|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
نضال حمد
2005 / 11 / 12
يتابع السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينيةالتي تعتبر وفق اتفاقيات اوسلو ووفق اعتراف وأعراف الأمم المتحدة العاجزة واللجنة الرباعية المنحازة،ووفق الولايات المتحدة الأمريكية الشريك الأول والأساسي الملتزم بكل ماهو لمصلحة"إسرائيل"انهامسئولة عن تسيير أعمال السكان في مجموعة الجزر والبؤر المعزولة والمحاصرة في قطاع غزة والضفة الغربية. ومن إحدى البؤر المحاصرة والمستباحة في الوطن المغتصب يتابع عباس سياسة الهيمنة والاستيلاء والشطب لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية،هذه المؤسسات القانونية التي بناها الشعب الفلسطيني عبر عشرات السنين من النضال بالدماء والعطاء والتضحيات.
تأتي تحركات السلطة ضمن مسلسل البدع الأوسلوية الذي أصبح نوعا من الكوميديا السوداء في الساحة الفلسطينية،ومن جديد ماابتدعته تلك المؤسسة في الساحة الفلسطينية،المتمتعة بعقليةانقلابية على القوانين الداخلية وانبطاحية في المفاوضات مع الجهات والأطراف الدولية.فقيامها بتأكيد الالتزام بالقرارات الصادرة من البيت الأبيض الأمريكي والشريك الإسرائيلي.وعملها بنصائح ثورة الفاتح في جماهيرية ليبيا العظيمة،حيث طالب الرئيس الليبي كل الأنظمة العربية ومعها الفصائل الفلسطينية بالامتثال للاءات أمريكاوالاستسلام لها،وإلقاء السلاح لأن ليبياترى ان هناك إصرارا أمريكياعلى إيجاد حل للقضية الفلسطينية. لذا طلب الزعيم الليبي منهم أخذ العبرة منه شخصياً والعمل على غرار ما قامت به ليبيا. ومعروف ان ليبيا كانت فتحت وشرعت أبواب بلادها للأمريكان وغيرهم،حيث دفنت في رمل الصحراء سنوات الشموخ. وعلى غرار ليبيا فان السلطة الفلسطينية تفتح أبوابها غير الموصدة أصلا لكل من يرتاد المنطقة وتدفن سنوات البذل والعطاء والتضحيات مع نفايات المستوطنات القمامة على ارض فلسطين.
أحدث خطوة اقدمت عليها السلطة الفلسطينية مؤخرا تمثلت بإغلاق فرع الصندوق القومي في تونس،وهذه ليست سوى خطوة مثيرة أخرى من خطوات تفريغ منظمة التحرير الفلسطينية من بعض ما تبقى من مؤسسات شبه عاملة فيهاوذلك بغية إتمام عملية الإجهاض عليها.وهنا تحضرنا ذكريات المنظمة والسلطة والشعب الفلسطيني مع سياسة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات،حيث ان ما يقوم به محمود عباس الآن كان يقوم به ياسر عرفات سابقا لكن بمعايير ومحاذير أخرى. وتلك السياسة هي الامتداد الطبيعي لما يترتب على أهل اوسلو دفعه وفعله،بعدما دخلوا الحظيرة الكمب ديفيدية من بوابة اوسلو الاسكندنافية. وكان عرفات الذي بدأ بعد اوسلو سياسة إفراغ المنظمة من محتواها ووضعها على الرف حتى كاد الغبار يغطيها تماما،يعرف دائما أين يجب ان يتوقف،لذا كان يرفض في السابق تفريغ الصندوق القومي من محتواه وضمه لسلطة اوسلو،أولا لأنه عمل غير قانوني واعتداء مباشر على الشرعية الفلسطينية المتمثلة بالمنظمة ومؤسساتها القانونيةالتي لا يمكن إلغائهااو شطبهاإلا بقرار دستوري وقانوني.وثانيا لمصالحه الفردية والشخصية.ثمان صاحب الصلاحيات هو المجلس الوطني الفلسطيني وليس رئيس السلطة الفلسطينيةولا مؤسسات السلطةاومجلسها التشريعي. وايضا لكي يحافظ (عرفات) دائماعلى خط رجعة وعلى أوراق رابحة يخرجها وقت الشدة. كما انه كان دائما يقاوم ويرفض أن يصبح المطلب الأمريكي الإسرائيلي الأوروبي والدول المانحة بوضع الأموال بيد وزير اختاروه هم حقيقة وواقع عليه التعامل معه.مما يعني لعرفات ان عصب قيادته وعصب الحياة للمنظمة والشعب الفلسطيني قد يصبح بيد وزارة مالية تقوم الصهيونية العالمية والإدارة الأمريكية عبر الدول المانحة بالإشراف عليه.ورغم كل محاولاته لم ينجح عرفات في منع ذلك تماما،لكنه استطاع الالتفاف عليه وإعاقته.
اماالسيد ابو مازن فهو مع أمركة كل شيء في فلسطين،لكن لسوء حظه حتى ان الأمركة فلسطينيا ممنوعة امريكياً، فلكي ترضى عنك أمريكا بيمينها المتشدد الحاكم عليك ان تسلم بما تراه الصهيونية الاستعمارية الاحلالية مناسبا لك،وهذا بطبيعةالحال يعتبر أمراً غير مقبول لأي فلسطيني لازال يحترم تضحيات شعب فلسطين.
إن قرار عباس القاضي بالتخلص من بعض المؤسسات المركزية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية مثل الصندوق القومي والدائرة السياسية في تونس هو مقدمة لإعلان رسمي من قبله عن حلّ منظمة التحرير الفلسطينية،لكي يفقد اللاجئون في الخارج ممثلهم الشرعي والوحيد المعترف به دوليا،ولكي يتم استبداله بالسلطة الفلسطينية المولودة من رحم عملية اوسلو المعقدة.والتي أصبحت تتصرف وكأنها سلطة كل الشعب الفلسطيني مع أنهابالكاد تستطيع فرض سيطرتها على مقر المقاطعة في رام الله. ان ترك اللاجئين في شتاتهم بلا ممثل شرعي ووحيد واستبدال منظمتهم رسميا بالسلطة الفلسطينية، سيقود لانقسام كبير وخطير في الساحة الفلسطينية،هو في نهاية المطاف تحصيل حاصل،لأن نقاط الالتقاء بين السلطة ومن يعارضها فعلياأصبحت معدومة.وللأسف فان هذا الكلام يعني أيضا ان هناك مؤامرة على ستة ملايين فلسطيني في خارج بلادهم وفي الشتات يتم بموجبها حرمانهم من أي شيء. والذي يعزز هذا الكلام الانبطاح الواضح في سياسة السلطة،حيث تعمل على توطين اللاجئين الفلسطينيين حتى في جزر سيشل إن أمكن ذلك.وتصريحات رئيس السلطة في لبنان صيف هذا العام كانت واضحة، وتصريحاته كذلك لمجلة دير شبيغل الألمانية أيضا كانت أكثر وضوحاً.
جماعة السلطة بقيادة محمود عباس تريد إنهاء منظمة التحرير الفلسطينية، حل قضية اللاجئين عبر التوطين والتهجير والتجنيس،كذلك عبر شطب دور الفصائل الفلسطينية ودفن المقاومة وإلقاء سلاحها في البحر مقابل دويلة على شبه جزر في قطاع غزة والضفة الغربية.وهذا حقيقة ليس مطلبه هو بل مطلب أمريكي صهيوني موافق عليه من قبل غالبية دول جامعة العرب العتيدة.
يعمل عباس ضمن برنامج وخطة وضعتها الإدارة الأمريكية للمنطقة وبالتعاون مع العربان الذين يقومون بدورهم بتنسيق وتعزيز العلاقات مع الكيان الصهيوني وبالذات دول المغرب العربي وبعض دول الخليج بالإضافة لمصر والأردن اللتان لهما علاقات كاملة مع الاحتلال. وتأتي مشاركة ممثلين عن المغرب، تونس والجزائر في تدريبات يونانية إسرائيلية مشتركة في البحر قبل أيام تعبيرا عن سياسة الانفتاح(الانبطاح) العربي على الكيان الصهيوني،هذا الذي لم يبدل جلده كما الثعابين العربية.
نريد ان نقول للسيد عباس ان منظمة التحرير الفلسطينية التي أسسها القائد الوطني الكبير المرحوم احمد الشقيري وجدت كي تنتزع الحقوق الفلسطينية وكي تعيد الفلسطيني إلى وطنه وكي تحافظ على وحدة وتماسك شعب فلسطين،واستمرت وتصاعدت وصمدت وقاتلت دفاعا عن القضية وأوصلت فلسطين الى الأمم المتحدة وكل الدنيا،وصار لها سفارات ومكاتب تمثيل ومفوضيات في معظم بلاد العالم.تلك التضحيات قدمها كل أبناء فلسطين وبالأساس منهم اللاجئين،خاصة في الشتات. فبأي حق يسمح هو وغيره لأنفسهم بالتحدث باسمهم او نيابة عنهم والقبول بتوطينهم،يعني الدخول في المنطقة والمنطق الحرام،وكذلك الحديث عن نزع سلاحهم قبل الحصول على ضمانات لحقوقهم وأمنهم وسلامتهم.
نقول للسيد عباس الذي بقدرة قادر أصبح رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن لهذه المنظمة مؤسسات مثل المجلس الوطني والمجلس مركزي،واللجنة التنفيذية التي يرئسها،ومؤسسات مثل الوزارات،وكانت ولازالت حركة فتح أساسا تهيمن على مقدرات المنظمة وتعمل بالقانون ودونه ما يحلو لها داخل المنظمة،أما الفصائل فكانت ولازالت شاهد زور على تزوير الإرادة الفلسطينية داخل تلك المؤسسة الضخمة. وذلك لعجزها عن مواجهة فتح والدعوة لانتخابات فلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية في كل أماكن توزع وتشتت ووجود شعب فلسطين. فالبقاء رهينة المحبسين السلطوي والمعارض سيفقد القضية زخمها ويجعلها هدفا سهلا للأعداء.
نقول للجميع اين منظمة التحرير الفلسطينية؟
هل عملية استهبال الشعب الفلسطيني باعتقاد رئيس السلطة ستقود الى سلام حقيقي؟؟
لا نرى في الأفق بوادر وحدة وطنية فمتابعة ابو مازن لعملية تصفية مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بعدما كانت قد تأوسلت أيام سلفه الراحل تزيد من الفوارق والحواجز بينه وبين فصائل العمل المقاوم وبين الشعب الفلسطيني الطامح للحصول على حقوقه. إذ أن كل ما خرج ويخرج عن عباس منذ توريثه عرش السلطة الفلسطينية والمنظمة يعتبر تجسيدا حيا لعملية اوسلو وما تلاها، واستمرارا لها وكذلك تعلقا عجيبا بها. وهذا في نهاية المطاف سيضعف القضية الفلسطينية كثيرا لكنه قبل ذلك سيقاوم بقوة، بالرغم من انه متسلح بفيروسات حديثة،خطرة مثل فيروس انفلونزا الطيور.وظهور فيروس العبسلة الخارج من رحم فيروس الأوسلة في الساحة الفلسطينية سيهدد مستقبل فلسطين.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |