الجانب االسلبي لارتفاع اسعار الفائدة على الاقتصاد العالمي

محمد رضا عباس
2022 / 9 / 20

من العادة استخدام سعر الفائدة في اطفاء نيران الاسعار (التضخم المالي ). زيادة سعر الفائدة تمنع الشركات والافراد الاقتراض من البنوك التجارية , مما يؤدي الى تأجيل المشتريات او الغائها , ركود السوق , تراجع في الانتاج والذي يسمى عند الاقتصاديين ركود اقتصادي او (ٌRecession). البنك الدولي حذر الدول الصناعية من استخدام سعر فائدة وحدها كسلاح في محاربة التضخم المالي لكون ان هذه السياسة تؤدي الى تقلص المستوى المعاشي لمواطنيها و قد تدمر اقتصاديات دول ناشئة . ما سبب هذا التحذير ؟
التحذير يعود الى كون ان الانفلات في زيادة سعر الفائدة دفعة واحدة ومن قبل مجموعة دول كبيرة قد يؤدي الى ركود اقتصادي مصطنع في هذه الدول يمنع مواطنيها من الصرف على ما يحتاجونه من سلع وخدمات والتي مصدرها الرئيسي الدول الفقيرة او ذات الاقتصاد المتصاعد الذي يعتمد اقتصادها على صادرات المواد الصناعية الاستهلاكية والمنتجات الزراعية .
اوروبا والولايات المتحدة الامريكية تتهم روسيا بما الت اليه الحالة الاقتصادية فيها . انهم يتهمون روسيا بانها هي المسؤولة عن انقطاع الطاقة الى اوروبا مما ادى الى ارتفاع اسعارها والتي بدورها سببت بارتفاع الاسعار عامة. ومن اجل اطفاء حرارة الاسعار قررت البنوك المركزية رفع سعر الفائدة على القروض بذلك اصبح الاقتصاد الوطني يعاني من جبهتين ارتفاع الاسعار وارتفاع سعر الفائدة والتي ستكون نتيجتهما هو التراجع الاقتصادي والذي قد تظهر علائمه في الربع الاخير من هذه السنة او الربع الاول من السنة الجديدة , 2023.
وكما تعاني الدول الصناعية من علاقاتها مع روسيا من حيث توريد الطاقة والمواد الخام , فان الدول الفتية ستعاني من انخفاض صادراتها الى الدول الصناعية . على سبيل المثال , سعر كوب قهوة ستاربكس (ٍStarbucks) يعادل خمسة دولارات في الولايات المتحدة الامريكية , ولكن عندما يفقد الامريكي عمله سوف لن يستطع دفع خمسة دولارات عن كوب قهوة . ماذا سيحدث ؟ ستاربكس سوف لن يشتري الكثير من حبوب القهوة والتي ستكون طعنة نجلاء لمزارعي القهوة في افريقيا والذي ينعكس سلبا على اقتصاديات الدول المصدرة لها . قائمة الدول المعتمدة على الدول الصناعية طويلة والمواد التي ستتأثر بالتراجع الاقتصادي ستكون اطول , وعلى اثرها سيعم التراجع الاقتصادي العالم باسره , الدول المصدرة للنفط والدول الغير مصدرة له . تذكر انه عندما تعافى الاقتصاد العالمي من مشاكل جائحة كورونا , زاد الطلب العالمي على الطاقة ومعها زادت اسعارها . ولكن اذا تراجع الاقتصاد العالمي فان هذا التراجع سوف يؤثر سلبا على طلب الطاقة وعلى اسعارها ايضا, وفي بلد مثل العراق, فان تقلص الطلب على نفطه سوف ينعكس سلبا على ميزانيته المالية وعلى قدرته في دفع رواتب موظفيه .
ولكن ما هو حجم تأثير التراجع الاقتصادي المتوقع على العالم ؟ البنك الدولي توقع في شهر حزيران 2022 انخفاض النمو في الاقتصاد العالمي من 5.7% في عام 2021 الى 2.9% في عام 2022 , اقل بكثير من نسبة 4.1% التي كانت متوقعة في كانون الثاني 2022. ايهان كوسي , مدير مجموعة افاق التنمية في البنك الدولي عزا هذا التراجع الى اشتداد " التوترات الجيوسياسية والتي لها اثار على اسوق السلع ..تشديد شروط التمويل بصورة اسرع من المتوقع بسبب ارتفاع اسعار الفائدة , والاضطرابات المرتبطة لكورونا ..." وتوقع الصندوق , ان يستمر التباطؤ الاقتصادي في 2023 الى 2.9% وهو ما يقل بواقع 0.7% نقطة عن توقعات التقرير السابق . ورصد التقرير التضخم العالمي الى 6.6% في الاقتصاديات المتقدمة , فيما يصل الى 9.5% في اقتصاديات الاسواق الصاعدة و الاقتصاديات النامية .
الكاتب البريطاني ارفيند سوبرامانيان كتب في صحيفة فانينشال تايمز (Financial Times)البريطانية عبر عن تشاؤمه عن مستقبل الاقتصادي العالمي عازا ذلك الى :
نهاية عصر التمويل الرخيص (الفائدة على القروض)
تلاشي عصر العولمة (قوانين تحد من حركة التجارة والانتقال)
انتهاء التقارب الاقتصادي بين الدول (النزاعات التجارية بين الصين وامريكا)
تضاؤل التعاون العالمي (الحرب الاكرانية-الروسية)
والتنافس القوي بين الدول العظمى (امريكا و الصين , امريكا وروسيا, اوروبا و روسيا ).
هذه التحولات مجتمعة سوف تعود بالعالم الى عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية حيث كان عنوان المرحلة او الحقبة "الحرب الباردة", والتي كان احد ضحاياها تدفق التجارة , انتقال الافراد والمعلومات والافكار, وبطء في التنمية الاقتصادية العالمية .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي