الفرد الذي يثق به و يلجأ إليه مختارا ، في تفسير المعتقد الديني .
من البديهي أن الواقع مختلف كليا عن ذلك . و لاجدال في أن بعض رجال الدين ، يشاركون في الحكم أو أنهم يمارسون أنشطة سياسية على رأس جماعات و أحزاب ، متوسلين بمفاهيم مبتدعة للدين . تحسن الإشارة إلى ان الإشكال لا يكمن هنا في شرعية الدعوة السياسية التي تنشرها الجماعة أو الحزب ، و لكنه في إضفاء الصفة الدينية ،أي الإجبارية بعد استبدال القناعة بالطاعة ، على المواقف و الإتجاهات و الصفقات بين جماعة الدين السياسي من جهة و بين سلطة الدولة من جهة ثانية ، او بينهاو بين سلطة دولة أجنبية للضغط على السلطة الوطنية أو لإسقاطها و الحلول مكانها . مجمل القول أن جماعة الدين السياسي تدعي دائما أحقيتها بالشرعية المطلقة ، و هذا أمر منطقي تواصلا مع زعمها الإنطلاق من العقيدة الدينية الذي لا يقبل الشك أو النقاش ، فإن تحالفت مع السلطة ، صار الرئيس مؤمنا و إن اختلفت معها ، كفرت هذا الأخير و استدعت شياطين الارض و السماء من أجل سحله أو إعدامه .
اسنادا إليه لا حرج في القول أن الجماعات و التكتلات الدينية السياسية وهي في الواقع شكل من اشكال الطائفية السياسية التي تتوسل العصبية الدينية و العشائرية ، لانتاج رئيسها ولدعم مواقف هذا الأخير و تصرفاته في الحصول على غنائم له و لرعيته . هي مضادة بالمطلق للدولة الوطنية .
يحسن التذكير في الختام أن تجارب المجتمعات الأوروبية وأميركا ،أثبتت تاريخيا ، أن فصل الدين عن السياسة ، ضروررة إلزامية ، لتنشئة مواطن المجتمع العيش المشترك ، في المدرسة الرسمية وتحت رعاية المشتشفى الحكومي . هذا الدرس تعلمه مصطفى كمال و حاول تطبيقه في تركيا ، فشتان بالمناسبة ،ما بين الدولة الوطنية التركية من جهة و الدولة العربية المشرفية من جهة ثانية . التاريح بعلمنا ،تكون الدولة علمانية و طنية أو لا تكون .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي